كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الصمت المهيب.. ويسألونك عن صمت دمشق!

باسل علي الخطيب- فينكس

و يسألونك عن صمت دمشق..
و هل بقى في الحيل من حيل؟...
لم يبق لنا من رمق إلا و استهلكته سنوات تلك الحرب الفاجرة علينا، استهلكنا كل رمق فينا للحفاظ على الرمق الأخير ..
تسألون عن الرمق الاخير؟..
تخبركم تلك الصواريخ التي تطلقها المقاومة أننا استعملناه لإيصال هذه الصواريخ لهم....
تظهر صور الأقمار الصناعية لمنطقة الشرق الأوسط أن أغلب سورية مظلمة، وإن أخذنا زووم للكاميرا سيجتاح عيونكم كل ذاك الخراب في بعض مدنها...
هل تعرفون السبب؟...
حسناً، أريد تذكيركم أننا الوحيدون الذين لم نوقع، الوحيدون الذين لم نساوم، الوحيدون الذين لم نتواطأ...
ذات يوم، و بعد حرب بعتم فيها كلكم العراق، خرج كولن باول من قصر المهاجرين مطأطىء الرأس.. كولن باول كان قد قدم دمشق و خلفه على الحدود العراقية السورية 200 ألف جندي أمريكي، و وضع شروطه على الطاولة: أوقفوا دعم حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله ولكم ما تريدون...
كان يكفي أن يشير له الأسد إلى ذاك السيف الدمشقي في ساحة الأمويين، لن نخون ولن نسلم حتى لو وضعتم لبنان في يميني والجولان في يساري...
سنوات مرت، و كان الأسد على تلك الشرفة يقف وحيداً، يدير ظهره لكل تاريخكم، لكل فجوركم و أنتم جميعاً بين أحضان ايهود أولمرت...
هل نسيتم تلك الصورة؟!...
يبدو انكم نسيتم...
ألم أخبركم يوماً أن ذاكرة المومسات قصيرة؟...
بالمناسبة، ماهو مذكر مومس؟....
هذه الحرب الفاجرة التي شنت على سورية، شنت كرمى عيون الصهاينة، كانت الغاية تدمير الدولة السورية و الجيش العربي السوري، لأنه من دون هؤلاء لن تكون هناك فلسطين، لن تكون هناك مقاومة فلسطينية أو لبنانية، بل لن يكون هناك عرب حتى.....
نعم، نحن من أنقذناكم أن تكونوا عبيداً لشايلوك، ولكن، لحظة، لم ندرك أن أقصى مناكم أن تكونوا حذاءً ترتديه سالومي، هذه أدركناها متأخرين....
نعم، لطالما كانت سورية مأكولة مذمومة، كانت سورية قبيل هذه الحرب أفضل دول الشرق، كان العدو يخشانا، عودوا إلى تقرير الشاباك الذي أذيع في مؤتمر هرتسيليا عام 2010، عودوا إلى مذكرات بن غوريون.....
سورية الدولة والدور والعقيدة والجيش والقيادة كانت تشكل الخطر الداهم ليس على الكيان الصهيوني فحسب، بل على الصهيونية نفسها....
قلت أن سورية لطالما كانت مأكولة مذمومة، سبق و كتبت مقالاً عن (اللاسورية) كاقتباس مجازي من كلمة (اللاسامية)، أن سورية لم تكن الدولة الأكبر من حيث المساحة أو السكان أو القوة في (العائلة العربية)، و لكنها كانت الدولة الأكثر توثباً وإقداماً وتضحية ومشاكسة في سبيل الدفاع عن القضايا العربية...
احتوت سورية الكل واحتضنت الكل، هي الدولة الوحيدة التي للفلسطيني فيها حقوق المواطن السوري نفسها، هي الدولة الوحيدة التي شاركت في كل الحروب العربية مع الكيان الصهيوني، هي الدولة العربية الوحيدة التي دعمت المقاومة اللبنانية، هي الدولة العربية الوحيدة التي دعمت المقاومة الفلسطينية، هي الدولة العربية الوحيدة التي لم يكن لها أي علاقات مع الصهاينة أياً كانت العلاقات إضافة إلى الجزائر.....
