كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مع حنا مينه

كتب صفوان زين:

اعتبرتُ نفسي محظوظاً عندما دعاني الصديق عبد القادر هلال مع عدد محدود من الأصدقاء الى العشاء مع صديقه الحميم حنا مينه في أحد مطاعم اللاذقية، اذ اعتبرتها فرصة ذهبية كي أتعرف الى الروائي الشهير مؤلف "المصابيح الزرق" و "الشراع والعاصفة" الروايتين الوحيدتين اللتين كنتُ قد قرأتهما له حتى ذلك اليوم.أ صفوان زين 2
منذ الوهلة الاولى لفتتني وسامةُ وجاذبيةُ رجل كان قارَب السبعين وقتذاك، مع مُضيّ السهرة لاحظتُ بأنه كان مُقِلّاً في حديثه مُكثراً من شربه للكونياك مشروبه المفضل، كنت ُ أجلس قريباً منه، التفت إليّ خلال الجلسة وفاجئني بالسؤال التالي "أنت من عائلة تجّار فمن أين أتاك هذا الاهتمام بالثقافة؟"، ترددتُ قليلاً قبل ان أجيبه بأنني موظف ابن موظف ولا امتّ للتجارة والتُجّار بأية صلة، ثم يا استاذ حنا أليست الثقافة آخذة في التحول السريع الى نوعٍ من التجارة؟ ابتسم ولَم يُجِب.
بعد انفضاض السهرة عرضتُ عليه إيصاله بسيارتي الى حيث يقيم، وافق بلا تردد، في طريقنا الى منزل شقيقته في الزقاق المتفرع من شارع اليرموك على ما أذكر و قبل وصولنا بدقائق معدودة وبعد أن عرف على وجه الدقة من أكون روى لي بأنه كان يعمل في مطلع شبابه حلاقاً في دكان حلاقة في الحارة الفوقانية، وكان يلفت نظره صباح كل يوم مرور طالب وسيم وأنيق متوجهاً الى مدرسته بحقيبته المدرسية الجلدية، وأضاف لم يكن هذا الطالب سوى شقيقك نعمان، ظروفه وضعته على طريق مدرسة الفرير في حين أن ظروفي وضعتني في دكان حلاقة، أجبته ولكن ظروفك يا أستاذ حنا ربما هي التي صنعت موهبتك وبالتالي مجدك الأدبي، شكرني وودعني وافترقنا على آمل لقاء ثانٍ لم يتحقق لسوء الحظ، تغمد الله حنا مينه بواسع رحمته.