كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أيا أمير النحل..

باسل علي الخطيب- فينكس

و قد قالها الرسول عليه و آله الصلاة و السلام ثلاثة: اجلس يا علي إنه عمر بن ود العامري، و رددها علي ثلاثاً: أنا له يا رسول الله....
و كان أن برز الإيمان كله إلى الشرك كله.....
ضربة واحدة من ذاك السيف إياه، سيف رسول الله، و كان أن تفرقت كل تلك الأحزاب....
هذا هو أمير النحل،...
كان ذلك فجر الثالث من نيسان 2019، انفجر دولاب السيارة التي تقلني ورفاقي باتجاه دمشق، لم أقل إلا جملة واحدة: أيا أمير النحل....
قلبت بنا السيارة من على المنحدر ثلاث قلبات، خرجنا منها جميعاً سالمين....
في ذات التوقيت تقريباً، و قد كان نوم أمي قلقاً جداً، كأن قلبها ينيأها أن شيئاً ما قد حصل، جاءها بالمنام أحد رجال أمير المؤمنين، جاءها أخي الشهيد إبراهيم علي الخطيب، طرق الباب، فتحت له، هي جملة واحدة قالها لها: نامي يا أمي، أخي باسل بخير.....
هؤلاء هم رجال أمير النحل.....
" تد في الأرض قدمك و أعر الله جمجمتك....."...
هذا ما أوصى به أمير النحل ابنه الحسين....
و كان أن أعار الحسين عليه السلام لله جمجمته، وتد في الأرض قدمه، و قد اجتمع جيش كامل من أولاد الحيض، أبناء الزنى إياهم، وقد أرسلهم الدعي ابن الدعي يزيد إياه، يبغون كلمة واحدة من الحسين، أن يبايع يزيداً أو دون ذلك الموت....
وكان رد الحسين و هو في سبعين فقط من أصحابه و أهله: ألا هيهات منا الذلة، الموت ولا المذلة....
أليس الحسين بضعة من أمير النحل؟.....
هذا هو امير النحل....
حتى ربات الخمار من ذاك البيت الطاهر كن من يجب أن يكن.....
في مجلس ذاك الدعي ابن الدعي يزيد بن معاوية، وقفت و جهرت بها زينب: أبالموت تهددنا يا ابن الطلقاء؟ إن الموت لنا عادة و كرامتنا من اللّه الشهادة....
قالت زينب هذا الكلام و هي تواجه وحدها كل ذاك الجبروت، كل ذاك الطغيان، وعدتها فقط أنها بضعة من أمير النحل.....
ألم يقل السيد الرسول عليه وآله الصلاة والسلام: يا علي، لايبغضك إلا إبن حيضة...
وهل يزيد إلا ذاك؟؟...
هل عرفتم إذاً كيف تعرفون ابن الجرام؟...
كان ذلك صبيحة الثاني من تشرين الثاني عام 2012، 400 إرهابي من القاعدة يشنون هجوماً على النقطة التي تمركز فيها أخي و رفاقه السبعة و عشرون...
هل هي صدفة أن عديدهم على عدد حروف الأبجدية؟....
ركض أخي ليستلم الرشاش على عربة ال ب م ب بعد أن استشهد الرامي، لقم الرشاش و صاح: يا أمير النحل.....
و ما رميت إذ رميت.....
عندما استقبلت جثمان أخي في المشفى العسكري في طرطوس، كان نحيلاً هزيلاً، و كانت لحيته عشوائية و مغبرة و قد طالت، كان المكان الذي أصابته فيه رصاصة القناص واضحاً على رقبته، و لكن كانت هناك ابتسامة جميلة ولا اروع، ولا أبهى، ارتسمت على شفتيه....
ألم يصح يا أمير النحل؟....
نعم، اكاد أعرف على أي صورة اغمض أخي عينيه....
ألم يصح: يا أمير النحل؟...
وكان أن عاد بعض بعض ذاك النور إلى النور كله...
كان فتىُ عمره عشر سنوات، و كان يومها مريضاً عليلاً....
وقف بضعة أمير المؤمنين، وقف زين العابدين علي بن الحسين في مجلس الدعي ابن الدعي سليل الطلقاء إياهم....
