رؤية حول أحداث السودان
2023.05.01
د. م . *محمد رقية- فينكس:
ما أن بدأ الاقتتال بين الجيش السوداني بزعامة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو (حميدتي) يوم السبت 15 نيسان 2023 في العاصمة الخرطوم وأماكن أخرى من السودان، حتى بدأ الاعلاميون والمحللون والكتاب بالحديث عن هذه المعارك وأسبابها وأهدافها ومراميها ومآلاتها، فخلال عشرة أيام من القتال نُشرت مئآت المقالات ومئات الفيديوهات عن هذه الحرب، وكل منها يحلل الوضع بما يتفق مع وجهة نظر الجهة التي يعمل عندها أو بما يساعد في التغطية على أهداف المعارك من كلا الجانبين أو الداعمين لهما، أو يحلل طرفاً من المشكلة، أو يركز على أحد عناوينها، إلا أن القليل جداً من هذه المقالات دخلت في عمق المشاكل السودانية والجهات المؤججة لها.
عند الحديث عن السودان ومشاكله لا بد في البداية من تثبيت النقاط التالية:
1- كان يشكل هذا البلد قبل تقسيمه في عام 2011 باقتطاع 644 ألف كم2 منه لدولة جنوب السودان، أكبر بلد افريقي وعربي من حيث المساحة التي تجاوزت 2,5 مليون كم2 أي ما يعادل مساحة معظم دول أوروبا الغربية مجتمعة وتحديداً مساحة فرنسا، اسبانيا، المانيا، بريطانيا، ايطاليا، النمسا، بلجيكا، سويسرا، هولاندا، النروج، لوكسمبورغ. وغناه الذي يفوق الوصف بالموارد الطبيعية وثرواته الزراعية، والحيوانية، والمعدنية، والنباتية، والمائية، والنفطية، ويشكل حقيقة سلة الوطن العربي الغذائية
2- وفقاً لتقديرات منظمة الاتحاد العربي للصناعات الغذائية، يتمتع السودان بحوالي 46% من إجمالي الأراضي العربية الصالحة للزراعة البالغة مساحتها 471 مليون فدان تقريباً، مقابل 20% في الجزائر و18% في المغرب و10% في العراق. وهو الدولة الأولى في العالم بإنتاج الصمغ العربي، حيث ينتج 75 بالمئة من الانتاج العالمي، فضلا عن امتلاكه لنحو 24 مليون هكتار مراعيَ، و64 مليون هكتار غابات يمكن أن تستغل في تجارة الخشب وصناعة الورق، والصمغ العربي ومواد صناعية أخرى عديدة.
3- يمتلك السودان أكثر من 130 مليون رأس من الماشية، ويبلغ احتياطي السودان من النفط المؤكد 6.8 مليار برميل (2010)، وهو بهذا يحتل الرقم 20 في العالم.وأصبح الآن الجزء الأعظم منه في جنوب السودان
4- تغطي الصخور الاندفاعية الغنية بالمعادن أكثر من نصف مساحة السودان، ويوجد في هذا البلد أكثر من ثلاثين نوع من الخامات المفيدة، من بينها الذهب والفضة والنحاس والزنك والرصاص والحديد والكروم والمنغنيز والكوبالت والبلاتين والنيكل والألمنيوم والعديد من مواد البناء والرخام وغيرها. وقد درسناها عن قرب من خلال مساعدة الاخوة السودانيين على مدى عدة سنوات (2004-2006) بإجراء مسح جيولوجي لمناطق شمال شرق السودان المطلة على البحر الأحمر الغنية بالمعادن ووضع خرائط جيولوجية لها باستخدام الصور الفضائية بمقياس 1/ 100000
5- ينتج السودان أكثر من 100 طن من الذهب سنوياً، وبعض مصادر الشركات تتحدث عن 240 طن منه (وفق اللامي 2023) و60 طناً من الفضة.
6- أثبتت الدراسات وجود مخزون هائل من اليورانيوم بإقليم دارفور واقليم كردفان، والنيل الأزرق وولاية البحر الأحمر، ويتميز خام اليورانيوم الموجود في السودان بأنه من النوع العالي النقاوة.
7- ثروة مائية عظيمة وعلى أراضيه يلتقي النيل الأبيض والنيل الأزرق شمال الخرطوم
8- يتميزالسودان بموقعه الجغرافي في قلب افريقيا الشمالي الشرقي، ويطل على ساحل البحر الأحمر بامتداد يبلغ أكثر من 700 كيلومتر، مع العديد من الجزر، التي تعطي مساحة بحرية اضافية للسودان. هذا الساحل الطويل مع جزره جعله على تماس وتفاعل مع الحركة التي تمر جيئة وذهاباً فوق مياه هذا البحر العربي ذو الأهمية الاستثنائية التي اكتسبها من الأنشطة التجارية والثقافية والعسكرية، وجعل السودان ذو أهمية حيوية بالنسبة لإفريقيا والبلدان العربية وخاصة شبه الجزيرة العربية .
