كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مروان حديد وتلميذه شهم عبد الرزاق حمو البرازي

خالد محمد جزماتي

(2)
مــقــدمــة: أحب أن أوضّح للقراء الكرام أنني أحاول المساهمة في توثيق كثير من حوادث التاريخ التي عصفت في بلاد الشام بشكل خاص، وأيضا في الوطن العربي بشكل عام، وأعتبر نفسي "مــسـتــقــلا" منذ تاريخ اعتقالي يوم 21 حزيران 1980، مع اعلاني (حتى يأخذ الله أمانته) أني مؤمن بأن الله أعزّ العرب بالإسلام، وأن السعي دائما يكون برفض كل النتائج التي سرى مفعولها مع نهايات الحرب العالمية الأولى باختفاء دول وظهور أخرى جديدة حسب تفاهمات الدول العظمى.... انتهت المقدمة...
في الحلقة السابقة ذكرت بعض التفاصيل عن معركة "العدوي" صباح يوم 30 حزيران 1975 والتي أدت الى اعتقال الشيخ مروان حديد.. وقد تابعت الاتصال بشاهد عيان وأحد المنتمين الى جماعة الأخوان المسلمين عام 1969 وعمره سنتذاك لم يتجاوز الستة عشر عاما، وهو "شهم حمو البرازي"...
كتب لي أن التفكير بمغادرة الشيخ مروان حديد بدأ عقب حوادث الدستور الشهيرة التي جرت مع نهاية شهر كانون الثاني 1973... حيث كان برفقة الشيخ ولتأمين مغادرته عبر أحد البساتين كلا من الأخوة عمر جواد وشهم البرازي ومحمد حسن عجعوج وحسان كيلاني وعدد من شباب حي البارودية.. ثم الى السيارة.... وفور وصول الشيخ الى دمشق نزل بضيافة عبد الغني زينو، ثم انتقل الى منزل صفي عدي، وكان المقربون منه يزورونه حيث كان، لأنه بدأ بالانتقال من منزل الى اّخر حفظاً للسلامة، وخاصة بيت حسان الكيلاني في حي المزرعة قبل انتقاله لشقة أهل شهم البرازي (دون علم أحد حتى من الأهل لضمان السرية الكاملة)...
كتب الأخ شهم البرازي لي أنه بعد وفاة أبيه المرحوم عبد الرزاق حمو البرازي عام 1969، انتقلت العائلة الى دمشق ومكثوا فيها سنة كاملة، ثم عادوا الى حماة، وفي تلك السنة انتسب الى ثانوية جول جمال وهناك تعرف على "زكي الصفدي" الذي شكّل معه ومع وسيم ومهند قلقيلي "أسرة" (حلقة) ترأسها الدكتور "عادل الحسامي"... في تلك الثانوية نشطت تلك الأسرة التابعة لتنظيم الأخوان المسلمين مع الادارة ومع الطلاب، لدرجة أنهم حصلوا على الموافقة على جعل إحدى الغرف في المدرسة مصلى يرتاده الطلاب والأساتذة للصلاة.. (حسب الواقع هذا تم في عهد حكم قادة انقلاب حركة 23 شباط 1966الذي امتد حتى انقلاب حافظ الأسد يوم 16 تشرين الثاني 1970)...
ولما عادت عائلة شهم البرازي الى حماة، لم ينقطع عن السفر الى دمشق فكان عندما يسافر إليها، يبحث عن صديقه زكي الصفدي ويتواصل معه، ولما استضاف شهم الشيخ مروان حديد في شقة أهله في حي العدوي (الطابق الخامس) لمدة ثلاثة أشهر، ذهب للقاء صديقه زكي الصفدي، ولما التقيا تعانقا، فشعر زكي بسلاح يحمله شهم (مسدس وثلاثة قنابل)، فسأله عن ذلك، فأجابه أنه ملاحق، ولا يمكن أن يستسلم لمخابرات الأسد... وهنا أسر زكي الصفدي لصديقه شهم بأنه سمع عن شيخ حموي اسمه مروان حديد له توجهات اسلامية خاصة يحلم أن يلتقيه ويتعرف إليه، فأسرها شهم في نفسه ولم يعلق....! ولما عاد شهم الى منزله حكى للشيخ مروان قصته مع صديقه زكي الصفدي "من طأطأ للسلام عليكم كما يقال"، فابتسم الشيخ وقال لشهم: "ادعه للغداء معنا هنا"...!
ولما دعاه للغداء دون أن يفصح له عن وجود الشيخ مروان في الشقة...!
ولما جاء زكي الى منزل صاحبه شهم ملبيا دعوته، أدخله غرفة كان قد جعلها غرفة استقبال عربية المد.... وبعد دقائق أطل عليهما الشيخ مروان بهيبته المعروفة وطلعته المؤثرة وسلم عليهما.... وفاجأ شهم صديقه زكي بقوله، هذا هو شيخنا وقائدنا مروان حديد وقد حققت لك حلمك باللقاء معه... فذهل زكي من المفاجأة، وأسرع الى الشيخ معانقا والدموع تنسال على خديه...! وتلك هي قصة معرفة زكي الصفدي بالشيخ مروان الذي انتمى من فوره لتنظيم الشيخ "تنظيم الطليعة المقاتلة"، والذي قاتل عناصر مخابرات الأسد الأب حتى وفاته يوم مداهمتهم لشقة آل البرازي التي نزل بها الشيخ مروان ضيفا لمدة ثلاثة أشهر...!
"وللحديث بقية"