و كان أن أنطقه الله.....
"...أَنا ابْن علِي الْمُرْتَضَى، أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ خَرَاطِيمَ الْخَلْقِ حَتَّى قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، أَنَا ابْنُ مَنْ ضَرَبَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ بِسَيْفَيْنِ، وَ طَعَنَ بِرُمْحَيْنِ، وَ هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَ بَايَعَ الْبَيْعَتَيْنِ، وَ قَاتَلَ بِبَدْرٍ وَ حُنَيْنٍ، وَ لَمْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، أَنَا ابْنُ صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ وَارِثِ النَّبِيِّينَ، وَ يَعْسُوبِ الْمُسْلِمِينَ، وَ نُورِ الْمُجَاهِدِينَ، وَ أَصْبَرِ الصَّابِرِينَ، وَ أَفْضَلِ الْقَائِمِينَ مِنْ آلِ يَاسِينَ، أَنَا ابْنُ الْمُؤَيَّدِ بِجَبْرَئِيلَ الْمَنْصُورِ بِمِيكَائِيلَ، أَنَا ابْنُ الْمُحَامِي عَنْ حَرَمِ الْمُسْلِمِينَ وَ قَاتِلِ الْمَارِقِينَ وَ النَّاكِثِينَ وَ الْقَاسِطِينَ، وَ الْمُجَاهِدِ أَعْدَاءَهُ النَّاصِبِينَ، وَ أَفْخَرِ مَنْ مَشَى مِنْ قُرَيْشٍ أَجْمَعِينَ، وَ أَوَّلِ مَنْ أَجَابَ وَ اسْتَجَابَ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَوَّلِ السَّابِقِينَ، وَ قَاصِمِ الْمُعْتَدِينَ، وَ مُبِيدِ الْمُشْرِكِينَ، وَ سَهْمٍ مِنْ مَرَامِي اللَّهِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ، وَ لِسَانِ حِكْمَةِ الْعَابِدِينَ، وَ نَاصِرِ دِينِ اللَّهِ، وَ وَلِيِّ أَمْرِ اللَّهِ، وَ بُسْتَانِ حِكْمَةِ اللَّهِ، سَمِحٌ سَخِيٌّ بَهِيٌّ بُهْلُولٌ زَكِيٌّ أَبْطَحِيٌّ، رَضِيٌّ مِقْدَامٌ هُمَامٌ صَابِرٌ صَوَّامٌ، مُهَذَّبٌ قَوَّامٌ، قَاطِعُ الْأَصْلَابِ، وَ مُفَرِّقُ الْأَحْزَابِ، أَرْبَطُهُمْ عِنَاناً، وَ أَثْبَتُهُمْ جَنَاناً، وَ أَمْضَاهُمْ عَزِيمَةً، وَ أَشَدُّهُمْ شَكِيمَةً، أَسَدٌ بَاسِلٌ، لَيْثُ الْحِجَازِ، وَ كَبْشُ الْعِرَاقِ، مَكِّيٌّ مَدَنِيٌّ، بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ، شَجَرِيٌّ مُهَاجِرِيٌّ، مِنَ الْعَرَبِ سَيِّدُهَا، وَ مِنَ الْوَغَى لَيْثُهَا، وَارِثُ الْمَشْعَرَيْنِ، وَ أَبُو السِّبْطَيْنِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، ذَاكَ جَدِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ".....
هذا هو أمير النحل....
وهل يليق بالزهراء عليها السلام إلا علي؟....
ذاك القران عقد في السماء قبل أن يعقد على الأرض...
تلك الجميلة الجميلة، قرة عين ابيها، اصطفاها الله ورسوله لمن فاض القران الكريم بذكر مناقبه، ألم تنزل الآية الكريمة " إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون "...عن أمير المؤمنين؟...
هل تعتقدون أن الرسول قد انتقل الى جوار ربه عن ثلاثة وستين عاماً،وكذلك أمير المؤمنين، هل تظنون ذلك صدفة؟....
هذا هو أمير النحل.....
