كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

بين الساطور والقفّازات المخمليه..

د. فائز الصايغ:

 لم يختر الله سوريا مهبطاً للديانات إلا لأنه العارف بأن السوري أكثر المواطن أمناً ودفئاً لاحتضان الديانات ومن ثم تفاعلها الحي الذي أنتج الحضارات ووفّر ظروف تعاقبها على الأرض السورية.. وتراكمها في باطنها شواهد على إنسانية الإنسان وقدرته الفائقة على تكريس الحضارات وحفظها وصونها والتفاعل معها في جدلية تاريخية تسجل للإنسان السوري في صفحات المجد حقبة وراء حقبة.
تقول الدراسات بأن الإنسان استقر في سورية منذ مليون عام واستوطن ضفاف الأنهار؛ حيث عُثر على أقدم أدوات الإنسان المستخدمة في حياته العملية في حوض العاصي والبادية التدمرية وعلى ضفاف النهر الكبير الشمالي، وهذا يعني أن الإنسان السوري كان قبل الديانات وعندما انخرط فيها واستجاب للدعوات فلأنه أراد تطوير حياته بمعتقدات تضيف إلى تراثه تراثاً.. وتربّيته تربية وتفتح أمامه آفاقاً جديدة كان يجهلها لكنه ما فتئ يتطلع إليها وصولاً إلى روح وطبيعة الإنسانية العارمة..
بعد الديانات قدمت سورية وشعبها وإنسانها نموذجاً كونياً للتجذر في الأرض والإنصهار القيمي والانسجام الأخلاقي وبقيت سورية وإنسانها عصية على التفرقة.. والمذهبة.. ومختلف محاولات زرع الفتنة في المجتمع السوري النموذجي..
سورية اليوم تتعرض إلى هجمة شرسة متعددة الجنسيات والأهداف الخبيثة التي تستهدف هذا الإنسان السوري كما تستهدف إرثه الحضاري وطموحاته المستقبلية، وهو الإنسان الذي قدم للعالم أبرز الإنجازات العلمية والابتكارات التي استفادت منها البشرية جمعاء.
سورية اليوم تتعرض إلى خطة رسمها أولئك الذي سيحاكمهم التاريخ يوماً تستهدف أوابدها الأثرية العريقة ورموز دياناتها وتنوّعها على حد سواء يستباح فيها رجل الدين كما رجل السياسة.. كما رجل الدين ، يستباح فيها العقل السوري والإرادة لدى الإنسان السوري العريق، الإرادة المتوازنة عبر آلاف السنين.
ومع ذلك يثبت السوريون يوماً بعد يوم ومحنة بعد أخرى.. ومؤامرة تلي مؤامرة أنه عصي على الدمار والخراب وأنه الأجدر على البناء وعلى تراكم الحضارات.. والأجدر بالخلاص.
الخلاص الذي اختفلنا فيه بميلاد سيد الخلاص ورسول المحبة والسلام يسوع المسيح الذي انطلقت رسالته السماوية من على أسوار دمشق واستقرت في أربع جهات الكون والمعمورة.. وبهذه المناسبة أقول وأدعو طفل بيت لحم السوري.. يا نور العالم.. خلّص شعبك السوري بطوائفه المختلفة وتنوعه الحضاري من ظلام الأغبياء.. ومن غباء الظلاميين.
امدد يديك إلى من مدّوا قلوبهم وأكفّهم وأعينهم إلى رسالتك.. رسالة المحبة والسلام واحم الشعب السوري.. وكن معنا في محنتنا وانصرنا يابن الناصرة السورية على أعدائك الذين استباحوا دمك وصلبوك وعلى أتباعهم وأدواتهم الذين يستهدفون مهد الديانات السماوية والحضارات الإنسانية...
هي افكار قديمه ومستهلكه ومكروره وبدهيات سوريه لا بد من تكرارها وتكريسها في زمن تلاشت فيه المنظومه القيمه بين عجلات الارهاب الكوني الذي استهدفنا ولا يزال... استهداف كان بالساطور أو بقفّازات مخمليه سيّان!