كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

يوميات برلينية

محمد عزوز

 أول مايبهرنا في برلين
كنت متردداً في الكتابة عن يوميات كهذه من برلين، خوفاً من أثر سلبي قد أتركه بسبب ذلك، فإن تحدثت عن إيجابيات قالوا أن الأمر معروف والفارق كبير بيننا وبينهم، وإن تحدثت عن سلبيات أنكرها البعض وقالوا في الأمر مبالغة.
لقد بهرتني وما تزال وسائل المواصلات داخل (قطار – ترام – باص) من حيث نظافتها ودقة سيرها، بحيث تستطيع تحديد الوقت اللازم لوصولك إلى أي مكان بسهولة، تستطيع أن تصعد إلى القطار بشكليه (أوبان أو إسبان U أو S)، ويصعد معك كلبك ودراجتك وعربة أطفالك وعربة تسوقك.. ويصعد المعاق بوسيلة نقله.. الكل يتقيد بحركة الصعود والنزول. ومعظم الناس تملك بطاقات شهرية أو سنوية مع أن امكانية قطع بطاقات في المحطات موجودة.
ومالفت انتباهي أن سائق الباص ينزل بنفسه ليسهل صعود المعاق بعربته رجلاً كان أو امرأة، علماً أن صعود العربات سهل إليه بسبب آلية توقفه التي توصل أرضية بابه إلى سوية رصيف المحطة.
بهرتني أيضاً الأرصفة الواسعة التي تماثل اتساع متن الطريق المخصص للسيارات، وهذا الرصيف مقسم إلى مكان للدراجات العادية وآخر للمشاة، وأحياناً يخصص قسم من طريق السيارات للدراجات خاصة وأنها وسيلة نقل واسعة الإنتشار.
وما أجمل هذا الركوب الواسع للدراجات عند الذكور والإناث كباراً وصغاراً، حتى أصبحت ثقافة لحماية البيئة وممارسة للرياضة، وأجملها عند الأطفال الصغار الذين يتقيدون بإشارات المرور ويقفون عند التقاطعات حتى تسمح الإشارة لهم.
أولادي الثلاثة هنا بما فيهم ابنتي في برلين لكل دراجته التي يلجأ إليها عند وجود هامش يسمح باستخدامها، ولم أستخدمها شخصياً بسبب عدم التعود على قيادتها وأنا في بلدتي القدموس التي تخلو من هذا النوع بسبب طبيعتها الجبلية.
المدينة منبسطة في أغلب أجزائها، يخترقها نهر (شبريه) بفروعه المتعددة، وبعض فروعه قريبة من مكان إقامتي الحالية حيث أمارس رياضتي الصباحية على ضفافها، وأستمتع بمنظر طيور البجع والبط والوز وهي تسبح فيها، تماماً كاستمتاعي بقوارب التجديف التي يقودها شبان بأذرعهم القوية في المساءات غير الماطرة.
حاويات القمامة موجودة في حديقة في بهو كل بناية، وهي موزعة إلى ما يزيد عن خمس حاويات، يجب أن تتوزع فيها القمامة حسب تجنيسها (الطعام – البلاستيك – الورق – متنوعة..) أما زجاجات المشروبات فلها حاوياتها الخاصة الموجودة على أرصفة الشوارع كل حاوية ملونة حسب لون الزجاجة.
وقسم كبير من هذه الزجاجات تترك خارجاً ليقوم البعض بجمعها وبيعها لتتم إعادة تدويرها.
أهم من كل هذا وذاك أنك تحس أن الألماني مهتم بوطنه، الشارع له والحديقة له ووسائل المواصلات له، يحترم القانون ويطبقه، ويصيح بك وهو يعرف انك أجنبي إن رآك تخالف.
نبهت امرأة ليست شرطية سائقاً سورياً تعرفت إليه هنا كان يوصلني إلى مكان إقامتي، لأنه كان يريد أن يسير في شارع ممنوع، فارتدع وقال لي: أما رأيت كيف كانت تشير لي بالممنوع بيديها؟ علي أن ألتزم، وامرأة أخرى في مطعم حدثتها طالباً خبزاً بالإنكليزية ثم بالفرنسية فلم تستجب، ولما احتججت أمام أولادي وبعض أصدقائهم قالوا لي:
الكثير منهم يعرفون لغة ثانية ولكنهم يريدونك أن تحدثهم بلغتهم الألمانية، وإذا كنت تقيم بينهم عليك أن تتعلمها، ولذلك بشترطون تعلم اللغة في منح الجنسية..