كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

على نتوءات حادة

علي نصر الله- فينكس:

يقال إن تركيا في منتصف العام المقبل ٢٠٢٣ ستكون أمام منعطف تاريخي كبير، ذلك أنها ستشهد ربما أهم دورة انتخابات برلمانية - رئاسية في تاريخها الحديث.
ويقال إن تركيا التي تغلي على وقع أزمات اقتصادية حادة، قد لا تقوى على انتظار حزيران ٢٠٢٣، بل ربما - هي بالتحديات الماثلة - تقف اليوم على حافة خطرة وعلى نتوءات تحمل كل مخاطر الانهيار الكامل.
هذه المقولات، التي تتوقع الأسوأ، وقوعه، وحصوله، لا يطلقها محللون وسياسيون معارضون لرئيس النظام المستبد أردوغان، المتضخم بلا حدود، وانما تصدر عن قيادات حالية، وسابقة، في حزب العدالة والتنمية الحاكم المتفرد الذي صادر البرلمان والجيش والقضاء، والذي قاد البلاد إلى سلسلة من الأزمات السياسية مع كل الدول المجاورة، ومع الناتو والاتحاد الأوروبي، كما مع روسيا والولايات المتحدة، فضلاً عن الأزمات الاقتصادية المتمثلة بتسجيل معدلات تضخم غير مسبوقة تجاوزت ٥٠ بالمئة.
أسعار الصرف التي تدلل على انهيارات وشيكة / الدولار الواحد من ٤,٣ إلى ١٣,٥ من العملة الوطنية التركية / مع ارتفاع أسعار جنوني، مع انحسار خدمات القطاع العام، مع ارتفاع المديونية، وتراجع واستنزاف الاحتياطيات البنكية، بمجموعها كمحددات استراتيجية باتت تشكل عوامل حاسمة ضاغطة على حكومة أردوغان وشعبيته الإخوانية، وبعدة أمثال تضغط على الشارع التركي وأحزاب المعارضة التي ستفقد مشروعيتها ما لم تتحرك لإحداث الفرق الذي ينتظره جمهورها.
استبداد أردوغان، تضخمه، تفرده، واقالته لكل من يخالفه الرأي، قد يكون من الطبيعي أن يقوده هذا إلى النتيجة الحتمية، السقوط المدوي، مع احتمالات أن يخضع لمحاكمات ربما تبدأ من قضايا الفساد التي تطوق عنقه مع أفراد العائلة، وقد لا تنتهي بمحاكمته على قضية دعمه للحثالات الإرهابية، خاصة مع توفر حزمة أدلة أقلها زلات اللسان التي وقع بها جو بايدن الرئيس الاميركي الحالي عندما كان نائباً للرئيس.
بايدن في مناسبتين علنيتين / جامعة هارفارد ٢٠١٤، وأنقرة ٢٠١٦ / ثبت اسم تركيا أردوغان مع من أطلق عليهم آنذاك صفة أصدقاء أميركا الرائعين في دعمهم تنظيم القاعدة الإرهابي والتنظيمات المرتبطة به في سورية، قبل أن يعتذر عن ما سمي وقتها بزلات لسان بايدن.
لن تسقط بالتقادم، زلة لسان بايدن، بل هي دليل إضافي، ولن تطوى جريمة اغتيال السفير الروسي في أنقرة، ولن تتجاوز القارة العجوز - رغم ضعفها - محاولة ابتزازه لها مرات باغراقها بالمتطرفين، أما دول الجوار فقد راكم أردوغان معها من الحماقات ما لا يمكن امتصاصه أو نسيانه.
الأخطاء الكارثية التي ارتكبها المستبد أردوغان، وقد صارت بحجم جبل كبير، ان لها أن تتشظى في وجهه، انشقاقات داخل حزبه، إذا كانت ستحرق هذا السلطان الواهم، فإنها لن تنقذ الحزب حتى لو استخدمت ورقة فتح الله غولن التي تحتفظ بها واشنطن!.
لقد وصل أردوغان إلى الحافة، بل يقف على النتوءات الحادة التي معها ما بقيت في جعبته لعبة بهلوانية أخرى يلعبها، وما بقي أمامه من فرصة جديدة متاحة لترحيل المشكلات المتفجرة، قد حان وقت دفع فاتورة العبث، وقد صار لزاماً أن يسدد باهظاً ثمن حساباته المستغرقة بالخطأ التي جعلته عالقا في مستنقع تقديراته الواهمة، ليبيا، سورية، مصر، أذربيجان، أرمينيا .. وستتكاثر الملفات التي تلاحقه، الداخلية منها، والخارجية.