كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

د. عبد الله حنا: الدولة العربية السورية الحديثة في ذكراها المئوية.. وعملية بنائها

الدولة العربية السورية الحديثة في ذكراها المئوية .. وعملية بنائها
1918 - 1920
أولا
الوزارة (الحكومة العربية في دمشق الشام)
ضمت الوزارة الأولى المشكلة بعد إعلان الاستقلال في آذار /1920/ ثلاث مجموعات هي: مجموعة رضا باشا الركابي الموالي للانكليز.. ومجموعة علاء الدين الدروبي الموالي للفرنسيين.. والمجموعة الوطنية ممثلة بساطع الحصري.
وقد عكس ترتيب الوزارة بهذا الشكل نسبة القوى السياسية ودلّ على رغبة الملك فيصل في الجمع والتوفيق بين الاتجاهات المتباينة.
***
تشكلت وزارة هاشم الأتاسي في /3/ أيار /1920/ في خضم الكفاح العنيد وفي لهيب الصراع المحتدم بين جيوش الاحتلال الفرنسي وفرق المقاومة الممتدة على طول الساحل المحتل. ولكن رياح السياسة الدولية لم تكن تسير في صالح القوى الوطنية.
ضمت هذه الوزارة التي نُعتت بالراديكالية عناصر معتدلة وعلى رأسها هاشم الأتاسي، وعناصر وطنية "متطرفة" مثل ساطع الحصري والوجه الدمشقي البارز الدكتور عبد الرحمن الشهبندر، وعناصر موالية للاستعمار الفرنسي كعلاء الدين الدروبي

ثانيا
وضع الأسس المتاحة لبناء دولة حديثة على أنقاض الإدارة العثمانية
هذا الموضوع اشبعته بحثا خيرية قاسمية في كتابها "الحكومة العربية في دمشق 1918-1920" طبع القاهرة 1971. كما أنّ مجلة المجمع العلمي العربي تناولت بناء مؤسسات هذه الدولة وبخاصة الجانب التربوي، كالمجلد الخامس 1925 وغيره.

ثالثا
إرهاصات المجتمع المدني
1 - "النادي العربي" المؤسس في دمشق في أوائل عام 1919، كمؤسسة مدنية ذات وجه ثقافي وطني- أنشأ فروعاً في معظم المدن السورية. وسرعان ما أصبح النادي العربي مركز استقطاب القوى السياسية والثقافية. أُُلقيت فيه المحاضرات ونُوقشت فيه قضايا الوطن بجرأة، وعندما خطب الأمير فيصل في النادي موضحاً سياسته جرى نقاش تلك السياسة بجرأة وبالنقد البناء. ومثال ذلك الحوار، الذي دار بين الأمير فيصل والدكتور عبد الرحمن الشهبندر. وكثيرا ما شارك الأمير فيصل في جلسات النادي العربي معلنا في حزيران 1919 في دمشق إنه ينظر إلى السوريين على اختلاف أديانهم نظرة واحدة. وزاد في خطابه في حلب على ما قاله في دمشق: "نحن جسم واحد لا يفرّق بيننا اختلاف المذاهب، نحن عرب قبل موسى وعيسى ومحمد تجمعنا الحياة ولا يفرقنا سوى الموت".

2 إرهاصات أخرى للمجتمع المدني والسعي لتكوين منظمات جماهيرية وطنية:
- لجنة الدفاع الوطني المعبّرة عن الطموح للدفاع عن الوطن والوقوف في وجه سياسة المصالحة مع الفرنسيين المحتلين للساحل.
المبادر إلى إنشاء هذه اللجنة هو حزب الاستقلال الواجهة العلنية لجمعية العربية الفتاة، حيث عُقدت عدة اجتماعات في الأحياء الشعبية برز أثناءها الشيح كامل القصاب الضليع في الخطابة والمقدرة على إثارة الجماهير. وشرعت لجنة الدفاع الوطني بتنظيم تدريب المتطوعين للدفاع عن الوطن على نفقة الأهالي... راجع تفاصيلها في جريدة المفيد الدمشقية أوائل 1924 الموجودة في مكتبة هالة الألمانية وغير المتوفرة في دمشق.
- اللجنة الوطنية العليا المنتخبة من ممثلي الأحياء ، حيث جرى في 17 تشرين الثاني 1919 اجتماع كبير عُقد في دار الوطني الشعبي ابن أحد الاقطاعيين (المتخلي عن طبقته) فخري البارودي. خطيب هذا الاجتماع الشعبي هو الشيخ كامل القصاب الوطني التنويري. وجرى من وحي هذا الاجتماع وضع "نظام اللجنة الوطنية العليا".
- البرلمان أو المجلس النيابي أو مجلس الشورى وهو ما عُرف بالمؤتمر السوري العام. وهو ما سنتناوله في حلقة لاحقة.