كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

النمر المفترس والحاكم الظالم

مروان حبش- فينكس

يقول كونفوشيوس: لشد ما كانت دهشتي أنا وتلاميذي حين كنا نخترق مسالك جبلية وعرة مهجورة إلى ولاية "تشي" المجاورة لولاية "لو"، أن أبصرنا في هذه القفار عجوزاً تبكي بجوار أحد القبور، ولما سُئلت عن سبب بكائها وحزنها، فأجابت: (إن والد زوجي قد فتك به نمر في هذا المكان، ثم ثنى النمر بزوجي، وها هو ذا ولدي قد لاقى المصير نفسه). ولما سألتها عن سبب إصرارها على الإقامة في هذا المكان الخطر، أجابتني قائلة: (ليس في هذا المكان حكومة ظالمة)، فالتفت إلى طلابي وقلت: (أي أبنائي، اذكروا قولها هذا، إن الحكومة الظالمة أشد وحشية من النمر المفترس).
وكان الكونفوشي "جوشي" في القرن الثاني عشر الميلادي -وهو الذي أقام من حكم كونفوشيوس المتفرقة غير المتماسكة، طريقة فلسفية بلغت من التماسك حداً كبيراً ومن القوة درجة عالية- يرى أن الطبيعة إنْ هي إلّا القانون، وإنَّ قانون الكون هذا هو أيضاً قانون الأخلاق والسياسة، والأخلاق الفاضلة هي الانسجام مع قوانين الطبيعة، وخير أنواع السياسة هو تطبيق الأخلاق على أعمال الدولة وعلى سلوك الحاكم الذي يجب أن يكون القدوة الصالحة. والطبيعة في كل مضامينها تنتهي إلى الخير، واتباع سننها هو سرُّ الحكمة والسلام.
وفي الدولة الصالحة، والحاكم الصالح لا يفترس الأقوياء الضعفاء، ولا تنهب الأقلية الغالبية، ولا يزدري الأغنياء الفقراء، ولا يسفه الكبار الصغار، ولا يخدع الماكرون.