كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

نعم هي حرب بين الجبهة الحسينية والجبهة اليزيدية

أُبي حسن- فينكس

عندما كتب قائد الثورة الإسلامية في إيران، السيد علي خامنئي، قبل نحو الشهر وبمناسبة أربعينية الإمام الحسين (ع)، تغريدة على منصة "إكس"، قال فيها: "إنها حرب بين الجبهة الحسينية والجبهة اليزيدية"، خرج وكر دبابير أمريكي الهوى وصهيوني العقيدة، ومع الأسف عربي اللسان، لينتقد تغريدته مختزلاً إياها بالحدث الدامي الذي وقع قبل نحو أربعة عشر قرناً عندما قام يزيد بن معاوية بأفعاله التي يندى لها جبين الإنسانية عامة والإسلامية خاصة، متجاهلة تلك "الدبابير" أن العالم الإسلامي بمختلف طوائفه تجاوز ذلك الحدث، وبات يتعامل معه بصفته الرمزية، بمعنى أن الإمام الحسين رمز للثورة ضد الظلم والفحش، والكرامة والشرف والنبل، ومن هنا تأتي أهمية إحياء عاشوراء، فيما يزيد هو رمز لنقيض كل ماسبق ذكره بل هو رمز لكل نقيصة.

وقبل الاسترسال بالحديث، لابدّ من التأكيد أن الامام الحسين ومايرمز إليه ليس ملكاً لطائفة دينية أو مجموعة بشرية دون سواها، بل هو ملك الإنسانية عموماً والمسلمين الشرفاء على مختلف خلفياتهم خصوصاً، ولابأس أن نذكّر هنا أن من أفضل ما كُتب عن الإمام الحسين هو ماكتبه العلّامة العربي اللبناني عبد الله العلايلي رحمه الله، ويليه الأديب المصري عبد الرحمن شرقاوي.

بالمعنى الذي عنيناه أعلاه، نجد أن الشهيد جول جمال بن مدينة اللاذقية والذي استشهد في مصر إبّان العدوان الثلاثي عام 1956 كربلائي حسيني، وقبله الشهيد السوري الدمشقي الوزير يوسف العظمة، والشهيدة حميدة طاهر ابنة محافظة الرقة السورية والتي نفذت عملية استشهادية ضد الاحتلال الإسرائيلي في بلدة جزين جنوب لبنان عام 1985 كربلائية حسينية وإن بعثيتها لاتتعارض والمدرسة الحسينية، كما نجد أن الشهيدة سناء محيدلي كربلائية حسينية وإن عقيدتها الحزبية السورية القومية الاجتماعية تتلاقى والقيم السامية للمدرسة الكربلائية، كما نؤمن أن الشهيد المصري سليمان خاطر (الذي قتل خمسة عناصر صهاينة عام 1985 في سيناء وتم شنقه بظروف غامضة في زنزانته 7 يناير عام 1986) هو كربلائي حسيني، والأمر نفسه نراه في الشهيد الأردني ماهر جازي الذي ارتقى منذ بضعة أيام مجسّداً ضمير الشعب الأردني بعد أن تشبّع بالفطرة بقيم وآداب المدرسة الحسينية.. عموماً قائمة المدرسة الكربلائية وفيرة العدد وتاريخها عريق، ومانشاهده من تضحيات المقاومين في فلسطين ولبنان، بالأمس البعيد والقريب، وراهنا ضد أقذر وأنذل عدو هو قمة الكربلائية والاقتداء بالمدرسة الحسينية.

الجبهة الحسينية، في تاريخنا الحديث، هي المواقف العربية المشرّفة من القضية الفلسطينية لرؤساء كهواري بومدين وجمال عبد الناصر.. الجبهة الحسينية هي الجهاد الذي نعيشه منذ أكثر من أربعين عاماً في جنوب لبنان ومنذ نحو سبعة عقود في فلسطين. وسيد الكربلائيين الآن ودون منازع هو الصادق الأمين حفيد السيد الرسول وابن فاطمة الزهراء سماحة السيد حسن نصر الله (وبالآتي حزبه) الذي لاتأته الخناجر من العدو الوجودي لنا كعرب ومسلمين فقط، بل من بعض من يلهجون لغة الضاد ممن باعوا أنفسهم بثمن بخس للشيطان الأكبر، أو ممن مازالوا أسرى أحقاد طائفية دفينة.

أما الجبهة اليزيدية، فليست محصورة بالعملاء والخونة من أي لون وجنس ودين كانوا، وليتها كانت فقط مقتصرة على الولايات المتحدة الامريكية (الشيطان الأكبر، وفق تعبير الامام الخميني) وتابعها حلف الناتو، بل نجدها في المواقف المخزية لرأس النظام التركي، ومواقف عدة أنظمة عربية، تساعد العدو الإسرائيلي سرّاً وعلانية، وتعمل على مده بأسباب وجوده كي يكمل مذبحته ضد ما تبقى من فلسطينيين، تلك الأنظمة التي يحافظ "حكّام"ها على عروشهم على حساب دماء الفلسطينيين واللبنانيين وإلى حد ما السوريين.. الجبهة اليزيدية نجدها في الإعلام العربي الأكثر من عاهر من قبيل (الجزيرة، العربية، الحدث، سكاي نيوز، أورينت، وبرنامج "ماتبقى" في تلفزيون سوريا)..

الجبهة اليزيدية كائنة في مواقف بعض المعارضات السورية الرخيصة هي ومواقفها.. والجبهة اليزيدية هي في بعض الآراء السفيهة والقميئة للدكتور رياض نعسان آغا وزير الثقافة السورية الأسبق عندما يهرف -قبل نحو الشهرين- عبر إحدى البرامج اليزيدية في تلفزيون سوريا زاعماً بكل برودة أعصاب أن حزب الله ليس عدواً لإسرائيل ولم يكن يوماً عدواً لها!

الجبهة اليزيدية هي التي تقتات على دماء الأبرياء وتعتاش على أشلائهم.. هي الجبهة التي تتلذذ في رؤية أبناء جلدتها يعانون الأمرّين شريطة أن تكون هي مرفهة ومصابة بداء البطر.

الجبهة اليزيدية واسعة الانتشار، وطويلة الذراع، ولها باع كبير في نبش الأحقاد والضغائن، وتتفنن في بثّ السموم وخدمة العدو بذريعة "الحرية" تارة، وبدعوى "احترام الرأي الآخر" تارة أخرى، ومرة أخرى تحت يافطة "الليبرالية" وهلم جرا...

نعم، الجبهة اليزيدية قادرة ومقتدرة، وهذا ليس سرّاً كما إنه ليس امتيازاً لها، لكن ولأنها يزيدية لم تقرأ قوله تعالى "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة"، ولنا في الماضي القريب عبر، كما إن غداً لناظره قريب.