'ساعطي الراية غداً لرجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله"....
قالها رسول الله وقد استعصى حصن خيبر على المسلمين بعد عدة حملات، استلم علي الراية من السيد الرسول، وكان أن خرج لمواحهة أمير النحل مرحب اياه، هل تعرفون من هو مرحب؟ اقرأوا ماذا كتب عن جبروته وقوته حاخامات بنو قيتقاع وقريظة...
ولكن هي ضربة واحدة، واحدة لاغير، وكان ذاك المرحب مجندلاً على الرمال....
وهي كانت كرة واحدة من الكرار، وسقط الحصن، وبتلك اليمنى الشريفة اقتلع باب الحصن، قالوا إنهم احتاجوا سبعيناً من الرجال الأشداء لإعادته إلى مكانه....
هذا هو أمير النحل.....
عندما انتقلت فاطمة إلى جوار ربها، لم يقوى علي على حمل التابوت، وهو الذي اقتلع باب ذاك الحصن، قال لصحبه: أعينوني... فذاك القلب ليحزن وتلك العين لتدمع، نعم، ما احب رجل امراة كما أحب علي فاطمة....
هذا هو أمير النحل....
نعم، نحن قوم، لا تغفو اعيننا إلا و آخر ما نقول: اللهم صلي على محمد و آل محمد، أيا أبا الحسن يا أمير النحل....
و أول ما نفتح أعيننا نقول: اللهم صلي على محمد و آل محمد, أيا أبا الحسن يا أمير النحل....
نحن عندنا نناجي أمير النحل، نتوسل عبره إلى الله، ألم يقل السيد الرسول عليه و آله الصلاة السلام: من أحب علي أحبه الله، و من أبغض علي بغضه الله؟.....
هذا أمير النحل و نحن نحلة، و لن يفرط أمير المؤمنين بنحله، هذا ماوعدنا به، و على هذا النهج سائرون.....
سكنا القمم و حفظنا القيم، ألم يقل الامام جعفر الصادق عليه السلام حفيد أمير النحل: أدب الدين قبل الدين، من لا أدب له لا دين له"؟... و كل شجرة زيتون في هذه الجبال هي من بقايا تلك النخلة التي هزتها السيدة مريم عليها السلام، لتساقط رطباً جنياً، قدمناها لهذا العالم حرفاً و علماً و أدباً و كرامة وشهامة....
بسطاء كالماء، واضحون كطلقة، حادون كمشرط جراح، ألسنا بقية بقية ذاك البيت المبارك من حوله؟....
ألسنا بقية بقية ذاك الآل الذين طهرهم الله و أذهب عنهم الرجس؟؟....
هؤلاء هم رجالات أمير النحل....
لا نجتبي الدر إلا من مكامنه....
ألم يقل السيد الرسول عليه و آله الصلاة و السلام: انا مدينة العلم و علي بابها....
فكيف تدخل المدينة إلا من بابها؟...
هذا هو أمير النحل.....
الرصاصة الأولى التي انطلقت ضد الاستعمار الفرنسي في هذه البلاد خرجت من هذه الجبال، أولئك القوم، أجدادنا، وفيهم صالح العلي، لم يفكروا كثيراً، هيهات منا الذلة، هي ذاتها كانت صرخة جدهم الحسين بن علي، أبا الموت تهددنا يا ابن الطلقاء؟... إن الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.....
هؤلاء هم رجالات أمير النحل.....
في سورة الأنفال وقد حرض ابليس المشركين على المسلمين، وعندما ظهر جمع المسلمين، ارتعب ابليس وأطلق ساقيه للريح هرباً، تفاجأ المشركون وصاحوا به: مالك تهرب، وقد حرضتنا ماحرضتنا؟....
أجابهم: إني بريء منكم، إني أرى ما لا ترون، إني أخاف الله رب العالمين.....
هل تريدون أن تعرفوا ماذا رأى ابليس؟.....
أكتب هذه الكلمات، وأدرك أن الكلمات قاصرة أن تفي المقصد بعض حقه....
ولو كان البحر مداداً......
ولكن هي جملة واحدة تختصر كل شيء....
أيا أمير النحل.....