كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الجوكر "الحكومي"!

زياد غصن- فينكس:

مع كل حكومة تتسلم مهامها، ثمة اسم شخص يلمع أكثر من غيره. وهذا إما نتيجة تأثيره ونفوذه الكبيرين داخل أروقة العمل الحكومي، أو بسبب الصلاحيات الواسعة التي تمنح له كشخص وليس كشاغل لهذا المنصب أو ذاك، لدرجة أن بعض هؤلاء تحولوا إلى مراكز قوى يخشاها البعض الآخر من المسؤولين، أو يتحاشون الصدام معها.

ويمكن لأي منا أن يعود بذاكرته قليلاً إلى الوراء، ويتأكد من دقة هذه الملاحظة، وحتى خلال سنوات ما قبل الحرب.

لن أدخل في متاهة ذكر بعض الأسماء كمثال على ذلك، سواء من وزراء أو شاغلي بعض المناصب الحكومية العليا، لأن الغاية من هذا المقال ليس تسليط الضوء على أسماء معينة، وإنما الإشارة إلى ظاهرة إدارية أثبتت التجربة أنها خاطئة أو غير مجدية، بدليل أن هؤلاء كانوا جزءاً من مسيرة الفشل الحكومي في مقاربة الأزمات والتحديات الاقتصادية والخدمية الداخلية... قبل الحرب وخلالها... لا بل أن السير الذاتية لبعضهم خالية تماماً من أي إنجاز علمي، فني، أو مؤسساتي!

سؤالان هامان يطرحان هنا تعقيباً على ما سبق هما:

لماذا تحظى بعض الشخصيات الحكومية بدعم يتجاوز أحياناً صلاحيات المنصب الذي تشغله، ولا يعطى مثل هذا الدعم للمنصب نفسه؟

وإذا كان البعض يملك رؤية أوسع ومهارات أفضل.. لماذا لا يُكلف بمنصب تسمح له صلاحياته بممارسة ما يراد له من مهام وأدوار؟

المنطق يفرض أن تعطى الصلاحيات للمنصب نفسه بشكل قانوني، وذلك لعدة اعتبارات أبرزها: توفير عوامل النجاح لشاغلي هذا المنصب أو ذاك لأداء مهامهم القانونية بالشكل الأمثل، إتاحة الفرصة لإجراء تقييم موضوعي لأداء كل مسؤول وشاغل لمنصب حكومي، والأهم وقف ظاهرة التدخل غير المبرر في عمل باقي الجهات العامة من قبل بعض "المحظيين"، وهي حالة باتت تشيع أجواءً سلبية تؤثر على الأداء العام.

لا شك أن السمات الشخصية تلعب أحياناً دوراً في حصول البعض على حظوة ما، من حيث امتلاك مهارات معينة في تسويق النفس، القدرة على الإقناع، التنظير العلمي... وغير ذلك، لكن أعتقد أنه أصبح لدينا ما يكفي من التجارب السابقة للتمييز بين الاستعراض الشخصي وبين النتائج الفعلية الموثقة بالرقم والأثر!

أعرف أن البعض سيكون مستاءً من هذا المقال، لكن مصلحة العمل والبلاد في هذه المرحلة الصعبة تستدعي منا إثارة مثل هذه الظواهر والتنبيه لخطورتها، لاسيما وأن البلاد لا تزال تعج بالكفاءات والخبرات، وتالياً فإن سير العمل لن يتوقف عند هذا الشخص أو ذاك... فكيف إذا كانوا من قليلي الخبرة والتجربة؟

هامش:

حرصت على استخدام كلمة "البعض" تجنباً لإطلاق أحكام عامة، في وقت كان هناك من جهد وسعى لتحقيق فرق حقيقي في أداء مهمته الحكومية.