كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

اللحظة والصفعة.. وماجدة الرومي

معن حيدر

بعد أنْ انتهتْ نشرة الأخبار الرئيسية والإعلانات، أطلّتْ المذيعة من الاستديو المركزي لتقول:
أعزائي المشاهدين (لحظات) وننتقل بكم إلى دار الأوبرا بدمشق لنقل حفل المطربة ماجدة الرومي في بث مباشر من هناك..
في تلك (اللحظات) التي سبقتْ النقل، ساد التوتر الخفيّ كادِرَي العمل في الاستديو المركزي وفي عربة النقل، كما يحدث في كل نقل.
تم الانتقال، ومرتْ لحظات أخرى استقرتْ فيها الأمور.
وزال التوتّر بعد أن صدح صوت السيدة ماجدة الرومي:
يسعد مساكم يا أهل الشام...
-لغويا: اللَّحَظات مفردها لَحظة، واللَّحْظَةُ: هي الوقتُ القصيرُ بمقدارِ لَحْظِ العيْن.
وفعلها لَحَظَ يَلْحَظ، والمصدر لَحْظًا
-علميا: اللحظة هي فترة زمنية تقدّر بـ 1/16 ثانية (جزء من ستة عشر جزءا من الثانية).
حيث: تستمر رؤية العين البشرية الطبيعية لمدة 1/16 ثانية لأي صورة. نظرًا لأن الدماغ والعين البشرية لا تستطيع معالجة سوى 12 صورة في الثانية تقريبًا.
وتعتبر النسبة 1/16 من الثانية رقم مرجعي للتصوير السينمائي والتلفزيوني، لأجل استمرارية حركة الفيلم في عين المشاهد دون تقطيع.
وكما نعرف فقد نشأتْ فكرة التصوير بالأصل من رغبة الإنسان بالتقاط (لحظة) من الزمن كنوع من التوثيق أو رغبة في إستعادة ذكرى تلك اللحظة لاحقاً... وبدأتْ أولى تجاربه في ذلك بالكتابة (التدوين) وتطورت مع تطور مداركه وتطوير أدواته وتقنياته إلى الرسم ثم التصوير الفوتوغرافي ثم السينما فالتلفزيون.
-أما في حياتنا اليومية فكثيرا ما نستخدم (اللحظة)، وحينها يتراوح زمنها من عدّة دقائق إلى عشرات الدقائق، خاصة لدى السيدات الفاضلات أثناء استعدادهنّ للخروج في زيارة أو لحضور مناسبة، عندما تقلنَ لأزواجهنّ: لحظة وبكون خالصة.
-وفي العمل التلفزيوني تمر أحيانا (لحظات) كأنّها الدهر.
++ونتابع مع اللغة لنجد أنّ:
اللَحظ: هو مصدر لَحَظَ، وجمعها: لِحَاظٌ لُحُظ ولواحظ وألحاظ
ودرج في الأدب استخدام: اللحاظ واللواحظ والألحاظ كناية عن العين نفسها
يقول المتنبي:
مُطاعَةُ اللَحظِ في الألحاظِ مالِكَةٌ/ لمُقلَتيها عظيمُ المُلكِ في المُقَلِ
ويقول "ابن الأبار الأندلسي":
وتبسَّمتْ عن واضحاتِ لآلِئٍ/ مغروزة في فائقِ المَرجانِ
ولَئِنْ رَنتْ بِلواحِظ من نَرجسٍ/ فلقد عَطتْ بأناملِ السُّوسانِ
ويقول البحتري:
كِلانا مُظهِرٌ للناسِ بُغضاً/ و كلٌ عند صاحبهِ مَكينُ
وأسرارُ الملاحِظ ليس تَخفى/ وقد تُغري بِذي اللَحظِ الجُفونُ
وتغنّي سميرة توفيق:
أسمر خفيف الروح بلحظه رماني
أما ناظم الغزالي فيغني"
وألحاظ كأسياف تنادي
++نعود إلى التلفزيون، لأذكر حادثة طريفة حصلت معنا في نقل إحدى الحفلات الغنائية من صالة الفيحاء الرياضية بدمشق في تسعينيات القرن الماضي، احتفالا بإجدى المناسبات السياسية:
كان مشاركا في الحفل المطرب الأردني ربحي رباح الذي كان مشهورا بأغنيته (الضاربة للسما) آنذاك:
ولّعها ولّعها نار نار نار
وعندما جاء دوره وأعلنتْ مقدمة الحفل عنه، ضجّتْ الصالة بالتصفيق والصفير
عزفتْ الموسيقا مقدمة الأغنية فضجّتْ الصالة أكثر
صعد المطرب إلى المسرح وتناول المكرفون اللاسلكي من فني الصوت
ووسط التصفيق الحاد بدأ يرقص (وينط) ويغني: نار نار نار
ولكن دون صوت، فقط صوت الموسيقا الهادرة
في هذه (اللحظة) اكتشف فني الصوت أنّه نسي أن يشغّل المكرفون (ON)
فقفز إلى المسرح وأخذ من المطرب المكرفون وشغّله
طبعا برد الجو وانقلب التصفيق إلى (ووووووووووووو)
وأعتقد أنه لولا الحياء كاد المطرب أنْ يصفعه، كما صفع مؤخرا مطرب مشهور أحد المعجبين على المسرح، حسبما قرأنا.
وتقول الصحف إنّ ثمن الصفعة سيكون مليار جنيه مصري
++ أخيرا سأروي لكم لاحقا حكاية الحفل الفني للمطربة ماجدة الرومي في دار الأوبرا بدمشق في عام 2004/ 2005.
بعد قطيعة دامت طويلا.