كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

ثقافة النفاق

باسل الخطيب- فينكس:

 تناديه أمه و هي بجانب الغسالة قائلة، تعال أخبرني أيهما بنطالك و أيهما بنطال أختك.....
تتأملهم و تتأمل تسريحاتهم و لباسهم، و تحار تحت أي تصنيف تضعهم، تكاد تطلب الهوية للتأكد.....
ليست القضية أن ذاك البنطلون (سالت)، إنما ذاك البنطلون قد سلت و سلت معه كل شيء، ذاك البنطلون السالت أو المشقشق ليس سوى انعكاس لكل قضايانا التي سلتت أو تشقشقت وتشظت.....
نعم، ما عادت المؤخرة خطاً أحمر، ماذا يتبقى بعد أن تبان المؤخرة؟!....
ولكن ألم تسقط كل الخطوط الحمر في حياتنا؟ وبانت معها كل تلك العورات؟ أليست تسمية (العورة السورية) هي التسمية المناسبة لتلك (الثورة)، لتلك السنوات العشر المتصرمة؟......
لاحظوا تلك المفارقة، الكل تقريباً ذو شوارب و ذقون، نعم، ما عاد هناك من شيء يدل على الذكورة إلا تلك الشوارب و تلك الذقون....
أنا ما عدت أتحدث عن الرجولة، هذا كلام قد عفا عليه الزمان، على فكرة ألم تلاحظوا أن هناك تناسباً عكسياً بين تلك الذقون المشذبة بإتقان وبين الذكورة؟....
تقارن بينهم و بينهن تصرفاً و شكلاً، و لا تكاد تجد فوراقاً واضحة، ليست القضية أن إياهن قد استرجلن، المصيبة أن إياهم قد تأنثوا، تأنثوا وتأنثوا حتى أنسوا ذلك.....
نعم هذه ثقافة (الخنوثة) تغزو ماتبقى لنا من أشلاء ثقافية وبقايا منظومة اخلاقية، استهلكتها تلك المياعة التربوية التي استجريناها عبر مجاربر العولمة....
على فكرة أستطيع أن أفصل كثيراً فيما خص تلك المياعة التربوية، ولكن فهمكم كفاية....
لطالما كانت عندي قناعة أن احد معايير تحديد المستوى الأخلاقي لأي شعب هي نوع الموسيقا التي يستمع اليها،
تاملوا ذاك الانحطاط والاسفاف الفني الذي وصلنا إليه، شكلاً ومضموناً....
(الفن) الذي تقدمه كل تلك الكائنات التي تعتلي المسارح، يشبه ذاك البنطلون السالت إياه، لا صوت و لا لحن و لا كلمات، تحركات وتصرفات تلك الكائنات على المسرح تشبه ذاك البنطال المشقق، يظهر من العيوب والشناعة أكثر مما يستر.....
على فكرة، تلك الخنوثة أعلاه، ليست إلا نتيجة حتمية لتلك الخنوثة على المسارح، وتلك الخنوثة على المنابر، وتلك الخنوثة على المنصات.......
كتبت قبل أيام مقالاً عن (تلك الانوثة التي تحتضر)، اعترض البعض على كلامي، أن الشكل والمظهر هو حرية شخصية.....
للاسف أيها السادة، أنتم لم تفهموا إذاً القصد من مقالي، نعم تلك حرية شخصية، ولا يحق لأحد التدخل بها، مقالي ليس عن ذلك، مقالي عن ثقافة التصنّع، مقالي عن ثقافة النفاق، مقالي عن ثقافة إنكار الجذور، مقالي عن ثقافة التقليد الأعمى.....
هذا هو هدف مقالاتي بما فيها هذا المقال... أيعقل أن أسفح كلماتي على خشبة عمليات التجميل أو البناطلين المشققة؟... كلماتي أكبر من أن أحصرها ضمن هكذا نطاق ضيق....
لقد استوردنا من الشرق والغرب كل شيء، استوردنا على سبيل المثال الكمبيوتر، ولكن لم نستورد العقلية التي صنعته، بل لم نكلف نفسنا عناء استيراد تلك العقلية، بقينا على ذات العقلية التي حكمت حياتنا وتفكيرنا وأحلامنا وصراعاتنا منذ 1400 عام....
وعندما كان تظهر بعض إشراقات العقل لدينا كان يتم قمعها وسحقها، إما سياسياً أو دينياً أو مجتمعياً، وتحديداً مجتمعياً، فذاك الرقيب المجتمعي هو أشدههم وأعنفهم....
نعم أيها السادة، أنا لست ضد أن يرتدي فلان أو فلانة ما يريدون، و لكن لماذا يجب أن تقترن تلك الخلاعة التي استوردناها عبر مجارير الغرب بكل تلك اللامسؤولية و اللامبالاة و التسيب و التصنع؟... و كما أن ثقافة النفاق تسود جماعة (السالت و المشقشق)، فهي كذلك الأمر تسود و تتجلى بشكل فاضح عند جماعة مايسمى (الالتزام الديني)، ترى إحداهن ترتدي حجاباً، و ترتدي معه كنزة و بنطالاً يظهر كل تفاصيل جسدها، بالله عليكم، على من تضحكون؟.. يتحدث جماعة الالتزام الديني عن تخريج دفعات و دفعات من (حفظة القرآن)، و أنا أراهن أنهم لا يتدبرون ولو آية منه، أتراها غاية القرآن الكريم حفظه أم تدبره أيها السادة؟ مرة أخرى، ثقافة النفاق إياها......
مقالاتي ليست عن الشفاه المنفوخة و البناطلين المشقشقة و أغطية الرأس (المودرن)، مقالاتي عن ثقافة التفاهة، تلك الثقافة التي تسود على كل المستويات قاطبة، تلك الثقافة التي تتربع على ظهورنا، و تقودنا إلى ذاك الدرك الأسفل إياه.....
هل تعرفونه؟......