كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

حرب الساعات الست

باسل علي الخطيب- فينكس 
قالوا إنه في عام 1967 هزم الكيان الصهيوني العرب في ستة أيام، أسموا تلك الحرب حرب الأيام الستة، لكن لم يخبرنا أحد أن مصر وسورية آنذاك قد واجهوا حلف الناتو، تحدثوا كثيراً عن تلك الضربة الجوية التي وجهها سلاح الطيران الصهيوني للمطارات المصرية ومن ثم لاحقاً السورية والأردنية والعراقية صبيحة يوم الاثنين الخامس من حزيران، والتي كانت السبب الأساسي في حسم الحرب، لكن لم يقل أحد أنه في تلك الضربة الجوية اشتركت 800 طائرة، وكل ماكان يمتلكه الكيان آنذاك لايتحاوز 400 طائرة....
ليخبرنا أحد ما، لماذا قصفت الطائرات الصهيونية أثناء تلك الحرب سفينة التجسس الأمريكية ليبرتي في البحر المتوسط، بالمناسبة الكيان اعترف بذلك ودفع تعويضات لأسر القتلى الامريكيين الأربع والعشرين....
56 عاماً مضت وردت المقاومة الفلسطينية الصاع صاعين، ست ساعات كانت كفيلة بمحو تلك الأسطورة أن ذاك الجيش لايهزم....
إذن وبعيد أكثر من شهر من هذه الحرب، إليكم الخلاصة:
الجيش الصهيوني هُزم إلى الأبد، و كل ما فعلوه كان لاستعادة هيبتهم، و لقد فشلوا في ذلك، الكيان الصهيوني خسر لأن هذا الجيل من الصهاينة ليس لديه قضية، هذا أمر يعرفه الأمريكان، ولأنهم يعون ذلك هرعوا هم وبقية أذنابهم في أوروبا لمساعدة الكيان الصهيوني، ولو لم يحصل ذلك وتُرك الكيان الصهيوني لوحده لكان هـزم كلياً....
الكيان الصهيوني لن يستطيع الوصول إلى أهدافه، لأنه وضع أهدافاً لا يستطيع الوصول إليها، وهذا يذكرنا بحرب 2006، وكل ذاك الحديث في أوروبا والولايات المتحدة عن هدنة إنسانية ليس كرمى عيون الفلسطينيين أو بسبب ملف الأسرى عند حماس، إنما ذاك مقدمة لخارطة طريق لإنزال الكيان الصهيوني عن الشجرة التي صعدها، وما عاد بإمكانهم النزول عنها، الكيان الصهيوني لم يحقق في هذه الحرب سوى هدف وحيد، أنه أثبت ومرة اخرى انه يجيد قتل المدنيين بكفاءة عالية، وهذا ليس بجديد عليهم، ولكن قتل الأطفال والنساء لا يعيد الهيبة، وتلك الهيبة قد سقطت إلى الأبد يوم 7 تشرين الأول.....
الهدنة (الإنسانية) ستعلن قريباً، وستكون اول القشش التي سيتعلق بها الصهاينة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هيبة وماء وجه....
رغم كل القصف الذي حصل، بقي الجسم العسكري لحماس قوياً ولم يتضرر، ويلحق الهزيمة تلو الأخرى بالقوات الصهيونية التي تحاول التوغل، وما يعلنه الصهاينة من خسائر لا يمثل عشرة بالمئة من خسائرهم الحقيقية، ولا أدل على ذلك من اعترافاتهم في بداية الهجوم البري أن ثمن هذه المعركة سيكون باهظاً جداً، وصولاً إلى مطالبة أحد وزرائهم بإلقاء قنبلة نووية على غزة لحسم الحرب، وستكشف الأيام القادمة حجم الخسائر الصهيونية.....
فشلت الخطة الصهيونية في تهجير الغزاويين إلى سيناء، ليس لأن السيسي لا يرغب بذلك، وليس لأن مليك الأردن ليس موافقاً، وليس لأن بقية الإعراب لم يكونوا منخرطين في هذه الخطة، بل لأن الغزاويين رغم القصف والخسائر وما يعانوه لم يتركوا أرضهم، مازال هناك في شمال غزة التي تدور فيها أقسى المعارك حالياً 900 ألف فلسطيني من أصل مليون..
هذه الحرب جسدت حقاً أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت، و ذاك البعبع إياه الذي تم تسويقه على مدى العقود السابقة كان ينجح ليس بسبب قوة الصهاينة، إنما بسبب تهاون الأعراب...
الحرب انتهت بانتصار فلسطين، ومهما طالت أيامها لاحقاً من قتل و تدمير من قبل الصهاينة، فالنتيجة قد حسمت... 
الخط البياني لنهاية الكيان الذي بدأ منذ هزيمتة وانسحابه من جنوب لبنان عام 2000، ومن ثم عدم قدرته على تحقيق الانتصار في 2006، هذا الخط منذ 7 تشرين الأول سيأخذ مساراً تسارعياً كبيراً....
الصهيونية ستبدأ بحزم  حقائبها والوجهة ليست بعيدة، فتشوا عن تلك المشيخة التي يحصل فيها الصهاينة وبأعداد كبيرة على جنسيتها...
الانقلاب الجيوسياسي الكبير في الشرق الأوسط قادم، المشكلة الكبرى أن الكل لا يعرف كيف يجب التعامل معه، لذلك سيكون هناك تخبط كبير، فعلى المحك ما هو أكبر من العروش والكراسي، على المحك الجغرافية والأدوار...
المحور أدار المعركة بطريقة غاية في العبقرية، وجه ضربته وعرف كيف يمنع خصمه من استعمال فائض القوة التي لديه، فتركه يتخبط في خياراته، وتركه في خلافاته الداخلية تستهلكه وتمنعه أن يتوحد، وكان نتاج ذلك أن العدو قد دخل في العماء الاستراتيجي، ولم يستطع أن يتعامل مع الموقف الذي وضع فيه إلا وفق الحسابات الضيقة إياها لصندوق الانتخابات أو الصراع السياسي...
لم يرتكب المحور بلسان السيد حسن الخطأ الذي ارتكبه جمال عبد الناصر، لم يتصرف المحور وفق المنطق أو المزاج الشعبوي، فالمحور يدرك أنه لايمكن ربح المعركة بالضربة القاضية، وأنه لاسبيل لربحها إلا بالنقاط....
على المحور أن يعي أن الوحش يكون أخطر ما يمكن عندما يكون مجروحاً، وسيكون ضربه خبط عشواء و في كل الاتجاهات، سيكون ذلك مؤلماً...
هذه المرة الأولى التي تكون فيها المبادرة بيد المحور، وعليه يجب أن تدرك كل أطراف محور المقاومة أن العصا التي تلوح بها أشد وقعاً وتأثيراً من تلك التي تضرب بها وذلك على المدى المتوسط والبعيد، لاسيما أن الحالة المعنوية للعدو هي في أدنى مستوياتها، والقضية فضية وقت....
على دول محور المقاومة أن تدرك أنه لم يعد أمام العدو إلا استعمال الأدوات الداخلية، وهذه سيتم تحريكها كلها دفعة واحدة، وتحديداً في لبنان وسورية، والعين أكثر على لبنان...
التحدي الأكبر القادم لدول محور المقاومة هي التعامل مع الفراغ القادم....