كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

ياللهول.. ما هذا المشهد؟..

أحمد رفعت يوسف

إسماعيل هنية (السني المتطرف) شهيدا في طهران (عاصمة الشيعة في العالم) ويصلي عليه المرشد علي خامنئي (إمام الشيعة) ووراءه مئات الآلاف من المشيعين (السنة والشيعة).
لا تستغربوا، ان هذا السؤال، موجود مع أفواه فاغرة، في غرف وأروقة قصور الحكم، وأجهزة الاستخبارات، في المنظومة الاستعمارية الصهيونية الغربية، ويزلزل عظام قادة الصهيونية العالمية، الأموات منهم والأحياء، من هرتزل وبن غوريون، الى نتنياهو وبرنار هنري ليفي..
مخطئ من يظن، أن هذا المشهد عادياً..
فهو انقلاب، يطيح بكل جهود المنظومة الصهيونية والاستعمارية، على مدى أكثر من مئة عام.. ويعلن الانتصار المذهل، للعقل الذي اوصلنا إلى هذه الصورة.
كان المطلوب صورة واحدة فقط، وهي أن نرى هنية وخامنئي، ومن ورائها ومعهما من جيوش وأتباع ومريدين، وهم يتناحرون بالسيوف، والسكاكين والسواطير والبنادق والدبابات، وحتى القنابل النووية، لو وجدت، ولا شيء آخر بينهما، سوى الذبح والقتل.
ومع أن صورة هنية، ومعه ناكر الجميل خالد مشعل، وهما يعلنان انزياحهما، وراء ثورة العار والغرائز، ويلوحان بعلمها، جعلت الدم يغلي في عروقنا، ونحن نرى قوافل الشهداء، والدماء تنسكب انهاراً، من عناصر الجيش السوري، والمقاومين، على يد هؤلاء، واشباههم، من قطعان الإسلام الصهيوني (الأخواني الوهابي) وعندما رأينا عاصمة الشتات الفلسطيني، وأرشيف الذاكرة الفلسطينية، في مخيم اليرموك، قرب دمشق، وهو يسقط بيد هؤلاء، وأن من كان دليلهم، وفي مقدمتهم، مرافق مشعل، وعناصر من حماس.. والغريب أن هذه المشاهد، هي نفسها التي نراها اليوم في غزة، بعدما ظهرت صورة المشغل الحقيقي، بوجهه السافر، وبدون أقنعة، لنتأكد أن كل من ارتكب هذه الأفعال، لم يكونوا سوى أدوات بهائمية، لهذا المشغل الحقيقي.
نعم، كانت صورة قاسية جداً، ومن الصعب أن ننتجاوزها بهذه السهولة.. وكان الكثير منا، يرون صعوبة حتى في تقبل السيد حسن نصر الله، رغم كل ما يستحوذه من ثقتنا، وكذلك أصدقاءنا شركاءنا في الدم، في طهران، وهم يعملون، حتى لا تنقطع شعرة العلاقات بين سورية وحماس، وكنا نتساءل، أليسوا هم من يحللون دماءنا ودماءكم، على المنابر.
كان واضحاً، أن هناك من يتعالى على الجراح، ويكظمون الغيظ، ويعضون على النواجز، من خذلان ممن ضلوا الطريق، ويتبعون معهم، طريق أن نصرة أخاك (ظالماً) تتطلب الصبر عليه..
فالمقاومة ليست ملكا لأشخاص، ولا لأي جهة او تيار، أيا كان، وهناك من لم يوافق هنية ومشعل على خطيئتهما، والقضية أكبر من الجميع، وإدارة المعارك والحروب والصراعات، والأهم معركة الوعي، تتطلب الحكمة، والصبر والعقل البارد.
وهذه الحكمة، هي التي رأيناها في دمشق، حيث صراعها مع عدو وجودي، وليس مع أشخاص، ضلوا الطريق، ودمشق هي عمود المقاومة، وميدانها، ونقطة ارتباطها، وتواصلها، وعمقها الاستراتيجي، والجيوسياسي، ولا يمكن أن تتخلى عن دورها، وهذه الحكمة، هي التي تابعت إيصال الكورنيت والصواريخ، من دمشق إلى غز.ة، وهي التي أمنت للمقاومين في غزة، عوامل المواجهة والصمود.
لا شك أننا ندرك، ان هناك كثيرون، ممن لا يستطيعون الغفران ونسيان الماضي، لأن الجرح كبير، والألم أكبر.
لكن ما نستطيع تأكيده، هو أن مشهد طهران، واحد من أهم اللحظات الفاصلة في التاريخ، التي انتصرت فيها الحكمة، والعقل، والصبر، على طوفان الغرائز، وثقافة القتل والذبح والتكفير.
وهذا المشهد، سيغير خارطة العالم..
لا شك أن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت، لكنه أصبح أمام ناظرنا، وأعطوا الفرصة لأهل الحكمة والعقل وسترون النتائج.. وفرحة الانتصار، تكون عادة على قدر التضحيات، وأول الفرحين سيكونون أهالي الشهداء والضحايا.