كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

حدث مع ابن صديقي

مروان درّاج:

رائد شاب جامعي في سنته الثانية، وعد والديه أنه سوف يحتفي بهما في وقت قريب، وهو تعبير رمزي من جانبه أنه أصبح شابا ولا بد من المساهمة في شؤون البيت.
كان هذا الشاب طيلة العام الدراسي يوفر ما تيسر من مصروفه الأسبوعي من أجل اليوم الموعود.
بالأمس حان وقت الاحتفاء وقال لوالديه منذ الصباح الباكر (لا تغلبوا حالكم ولا تطبخوا، اليوم عازمكم على عشاء مشاوي)..
في المساء، وحين حان الوقت، توجه رائد إلى مطعم قريب من بيته والسرور يملأ قلبه، دخل المطعم مزهوا ومتبسما ويلبس أفخر ما عنده كي يبدو ابن (ناس منعمة) في زمن لا أحد يجرؤ الدخول الى المطاعم سوى تجار الحرب ومن يدور في فلكهم من (حرامية)، توجه إلى (الكاشير) وقال (لو سمحت بدي كيلو مشاوي غنم مع بصل وبندورة.. وكمان صحنين متبل وحمص وصحن سلطة على كيفك واعمل حسابك أنهم سفري)، أجابه الموظف على عيني عمو (الحساب 290 الف ليرة.. وبعد ربع ساعة بيكونوا جاهزين).. شعر رائد وكأنه لم يسمع الرقم جيدا، فسأله ما هو الحساب؟ أعاد الموظف الرقم مرة اخرى بصوت عال، حينها وحسب كلام - رائد - شعر بدوران في الرأس وكاد أن يقع أرضا من هول المفاجأة، اعتذر من موظف المطعم وقال.. رجاء الغ الطلب..
عاد أدراجه إلى البيت مطأطأ الرأس والخذلان يملأ وجهه، دخل البيت ليجد الجميع متحلقا حول طاولة المطبخ بانتظار المشاوي الموعودة، سأله والده ووالدته وشقيقته التي لم تأكل منذ الصباح.. أين المشاوي؟!..
تحدث بكثير من الخجل وبصوت متلعثم: المبلغ الذي بحوزتي لم يكف مع أني استطعت على مدار شهور توفير مئة الف ليرة، وكنت أعتقد ان المبلغ يكفي لشراء مشاوي وبوظة وبعض الحلوى.
الكل ضحك وقالوا له (ولا يهمك.. قريبا في يوم عيد ميلادك سوف ندعوك على أطيب مشاوي).. ونهضت والدته وبدأت باعداد طبخة (المجدرة) وإلى جانبها البندورة والمخلل والبصل الاخضر وقليل من الزيتون، نضجت الطبخة والجميع تناول الطعام بشهية وفرح مزيف، والكل عيونه متجهة نحو رائد.. والأجمل أن والدته قالت: (كانت ستي تقول يا ريت المجدرة فطوري وغداي وعشاي)، حينها، الكل ضحك وردد (تحيا ستك والمجدرة.. وطز بالمشاوي).