كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

بعض الإرهاصات التي سبقت حركة 23 شباط 1966م

علي سليمان يونس

الجميع يعرف أن أمين الحافظ "رئيس مجلس الرئاسة"، لم تكن له جذور عميقة لا في الحزب ولا في الثورة. وعندما رأى نفسه على قمة الهرم في الحزب والدولة، لم يعد يحمل رأسه ما وصل إليه, فأخذ يخبط خبط عشواء، سواء في الحكم أو القوات المسلحة. وعندما رأى نجم اللواء صلاح جديد في تصاعد مستمر لم يجد من فرية يلصقها به سوى اتهامه بالطائفية.. وكان هذا الاتهام يجري بين المريدين والمقربين من أمين الحافظ .ولما شجعه الأصوليون والطفيليون على ركوب هذا المركب الخشن، بدأ يتكلم عن هذا الموضوع في كواليس القيادة القومية. وفي إحدى المرات ركب رأسه الغرور وتكلم عن الموضوع في اجتماع القيادة القومية. وتصادف في تلك الجلسة أن الرفيق منصور الأطرش "أبو ثائر" كان مصاباً بصداع في رأسه, وكان وقع كلام أمين الحافظ حول الطائفية أقوى من الصداع. ولكن بما أن نظرية الألم الكبير تنسي الألم الصغير فقد تعافى "أبو ثائر" من الصداع واستأذن بالكلام من الدكتور منيف الرزاز. ومن دون أن يوجه أية شتيمة، مسح الأرض بأمين الحافظ وأعطاه درسا في المناقبية الحزبية والأخلاق العربية، جعل الحضور كافة يعتبرون المسألة منتهية، لأن "أبا ثائر" أغنى الرفاق الآخرين عن الرد، وفي مقدمتهم الرفيق اللواء حافظ الأسد.

وقد رد لاحقا اللواء الأسد على أمين الحافظ أثناء اجتماع فرع القوى الجوية والدفاع الجوي في مطار المزة في كانون الأول 1965، وكان رده قاسيا عندما أخذ أمين الحافظ يفند نسبة الطوائف في سوريا على طريقة المستشرقين, وليس المناضلين البعثيين.. وعندما جاء دور الأسد في الكلام قال لأعضاء المؤتمر بالحرف الواحد:

 "لو لم يكن قائل هذا الكلام هو رئيس الدولة، والأمين القطري للحزب، لعلقته من رقبته في هذه الساحة".

وضج أعضاء المؤتمر بالتصفيق الحاد، وأصبح أمين الحافظ في موقف لا يحسد عليه وما كاد الأسد ينهي كلامه حتى غادر أمين الحافظ مكان الاجتماع..

**إرهاصات تعني: توقعات، تنبؤات، مؤشرات، مقدمات. وإرهاصات الحرب: مقدماتها، مؤشراتها.

**********

كانت حركه 23/ 2/1966 منعطفا مهما في تاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي.. فلأول مرة في تاريخ الحزب تطرح الاشتراكية العلمية بشكل واضح لا لبس فيه.. [وهنا ركب بعض الرفاق قطار المزايدة اليسارية والكل يحاول ان يزايد على الآخر باستثناء اللواء حافظ الأسد (وقليل معه) الذي ظل على نهج الحزب القومي].

