كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

ذاك الذي كان كاد أن يكون رسولا

باسل علي الخطيب- فينكس

لدي قناعة مطلقة، أنه مادام صلح المعلم وصلح حاله، فإن المجتمع سيصلح قولاً واحداً....
نعم، المعلم هو المدماك والعنصر الأساسي في العملية التربوية التعليمية، فهو أهم في ذلك من مسؤولي قطاع التربية والتعليم مهما علت مناصبهم، و أهم من الطالب ذاته، الذي هو هدف العملية التربوية التعليمية....
فحتى لو صلح هؤلاء، وفسد المعلم أو فسد حاله، ستكون النتائج كارثية.....
وصلاح حال المعلم، ليس شعارات تطرح للاستهلاك الاعلامي، وليس آغان تغنى في عيد المعلم، وليس كلمات وخطباً تلقى في المؤتمرات والمهرجانات....
صلاح حال المعلم هو خطة ممنهجة وفق قرارات ملزمة قطعية تستهدف إعادة الهيبة للمعلم، والأهم تستهدف إعادة الكرامة، والأهم من كل ذلك إعادة القدسية له و للعملية التربوية التعليمية، و نستعمل كلمة القدسية هنا مجازياً....
لطالما كانت قناعتي أن حامل الرسالة أهم من الرسالة ذاتها، أياً كانت الرسالة، معجزة دعوة الإسلام لم تكن القرآن الكريم أولاً، معجزة الدعوة كانت السيد محمد نفسه عليه الصلاة والسلام، لأنه الصادق الأمين تم تكليفه بالدعوة، ولأنه الصادق الأمين تمكن من نشر و إقناع من حوله بالقرآن....
والتعليم رسالة، رسالة تربوية وتعليمية، قد يقول قائل ولكن فساد الأنفس قد ضرب المعلمين.... حسناً، أليس هذا حال كل الفئات في المجتمع؟ من هي الفئة التي لم يضربها فساد النفوس؟.. بل أكاد أجزم أن أن هذا الفساد أقله عند المعلمين، والسبب أن التعليم ذاته كعملية تفاعلية تصنع شكلاً من أشكال الضمير والرقيب الذاتي، لايستطيع المعلم مهما كان فاسداً تجاوزه، إلا فيما ندر...
قناعتي أن ذاك الإصلاح الذي تحدثت عنه أعلاه يجب أن يكون هدفاً استراتيجياً، يقارب أن يكون وجودياً، و أن يكون ذلك هدفاً استراتيجياً، يعني أن تكون هناك قرارات استثنائية وميزانيات مرصودة....
اول هذه القرارات، استثناء المعلمين من القانون الأساسي للعاملين في الدولة بالمطلق، دعونا من الحديث الشعاراتي الذي لايغني ولايسمن من جوع، صاحب الرسالة هذا وحتى يبقى محصناً مع هذا الحمل الثقيل جداً، يجب أولاً أن يكون مكتفياً مادياً وبشكل ممتاز، لا أقول جيداً أو جيداً جداً، بل بشكل ممتاز....
إن حصل هذا، ستنتهي ظاهرة الدروس الخصوصية والمعاهد الخاصة بالمطلق، وتستطيع أنت كمسؤول أن تطبق، أو يحق لك أن تطبق كل تلك القوانين الخاصة بتجريم الدروس الخصوصية والمعاهد الخاصة....
عندما تنتهي الدروس الخصوصية، سيعود الطالب وبشكل تلقائي طالباً، سيفهم أنه لا مجال له لكي يفهم أي درس إلا أن يكون شديد الإنتباه والتركيز في الحصص الدرسية، وبالتالي ستكون القاعة الدراسية شبه مضبوطة، كون الكل قادم ليتعلم، ولايحتاج ضبطها الكامل إلا بعض الهيبة والحزم من المعلم....
هل تستطيعون أن تنكروا أن الأغلبية الساحقة من طلابنا يذهبون للمدارس للتسلية؟... لعلمهم أن ذات الدرس سيأخذونه في حصة خصوصية، لذلك ترى في القاعات الشغب وعدم الإنتباه وقلة التربية والأدب بل وحتى الفجور من الطلاب، كأن لسان حالهم يقول، نحن يا هذا لسنا بحاجة لك أو لمدرستك، فقد دفع اهلنا المال لنتعلم عند استاذ خصوصي...