لقد تنبه الغرب الاستعماري وأمريكا وإسرائيل إلى خيرات وثروات السودان وموقعه الجغرافي منذ ستينيات القرن الماضي. كيف يمكن لهم أن يتركوا بلداً بهذه المساحة وهذه الثروات وهذا الموقع أن يعيش سعيداً مستقراً؟ لذلك بدأوا في تنفيذ مخطط لتفتيت السودان وإشغاله بالحروب الأهلية لإضعافه وإحكام السيطرة عليه وعلى ثرواته، خوفا من أن يصبح السودان دولة إقليمية قوية كبيرة وقوة مضافة إلى الوطن العربي، وهو ما يتعارض وبصورة مباشرة مع مصالح الغرب واسرائيل في الشرق الأوسط وأفريقيا.
لهذا لم يترك هذا البلد ينعم بالهدوء منذ الاستقلال عام 1956، فقد عاني منذ ذلك التاريخ من 35 أزمة سياسية وعسكرية بمعدل كل سنة أو سنتين ترافقت بانفصال جنوب السودان عنه عام 2011 وازدياد المحاولات الجديدة للانفصال وهذا ما حذرت منه في مقال لي بعنوان السودان واستمرار التقسيم قبل خمس سنوات في 20 سبتمبر (أيلول) 2018
كيف كان وضع السودان قبل الأحداث؟
لقد شكّل التدخل الخارجي بعد اسقاط عمر البشير في عام 2019 أعلى درجات الخطر على السودان، وعلى أمنه، واستقراره، فقد فتحت الشراكات التي قامت بين بعض الفاعلين على المسرح السياسي السوداني وبين المشروع الغربي بامتداد عربي، فتحت أبواب السودان على مصراعيها أمام التدخل الخارج وبات الخطر الأبرز الذي يتهدد البلاد واتسم ذلك كما يشير الباحث د. محمد حسن رسول 2022 بالتالي:
أ- رعاية بعض دول الاقليم وبعض الدول الغربية للتحالف المدني العسكري، وإشرافها على تشكيل السلطة الانتقالية وإشرافها على إعداد الوثيقتين السياسية والدستورية اللتّان تأسست عليهما السلطة الانتقالية ومؤسستيها الرئيستين، مجلس السيادة ومجلس الوزراء.
ب- رعاية هذه الدول لمسيرة السلطة الانتقالية، وتدخلاتها المباشرة في تذليل بعض الصعاب المالية التي واجهتها، والمساهمة في تعزيز علاقات السلطة الانتقالية بالدول الغربية وبالمنظومات الدولية، ومساهماتها في إعادة هندسة الأوضاع في مؤسسات الدولة عامة، وفي مؤسساتها ذات الطابع السيادي بصفة خاصة.
ت- بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني 2020، بعث رئيس الوزراء عبد الله حمدوك رسالة مكتوبة إلى الأمين العام للأمم المتحدة طالباً فيها تشكيل بعثة سياسية خاصة للسودان، تشمل ولايتها الجغرافية كامل أراضي السودان، ويمتد نطاقها الزمني حتى يحقق السودان أهداف التنمية المستدامة بحلول 2030 وقد أخفاها رئيس الوزراء عن مجلس السيادة وتبين لاحقاً ان بريطانيا هي صاحبة مشروع البعثة، وأن السفير البريطاني في السودان هو من صاغ الرسالة، وأنه قد طلب من رئيس الوزراء حمدوك الذي يحمل الجنسية البريطانية إرسالها بتوقيعه إلى أمين عام الأمم المتحدة وقد أعلن السفير نفسه ذلك.
استجاب الأمين العام للأمم المتحدة إلى الطلب، وتم تشكيل بعثة سياسية أممية للسودان حملت الاسم المختصر "يونتامس”، وذلك في 4 يونيو/ حزيران 2020، ثم عين الألماني فولكر بيرتس الذي عمل مع بول بريمر في العراق إبان الاحتلال الأمريكي له، ثم عمل مستشاراً لمبعوث الأمين العام للأمم المتّحدة لسورية خلال الفترة 2015- 2018.
إن المهام التي كلفت بها البعثة تُمكنها وبشكل كامل من ممارسة الوصاية والانتداب على السودان، وهذا الذي ثبت إلى حد كبير خلال فترة عملها، ومن خلال ممارساتها العملية. لقد مكّنت هذه المهام البعثة من صناعة مستقبل السودان عبر وضع الدستور الدائم للبلاد، وسن قوانيين جديدة بعيداً عن الإرادة الوطنية، وبمنأى عن تطلعات المواطنين وهويتهم التاريخية والحضارية.