هذا في المجال الداخلي أما في المجال العربي فقد أخذت القيادة موقفا متشددا من الرئيس جمال عبد الناصر، وحتى تزايد عليه عربيا ركبت موجه الثورة الفلسطينية وكانت فصائل الثورة المتعددة جاهزة للوقوف مع أية دولة عربية تدعمها وبخاصه سوريا التي تعتبر فلسطين جزأها الجنوبي.. وفي المجال الخارجي فقد مدت خطوطا مع موسكو والصين وكوبا وفيتنام ودول أوروبا الشرقية، ولم تنسَ بطبيعة الحال زيمبابوي وأنجولا.. وأدارت ظهرها للدول الغربية وخاصة أمريكا [مع أن المنطق يقتضي ألا تقطع شعرة معاوية مع الدول كافة وبذلك يكون منطقنا أقوى وموقفنا كذلك..]. كان أول عمل حزبي مهم للقيادة القطرية المؤقتة هو الدعوة إلى عقد مؤتمر قطري استثنائي وقد انعقد هذا المؤتمر بالفعل مساء العاشر من آذار 1966 وحضره ممثلو فروع الحزب في القطر ومراقبون عن المنظمات الشعبية كما حضره أعضاء قياديون من بعض منظمات الحزب في الوطن العربي وقد استعرض المؤتمر في دورته هذه قرارات القيادة القومية المتخذة بتاريخ 21/ 12/1965 وما أعقبها من إجراءات على صعيدي الحزب والسلطة والتي تعتبر بمجموعها تجاوزا صريحا للنظام الداخلي ومخالفة واضحة لقرارات المؤتمر القومي الثامن، كما استمع المؤتمر إلى تقرير شامل من القيادة القطرية المؤقتة عن حركه 23 شباط. وقد تأكد للمؤتمر على ضوء ذلك انه على الرغم من ان الأسلوب الذي اتبع في تنفيذه لم يكن هو الأسلوب الحزبي النظامي إلا ان أخطارا جسيمة ومحدقة كانت تهدد وجود الحزب والثورة نتيجة للواقع الذي قادت إليه قرارات القيادة القومية وإجراءاتها ورفضها اتباع الطرق الحزبية المشروعة في معالجه الأمور ووقوعها تحت تأثير عقلية متسلطة استغلت شرعية هذه القيادة وواقعها لتنفيذ أغراضها ومقاصدها مما جعل اللجوء إلى ذلك الأسلوب أمرا حتميا للحفاظ على كيان الحزب وسلامة الثورة. وفي نهاية المؤتمر يوم 27 آذار اتخذ المؤتمرون توصيات وقرارات عن توجهاتهم الحالية (يمكن للرفاق والأخوة ان يعودوا اليها اذا شاءوا).. وهي قرارات مهمه تتناول وضع الحزب والوضع الداخلي والوطن العربي والعالم.. وتعتبر حركة شباط بحق ثورة ثانية في تاريخ الحزب ولقد كانت منجزات الحركة كثيرة وكبيرة ولا يمكن تعدادها في هذه العجالة ومنها إنجاز سد الفرات والتصدي لاعتداءات العدو المستمرة، ولكن ما يهمنا هو متى وكيف بدأ الخلاف بين أعضاء الحركة؟ وهذا ما سأتحدث عنه في الحلقات القادمة...

**أرجو أن تأخذوا دائماً في الاعتبار أن سن معظم أعضاء القيادة لم يكن يتجاوز والخامسة والثلاثين من العمر!؟.

 
في عقل العدو (1 و2).. أنظر لعدوك بعين نفسه
الرئيس حافظ الأسد وحرب تشرين
اغتيال الشهيد السید حسن نصر الله واختراق السیادة اللبنانية من وجهة القانون الدولي
صناعة الإرهاب هي مهنة أمريكية بامتياز
بعدَ فلسطينَ ولبنانَ هل ستتوسّعُ (خرائطُ) نتنياهو العدوانيّةُ على سورية؟
وجهة نظر عن سبب نجاح عدد غير مسبوق من حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن
كأنّ الغرب الأوربي الأمريكي بصدد فرض طبعة جديدة مزيدة ومنقحة من مؤامرة "الربيع العربي"؟
محاولات لتدبير انقلاب في أنغولا.. هذه هي الرواية كاملة
حوار في الجيوبوليتيك.. مقاربات كمال خلف الطويل
حوار المناضل والكاتب السياسي عدنان بدر حلو مع مجلة الهدف
الفلسطينيون والخلل في نهج المقاومة وفي المفاوضات
لماذا حدثت انقلابات خمسينات القرن الماضي؟
دراسة لصلاح جديد حول مشروع الوحدة المقترحة بين العراق وسورية 1979
لمناسبة الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي السوري.. منظمة كفربو- كيف سقينا السنديانة الحمراء
قسد تسقي "اسرائيل".. والحكسة تموت عطشاً!