قولوا لي أن هذا التفكير ليس تفكير الأغلبية من الطلاب ومن الأهل أيضاً، الذي يغض أغلبهم النظر عن تصرفات أولادهم المعيبة، بل و بعضهم يدعمها، كونهم لايتخذون بحق أبنائهم أي اجراء، على فكرة ذات الأهل، لايوجد عندهم مشكلة أن يتصرف الاستاذ الخصوصي مع اولادهم بحزم شديد إن أساؤوا الأدب، أو لم يركزوا في الحصة....
هل لاحظتم النفاق؟... ومالسبب ياترى؟... قلة الأدب في المدارس بالمجان، أما عند الاستاذ الخصوصي فكل ساعة سعرها بالآلاف....
الاكتفاء المادي للمعلم، سيعيد له كرامته، أنه لايحتاج أن يأتيه الطلاب إلى البيت ليعلمهم، ويأخذ من آهاليهم المال، أكاد أجزم أن لايوجد معلم إلا ويشعر ببعض الاهانة، أن ظروف الحياة القاسية قد أجبرته على ذلك، حتى ولو كان ما يأخذه هو أجره عن عمل، بل لأن ذاك هو أجر يعتبر ذلك مهانة في صميم ذاته....
صاحب تلك الرسالة يجب أن يكون في موقع عال وعال جداً بل وقدسي، و حتى يؤدي رسالته يجب إن أراد الطالب أو أهله أن ينظروا إليه أن يميلوا رؤوسهم إلى الأعلى كثيرا ....
طبعاً، الاستثناء فينا خص رواتب المعلمين، يحب أن ينسحب على أجور التصحيح والمراقبة والتكليف، أنا صراحة لا أستطيع أن أفهم، كيف تكون أجور المعلمين الذي يصححون الأوراق الإمتحانية و في أسوأ الظروف من اكتظاظ وحر وضيق مادي أنهم لايجرؤون على شراء سندويشة فلافل، لأن سعرها يعادل أجرة يوم تصحيح، أن تكون أجورهم بضعة ألآف.... وتعويض مسؤولي التربية عن عملية التصحيح أو العملية الامتحانية هو مئات الآلاف؟!.... وهم لايفعلون شيئاً سوى أنهم يتنقلون بسياراتهم المكيفة من مركز لأخر، يوزعون الأوامر ويلتقطون الصور...
القرار الثاني هو اعتبار المعلم هو العنصر الأساسي في العملية التربوية وليس الطالب، مذ اعتبرنا الطالب هو الأساس خربت العملية، هذا يستوجب قانوناً لضبط العملية....
شخصياً مع إقرار قانون عقوبات خاص بوزارة التربية، ويطبق ضمن نطاقها، يطال المخالفين من الطلاب والمعلمين على حد سواء، بشرط أن تكون عقوبة الطالب علنية وعقوبة المعلم سرية...
نعم، أنا مع إقرار هذا القانون، بحيث يكون مفصلاً، وليكن الرادع مادي، لايوجد مثل الرادع المادي وسيلة لضبط أي شيء....
مثلاً، إذا رد الطالب على المعلم رداً غير مؤدب، حتى ولو كان الطالب على حق، اسمعوني جيداً حتى ولو كان المعلم مخطئاً، يغرم أهل الطالب بمبلغ ما، وفي حال التكرار يضاعف المبلغ، إن قام أحد الطلاب بتشويه منظر المدرسة أو تخريب ممتلكاتها يغرم، وتضاعف الغرامة في حال التكرار، لست مع عقوبة الفصل من المدرسة، فهذا ليس قراراً تربوياً....
طبعاً الأمر ذاته ينطبق على المعلم، ولكن بشرط أن يبقى ذلك سراً، وان يكون بعد أخذ إفادة المعلم، وان يكون ذلك سرياً أيضاً....
المؤسسات لاتدار بالريموت كنترول، لاتدار و أنت تجلس في برج عاجي، ولاتدار والغاية كسب النقاط والتقاط الصور، لا تدار لتحصيل مجد شخصي، لاتدار وفق عقلية ضمان مقعد في التشكيلة الوزارية القادمة..