كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

و ستمضي هذه الأيام.....

باسل علي الخطيب - فينكس:
ستمضي، و سنجلس و نضحك على بعضنا البعض، نتذكر و نتمازح....

احب هذه البلد.....
متعبون جداً نحن، و أنا واحد منكم، متعب جداً، في هذا البلد المتعب و المتعب و المتعب، قد لا يمكن تسمية هذه الأيام التي تمضي (حياة)، و لكننا محكومون بالأمل، و مازال هناك ذاك الرمق الأخير، سنبحث به عن كل ما يشفع لهذه الأيام أمام آلامنا، وسنبحث عن كل ما يشفع لألامنا أمام هذه الأيام....
أحبُ هذه البلد....
أربعون ثانية كانت كافية لتعيد لنا فطرتنا الجميلة الاولى، أننا سوريون وحسب، هؤلاء السوريون الطيبون حيث كانوا، ورغم ضيق ذات أيديهم، هبوا من كل مكان لنجدة منكوبي الزلزال، تلك القوافل لم تكن قوافل مساعدات، تلك القوافل كانت شرايين دماء...
من قال إن الصراط المستقيم هناك في الفردوس فحسب؟...
أحب هذه البلد...
و رغم كل شيء، لم أقدر أن أضع مسافة بين هذا القلب وهذا التراب، و كل هذه الدماء التي ترون، وكل هذه الندوب التي لاترون، هي من آثار هذا العشق، أعرف أن ثمود قوية، و أنا لست "صالحاً"، ولكن أن يكون لك عائلة تحبك، وسقف فوق رأسك، وبعض الطعام الحلال على مائدتك، وبعض الأصدقاء الطيبين، أليست هذه هي الجنة؟....
أحبُ هذه اليلد...
متعب جداً انا، متعب أنا مثلكم، بل قد اكون دفعت أثماناً لم تدفعوها، احمل صليبي و أسير في طريق الجلجلة، و قد يستيقظ فيّ أحياناً ذاك الناصري عليه السلام وهو يجتاح أسواق اورشليم، يخرب دكاكين الفريسيين ذات اليمين، وذات الشمال، وهو يصيح ألا تبت أياديكم... ألا تبت أياديكم....
أحب هذه البلد...
تسند رأسك إلى جذع شجرة زيتون في هذه الجبال أو تلك السهول، وتشعر أن راحة الدنيا وراحة الآخرة بين راحتيك، نحن من غنت لنا فيروز (نحن والقمر جيران) ، ونحن من غنت لنا أيضاً (خطة قدمكم)....
أحب هذه البلد...
يكفيني فيها عيناك، وتلك الكأس الثالثة، وقلمي، وبقية أمل، وبضعة صلاة، وترنيمة، وكلمة بابا...
ستمضي هذه الأيام...
وسنجلس يوماً مع أحفادنا بإذن الله، نروي لهم كم كنا أبطالاً، أنه ورغم الحرب والحصار والفقر والبرد والوباء والزلازل و ظلم ذوي القربى وتكالب كل العالم علينا، صمدنا، أنه ورغم كل زلاتنا والأمنا وعوزنا، لم نطعم أباءهم إلا اللقمة الحلال والكلام الطيب..... 
وأننا كنا حقاً سوريين....