وهناك بعض التشابه من حيث تفكيك الدولة والمجتمع، وممارسة الهيمنة والوصاية الأجنبية بين حال السودان في هذه الفترة الانتقالية، وبين حال العراق بعد احتلاله في عام 2003، ومثلما فكك الاحتلال الأمريكي مؤسسات الدولة العراقية في عهد بول بريمر، فإنّ مؤسسات الدولة في السودان المدنية منها والعسكرية قد تعرضت إلى التفكيك والاضعاف من قبل السلطة الانتقالية في عهد رئيس البعثة الأممية إلى السودان فولكر بيرتس وتم فصل آلاف الضباط من الجيش والشرطة .
د- لقد برزت إلى السطح ظاهرة إعادة رسم خريطة السودان على نحو جديد، بعد أن وقعت السلطة الانتقالية بشقيها المدني والعسكري على اتفاقية جوبا للسلام مع الحركات المتمردة في دارفور والنيل الأزرق في اكتوبر/ تشرين أول 2020، حيث طبقت لأول مرة ما عُرف بالمسارات الخمس، التي قسمت السودان إلى خمسة أقاليم ومنحت كل إقليم/مسار نصيباً من السلطة والثروة على المستويين الاتحادي والاقليمي، ومنحت اتفاقية جوبا كذلك هذه الحركات حق الاحتفاظ بجيوشها لعشر سنوات قادمة، وحق اقامة قواعد عسكرية لها في الخرطوم وعدد من العواصم والمدن الولائية ,وبالتزامن مع ذلك تزايدت وتيرة المطالبة بانفصال أجزاء من السودان، حيث تعالت دعوات انفصال في شرق السودان، وفي شماله، وفي أنحاء أخرى منه ولا زال ميناء بور سودان مغلقا" حتى الآن بسبب هذه الاحتجاجات وقطع طريق المرفأ ،وهو ما يؤشر الى مستقبل جديد للسودان عنوانه الأبرز هو التفكيك.
ه- تبنت السلطة الانتقالية وصفات المؤسسات المالية الدولية ممثلة في البنك الدولي وفي صندوق النقد الدولي، فاستكملت السلطة الانتقالية دون رحمة، عملية تحرير الاقتصاد، فألغت الحكومة الدعم الذي كان قائماً في قطاعات الصحة والتعليم، الكهرباء، المياه، الغذاء، والمحروقات، وخفضت قيمة العملة الوطنية عشرة أضعاف. وقد أسهم تدهور الأوضاع الاقتصادية في زيادة النفوذ الخارجي، وفي زيادة مستوى تأثيره على القرار الوطني، حتى بات السودان دولة بلا سيادة وبلا استقلال
و- شهدت الفترة الانتقالية بروز تحالف سياسي يرى أن معالجة أوضاع السودان لا تتم دون معالجة علاقاته مع الغرب، وان الأمل في نهوض الدولة لا يتحقق دون علاقة مميزة مع الغرب وابنه المدلل الكيان الصهيوني، وأن الطريق إلى المستقبل يمر عبر الغرب، وأن الحل يكمن في اتباع النموذج الغربي، في كل شيئ
بإيجاز شديد هكذا كان حال السودان في الفترة الانتقالية
دور الكيان الصهيوني والتطبيع
إن ما وصلت إليه اوضاع السودان من تمزق وتمرد يعم البلاد وراءه قوى خارجيه تسعى الى تحويل السودان إلى بلد ضعيف تحركه إمارات متصارعة لتسرق خيراته وثرواته وتسيطر على جغرافيته وعلى رأس هذه القوى الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين وربيبته أمريكا. وكان الجنوب هو البؤرة الاولى للتدخل الصهيوني عن طريق دعم قوات التمرد وفق ما قال وزير الأمن الصهيوني.
إن رؤساء الحكومات في الكيان الصهيوني من بن غوريون الى أولمرت تبنوا استراتيجية التعاطي مع السودان المرتكزة على" تفجير بؤرة الجنوب ثم دارفور..
وركزت الخطة الصهيونية على أهمية الدور الأمريكي في دارفور الذي يسهم في تفعيل الدور الإسرائيلي وإسناده.. حيث قال شارون عام 2003 بأنه حان وقت التدخل في غرب السودان
لقد قال وزير الأمن الصهيوني الأسبق آفي ريختر في احدى محاضراته عام 2008 في معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي عن الاستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة
تجاه 7 دول، هي فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وإيران ومصر والسودان، ولخّص الرؤية الاستراتيجية الصهيونية تجاه هذه الدول في مقولته: “إن إضعاف تلك الدول واستنزاف طاقاتها وقدرتها هو واجب وضرورة من أجل تعظيم قوة إسرائيل، وترسيخ منعتها في مواجهة الأعداء، وهو ما يحتم عليها استخدام الحديد والنار تارة، والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارة أخرى”.