هل من صدفة أن مكتب مقاطعة إسرائيل مقره دمشق؟!!... 
كل الصواريخ و القذائف التي تستعملها المقاومة اللبنانية و الفلسطينية خرج أغلبها من معامل الدفاع السورية، أو من مخازن الجيش العربي السوري......
لذلك أعلاه كنا محسودين.....
ذات حرب فاجرة تأمرتم فيها جميعكم علينا، فتحتم حدودكم ليتسلل الإرهابيون لكي يقتلونا، لم تتركوا أي وسيلة دعم سياسية أو مالية أو لوجستية أو تسليحية إلا و قدمتموها لهم، و دعكم من كل ذاك الحديث عن ماسمي الربيع العربي، منذ اللحظة الأولى التي أحرق فيها البوعزيزي نفسه أو أحرق كان الهدف قصر المهاجرين في دمشق، و كل ما عدا ذلك كان بروفات في تونس أو مصر أو في ليبيا أو اليمن......
نعم، لم تتركوا وسيلة لتدمير هذا البلد إلا واستعملتموها....
ولكن هاكم تعترضون الصواريخ التي تنطلق من اليمن والعراق باتجاه الكيان الصهيوني، تنطون وترقصون وتفرحون أنكم أنزلتم بعض المساعدات إلى غزة، وذاك المليك ذو النياشين التي تضيق بها بدلته وصولاً إلى السرة، لا يستطيع أن يضاجع مليكته إلا أن أخذ إذناً من وزير الداخلية الصهيوني....
تتباهون بفتح ذاك المعبر لسويعات و إدخال بعض شاحنات المساعدات، و كافور الإخشيدي القابع في القاهرة - أعتقد أنه حان الوقت لتغيير اسم هذه المدينة إلى المقهورة - كافور الإخشيدي هذا يطالب بتهجير أهل غزة إلى النقب....
 أما صاحب المنشار في الكيان الوهابي فتراه يدعو لجمع التبرعات لصالح غزة، ويهلهل لذلك ذلك الإعلام العاهر، وهو إياه وعلى مدى سنوات ست خاضت طائراته الـ F15 و F16 بعزم وحزم في دماء اطفال اليمن، أما والقصة هي في غزة فتكفي البيانات، وفي رواية أخرى يكفي الدعاء....
أي عار أنتم؟!..... 
حتى العار ذاته يخجل أن يوصم بكم... 
الصهاينة قالوا أن هناك  طيارين إماراتيين قد شاركوا في قصف غزة عندما كانوا متواجدين في الكيان لإجراء مناورات مشتركة....
فبأي آلاء ربكم تكذبون؟!.....
الطائرات الإماراتية والقطرية والبحرينية شاركت في قصف ليبيا (نصرة الشعب الليبي) كما قالوا، لماذا لا تتوجه الآن الطائرات السعودية والقطرية والبحرينية لنصرة أهلنا في غزة؟!!....
يعرض الإعلام المصري صوراً عن الجيش المصري، ترى آلاف الدبابات والمدرعات والطائرات وقد انتشرت على مساحات هائلة.... هل تذكرون الفيديو؟..... أين هي من غزة الآن، وكافور الإخشيدي إياه لا يجرؤ أن يدخل إلى سيناء عربة هامر واحدة إلا بإذن سيده الصهيوني...
أتذكرون عندما جمع محمد مرسي العياط عشيرة الإخوان في تلك القاعة في القاهرة وأعلن الجهاد في سورية ضد الدولة السورية؟... حسناً، أتحداكم جميعاً، أتحداكم يا أصحاب اللحى كلكم أن تعتلوا المنبر، لا أريدكم أن تعلنوا الجهاد، أتحداكم أن تدعوا لأهلنا في غزة فقط....
وتعيبون بعد كل هذا على دمشق صمتها؟!...
ألا تبت أياديكم وأفواهكم.....
