كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

السوريون الجدد

باسل علي الخطيب- فينكس
وهل بقي لنا سوى الصراخ؟...
ولكن من قال انه يفيد في شيء؟..
وذاك الوادي قد ترامت أطرافه واستطالت....
أنكم قد بدأتم بإزالة تلك الأكشاك في المدينة...
هذا قد اتفهمه...
لكني (وحق الزيغة) لا أفهمه...
أسأل...
هل تفيد هذه الكلمات؟....
أم أنها لن تحدث من أثر سوى أنها ستجر علي المزيد من الغضب والمزيد من الأعداء....
نعم، أنا لا أكتب عن وجع انه قد مسني ضر مباشر، ولكن أليس أي وجع لأي أحد في هذا الوطن هو وجع أي أحد؟...
ما فائدة قلمي إن كتب عن النظرية الكمومية والنظرية السياسية الرابعة، ونسي أن هناك من يتوجع وهو على مرمى حجر منه؟...
البعض يقول على مرمى كلمة...
قلت انني قد أتفهم قراركم أعلاه أن لكم أسبابكم، والتي قد لا نصل مداركها نحن بسطاء القوم، ولكن لست أفهمها أن ذلك من قطع الارزاق، وبعض قطع الأرزاق أشد وقعاً من قطع الأعناق، فهل تفكرتم بهم اياهم، أم إن ذلك ليس أبداً على أجندتكم؟...
ليست القصة هذا القرار أو ذاك، هذا تفصيل بسيط في سياسة عامة، انكم كأنكم تدفعون بنا أن (نكفر) بدولتنا، وهذا الذي ينتابني من أفكار ليس وسواساً قهرياً، وقد وصلت سياسة القهر إلى تلك الحدود حيث لا مجال أمامنا إلا الهجرة إلى العالم الآخر، أو الهجرة إلى عالم آخر....
أحقاً، لاترون أن أغلب قراراتكم ليست في صالحنا ابداً، وكأنها تهدف إلى زيادة فقرنا وتعاستنا؟...
تسألون من نحن؟...
نحن السوريون القدامى....
السوريون (العتاق)....
جماعة (بلادي وان جارت علي عزيزة....)...
جماعة (الخبز والملح)....
جماعة (الجبهات والمعامل والأراضي)....
جماعة (سورية ياحبيبتي)....
جماعة (فلسطين داري)....
جماعة (اللقمة الحلال والكلام الحلال والحب الحلال)....
جماعة (الف حبل مشنقة ولايقولوا ابو عمر خائن)....
جماعة (إخوة التراب وأبناء التراب)....
نعم، ستوردون أسباب قراركم هذا، وستسحبون تلك الأسباب أيضاً على قراركم إياه إزالة الأسواق الشعبية، أن ذلك يأتي في سياق الحفاظ على (جمالية المدينة)...
أسألكم ويسألكم غيري، أحقاً لاترون كل ذاك القبح في حياتنا غير هذا؟...
في فيلم (طيور الظلام)، وقد ساقت الظروف والحظوظ عادل امام (المحامي الفقير) ابن الأحياء الشعبية، أن يسكن جناحاً فخماً تم استئجاره له في أحد فنادق القاهرة ذات النجوم الخمس، وقد كان المشهد مساءً، نظر إلى شوارع القاهرة في الأسفل من جناحه في ذاك الطابق العالي، وقال للفنانة يسرا التي كانت معه في الغرفة "كم هي بلدنا جميلة من الأعلى"....
نعم، من الأعلى، حيث لاتصل إلى الأذان أصوات الأنين والقهر والعجز والفقر واليأس والموت البطيء....
قد تقولون أن قرار إزالة الأكشاك لايضير إلا بضعة عشرات من الأشخاص، ولايستاهل مني كل هذه المقالة، حسناً، بعده سيكون قرار إزالة الأسواق الشعبية وحسب رايكم لن يصيب إلا بضعة مئات، وبعده وقبله ذاك القرار أو هذا القرار الذي لم أو لن يصيب إلا بضعة ألاف...
وهلم جر...
أما كان الأولى وقبل أن تتم إزالة هذه الأكشاك أن يتم تأمين مصدر رزق لتلك العائلات التي تعتاش منها؟.. بعض الرزق الذي يكفيهم بعض الخبز يسدون فيه بعض جوعهم، أن الجوع كافر، أن صوت الأمعاء كان دائماً وأبداً أقوى من صوت العقل!......
إن كان لايوجد سبيل لتأمين مصدر رزق بديل لهؤلاء لضيق ذات اليد أوالحيلة، فلماذا العجلة في تنفيذ القرار؟ هل قمنا بحل كل مشاكلنا ولم يبق إلا (الصورة الجمالية للمدينة) من معضلة أمامنا، نحلها وندخل القرن الواحد والعشرين؟!..
أم أن منظر تلك الأكشاك والأسواق الشعبية صار (يخدش) الذائقة الجمالية (للسوريين الجدد)؟...
إنهم عندما يرون تلك المناظر من خلف زجاج سياراتهم (المفيمة)، يشعرون بالغثيان والقرف من مناظرنا الرثة، وقد يتقيأوا الكرواسان والكافيار والكوردون بلو والشافيز الذي تناولوها....
الأنكى من ذلك أن تقرف تلك الكلاب التي ترافقهم في سياراتهم و(تضرب) عن الطعام....
تستغربون؟...
حسناً، كم من كلاب تعيش في قصور (السوريين الجدد) تعيش أفضل من أصحاب الأكشاك، وأصحاب هذا الكلاب لاينفكون يتحفونا يومياً بموشحات الصمود والأكواع التاريخية وقيصر؟!...
سؤال خارج السياق، ماهو تعريب كلمة (مفيمة)؟...
صحيح، لم اسالكم، هل تعرفون من هم أولئك العشرات أو المئات أو الآلاف أعلاه؟...
هم نحن...
(الشعب) إياه...
نعم، تذكرت، نحن في الصورة من الأعلى لانظهر....

اعرف ان الكثير سيسأل من هم هؤلاء (السوريون الجدد)؟؟!!...