كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مشروع "إشراقات"

في 28 كانون الثاني/يناير 2024 تصدر الدفعة الأولى من الدواوين الشعرية ضمن سلسلة "إشراقات":
كتاب الجسد، لمياء المقدم،
غزالة تعرج نحو منفاها، ناريمان حسن،
غناء في الطريق إلى المقبرة، أفين حمو،
غوايات كاهنة الضوء، مريم الأحمد.
"إشراقات" عنوان سلسلة تقدم أصواتاً شعرية عربية، اقترحها ويختار نصوصها أدونيس. وهي سلسلة "مُغلقة"، تصدر عن "دار التكوين" خلال فترة زمنية محدودة، قد لا تتعدى السنة الواحدة.
منذ تأسيسها عام 2000، وقفت دار التكوين إلى جانب الشعر والشعراء، وشجعت أصواتاً شعرية جديدة لها حساسيتها الخاصة، وأطلقت جائزة الديوان الأول عام 2009 التي استمرّت حتى عام 2014. فكان من الطبيعي لها أن تدعم مشروع "إشراقات" وتنضم إليه.
تصدر هذه السلسلة بمنحة خاصة من مؤسسة غسان جديد للتنمية.
صمم الغلاف الفنان أحمد معلا وهو مصمم غرافيكي ومصوّر، تجمعه بالشعر وشائج ومَرَاسٍ.
في حماسه لهذه التجربة، اقترح العودة الى التربيعة الأولى، إلى الحد الادنى الأكثر تقشفاً لصياغة شخصية غرافيكية لأغلفة مجموعات شعرية. شطرنجية محكمة، تتهندس في المخيلة لترسم أسماء الدواوين والشعراء، وتتحرك الحروف واتصالاتها او انتقالاتها بما يتناسب والفضاء المتاح، أو بما يمليه التفنن في تشكيل جسد الكلمة.
المربع هو الوحدة الهندسية الأولية التي ستكوّن بتكرارها وقيادتها عبر الشاقولي والأفقي، مفردات الأغلفة تشكيلياً. وهذا ما سيعطي للمجموعات هوية بصرية واحدة، فالإطلالات تكاد تتساوى وتتماثل في محاولة لتقديم تجاربنا الشعرية بعدالة ودونما انحياز إلا للشعر.
عن هذه السلسلة يقول أدونيس:
سفرٌ يخلص الشعر من الثنائية الثقافية التقليدية: الجسد / الرّوح، ويفتح فضاء الكينونة التي لا تتجزأ. تفكّر وتكتب فيما تحسّ وتحلم وتتخيل. وتُحسّ وتحلم وتتخيّل فيما تفكر وتكتب: ذلك هو أفق المشروع الذي تجسّده هذه السلسلة من المجموعات الشعرية، والتي تظهر، اليوم الدفعة الأولى منها، بعد مشقّةٍ طويلة.
هكذا سيرى القارئ، القارئ الخلّاق، أن القصيدة في هذا الأفق حقلٌ غنيّ متنوّع الطاقة، وأن الكلماتِ كائناتٌ حيّة، وأنّ الشعر يغيّر العالم: يخلق علاقاتٍ جديدة بين الكلمات والأشياء تخلق بدورها لهذا العالم صورةً جديدة: جمالاً آخر، وحُبّاً آخر، وعمقاً آخر، وحقائق أخرى.
سيرى شعراً يتخطٌى الانفعال العاطفيّ البسيط أو السّاذج، الذي يوصف به، عادةً، الشعر الذي تكتبه المرأة. ويُسمّى عادةً "الشعر النسائي" الانفعالي العاطفي، تمييزاً له عن الشعر الذكوري الذي يوصف بالقوة أو المتانة أو الفحولة. وهذه، في العمق، صفات تجيء من "المجتمع"، من خارج الشعر، لا من الشعر نفسه، بحصر المعنى.
ويمكن، إن كان لا بدّ من الوصف، أن نصف الشعر الذي تقدمه هذه السلسلة بأنه وهّاجٌ، حيويّ، متوقّد، متفجّرٌ وراسخ.
إنه، جمالياً على الأخصّ، باهرٌ وفاتِن. يوقظ المشاعرَ كلّها، ويتيح لأشياء كثيرة نائمة فينا أن تستيقظ وتتحرّك.
هكذا تمثل هذه السلسلة منعطفاً تاريخياً في اللغة الشعرية، وفي القصيدة على السّواء.
ينهض هذا المنعطف على مبدأين:
الأول، الاستبصار في الجسد، والإيغال في التعرّف على أحواله، كشفاً عنها وعن آفاقها،
الثاني، الكتابة في هذا الضوء، وفي معزل كامل عن الثقافة السائدة في وجهيها: الاستعادي – التقليديّ، الآتي من الماضي التقليدي، والاستعاري – التقليدي أيضاً الآتي من الخارج الأجنبي، عبر الترجمة، على الأخصّ.
أتوجه بالشكر العميق للهيئة التي أتاحت تحقيق هذا المشروع:
أولاً، "مؤسسة غسان جديد للتنمية" وعلى رأسها الأستاذ فداء جديد، التي قدٌمت منحة مالية خاصة لنشر هذه السلسلة، توكيداً على جدّتها وأهميّتها – فنياً وتاريخياً،
ثانياً، الفنان الكبير أحمد معلّا الذي قدّم تصميماً متميزاً ومميزاً فأعطى طابعاً خاصاً للسلسلة،
ثالثا الناشر الأستاذ سامي أحمد، صاحب دار التكوين الذي استجاب بفرح واعتزاز للقيام بنشر السلسلة وتوزيعها،
رابعاً، الشاعر أسامة إسبر، الذي ساعدني شخصياً في إعداد السلسلة،
خامساً، السيدة أرواد إسبر التي أشرفت على إدارة المشروع وتسيير شؤونه.

أدونيس (باريس، كانون الثاني 2024)