أنصاف وأرباع رجال، تباعون وتشترون كأي حذاء أو بنطلون، ساحوا وجالوا على مدى تاريخهم في الفجور، لذا تراهم أمام سادتهم الأمريكان والصهاينة ينبطحون وباسمهم يسبحون ويحمدون، لأن مصيرهم في أيديهم ورقابهم تحت أقدامهم، أحدهم اتخذ صورة له شبيهة بكافور الإخشيدي، وآخر اتخذ صورة شبيهة بالخديوي إسماعيل، وآخر صورة شبيهة بالسلطان عبد الحميد.... يعلق أحدهم صورة لتشي جيفارا، ثم يحدثك بلهجة المغفور له الشنفرى، يتخذ أحدهم صورة له شبيهة بهيفاء وهبي، يرقص لمن يدفع أكثر، وآخر يريد أن يثبت انفتاحه وتحرره، فيحاول تقليد دانا و أخواتها، ترى أحدهم وقد زج بين شفتيه بسيجار عملاق، وصار يحدثك عن نظريات سارتر، علماً أن ثقافته بالكاد تصل إلى ركبتي مصطفى لطفي المنفلوطي....
هؤلاء هم أولئك الأعراب، من لقيط في السياسة، إلى نذل محكوم باللؤم المؤبد، إلى حرباء تفاخر بالعهر، وتتاجر بأبناء هذه الأرض في سوق النخاسة...
لم أقل لكم ذات مقال أن الأعرابي يولد من بطن الأعرابي، وهو يحمل على شفتيه وقع أقدام أبي لهب، في أحسن الأحوال أبو رغال؟!!.....
نعم، تظهر صور غوغل سورية مظلمة، ومدنها متعبة، ويعلم الله أننا شعب منهك، وما فينا منكم ليس رضوضاً في المشاعر، أو التهابات في الأحاسيس أو كسوراً في الثقة فحسب، ما فينا هو خلع في الروح، ولكن عندما نرى كل ذاك الدم الذي يراق في غزة، مازلنا نشعر أنه دمنا، ونشعر على الأقل ببعض راحة الضمير، أننا لم نقصر يوماً في حق أصحابه...
ذات يوم تعثر كريستوفر بيل وهو يصعد درج الطائرة التي ستقله من دمشق، كان ذلك بعد لقاء مطول مع الرئيس حافظ الأسد، و لسان حاله يقول أريد أن أهرب من هذا الجحيم... سنوات مرت، وغادر كولن باول دمشق، وهو لا يصدق أن هناك رئيس دولة ما في العالم وهي دولة صغيرة يقول لا لأمريكا، يقول لا لأمريكا وعلى يمينه  الجيش الأمريكي و على يساره الأسطول السادس الأمريكي...
سنوات مرت، كان يكفي أن تطأ فيرونيكا إياها أرض الكيان الوهابي حتى سجدتم جميعاً أمام قدميها، وتحت كعب حذائها فرشتم الشوارب واللحى وكل تلك الأموال...
حدثتكم أعلاه عن الرمق الاخير، كان يقال عن كليب بن وائل أنه لا يلتفت لأقل من أربعين فارس، فهل ستلتفت دمشق لجعير الضباع؟!...... 
اسمعوني جيداً، لن يكون هناك من عاصم من أمر الله إن استعملنا الرمق الاخير، نعم، مدننا مظلمة ولكن في قلوب ساكنيها عزة تضاهي جاه الملوك....
لكم أن تتباهوا أن مدنكم كما تظهر عبر غوغل منارة، ويصفق لكم الكثير من الرعاع، ولكن خذوا علماً، الجمال هو الجمال المرفوع الأنف والأنف فقط، أما تلك المدن المضاءة فقد اعتادت أن ترفع ساقيها وساقيها فقط لكل عابر سرير....
ختاماً، يحكى أن ثعلبة سخرت ذات يوم من لبوة لأنها لا تنجب في كل مرة سوى شبل واحد، أما الثعلبة فتنجب الكثير، فأجابت اللبوة: نعم واحد فقط، ولكنه أسد.... ابن  أسد...