وأضاف: إن استراتيجيتنا في جنوب السودان وفي غربه حالياً استطاعت أن تغير مجرى الأوضاع في السودان نحو التأزم والتدهور والانقسام.
والتدخل الصهيوني في السودان كشفته الوثائق الأمريكية التي أفرج عنها مؤخراً والتوسع في ذلك يحتاج الى مقالة خاصة عن هذا الدور.
والغريب في الأمر أن هناك قوى إقليمية نقلت إلى النظام السوداني في المرحلة الانتقالية رسالة واضحة مفادها أن التطبيع مع إسرائيل هو الحل للأزمات التي تواجه السودان، ولا سيما الاقتصادية، وأن إرضاء إسرائيل هو الطريق الوحيد لقلب أميركا.. لكن إسرائيل لا تقنع بالتطبيع فقط؛ وإنما تريد تحقيق أهداف طويلة المدى من أهمها إضعاف السودان وتفكيكه وتقسيمه.
لذلك تبني رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان حميدتي، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك مشروع التطبيع، ثم تنافسوا عليه، فبعد مقابلة برهان لنتنياهو في أوغندا بدأت مظاهر التنافس حول التطبيع بين ثلاثتهم، ومن مشاهد هذا التنافس مبادرة مجلس الوزراء برئاسة عبد الله حمدوك باتخاذ خطوات تطبيعيه كبيرة، حيث استصدر قراراً من مجلس الوزراء ألغى بموجبه قانون مقاطعة “إسرائيل” لعام 1968، ثم قرر التوقيع على اتفاقية ابراهام، وصاحب ذلك تغيير المناهج الدراسية لتتماشى مع مطاليب التطبيع، فحُذِفت منها كل ماله صلة بالقضية الفلسطينية، وحتى حذفت كل مادة ذات صلة بالتحرر والاستقلال الوطني.
وقام برهان بعقد اللقاءات مع قادة الكيان تمهيداً لتوقيع وثائق التطبيع في أمريكا، أما حميدتي فقد زار الكيان سراً عدة مرات عام 2020و 2021 ووثق العلاقة مع الموساد الصهيوني وأصبح هو الموجه الأساسي له، وسلّمه أجهزة تجسس وتقنيات متطورة لاختراق اتصالات الجيش السوداني. وبعد استقالة حمدوك أصبح التنافس بين البرهان وحميدتي لخدمة أمريكا والكيان والعمل وفق استراتيجيتهما المرسومة للسودان. ومن مظاهر ذلك أيضاً دعم انقلاب البرهان الذي حصل في 25 اكتوبر 2021
الأحداث الراهنة والخلفيات
إن الأحداث الراهنة رغم أن سببها المباشر الظاهر للعيان هو الخلاف على تنفيذ اتفاق الخامس من كانون أول 2022 بين القيادة العسكرية وحميدتي، وخاصة طريقة دمج قوات التدخل السريع في الجيش السوداني، هذه القوات التي رباها واحتضنها في دارفور عام 2003 وطورها ورعاها عمر البشير وأشهرها عام 2013 برئاسة حميدتي لتكون الساعد الأيمن له .
إلا أن الخلفيات الأساسية لهذه الأحداث تتمثل بتقديري بالأهداف التالية:
1- ًتحقيق الهدف الأساسي وهو اضعاف السودان تمهيداً لتفكيكه لاحقا
2- محاصرة مصر اقتصادياً ومائياً وجغرافياً بعد انعدام التنسيق مع السلطة السودانية ويلاحظ ذلك أيضاً من خلال عدم تنسيق الولايات المتحدة مع مصر في هذه الأزمة والاقتصار على العمل مع السعودية والامارات ويؤثر ذلك سلباً على دور مصر الاقليمي والدولي وعلى أمنها واستقرارها.
3- ضرب الاستثمارات والمصالح الصينية والروسية في السودان وافريقيا بشكل عام لحساب مصالح الكيان الصهيوني وأمريكا
4- الحفاظ على تجارة تهريب الذهب والمعادن الثمينة التي برع بها حميدتي خلال السنوات الماضية
5- محاولة ضرب الاتفاق السعودي الايراني برعاية صينية والتقارب مع دمشق والتشويش عليه بامتلاك زمام المبادرة في السودان خاصة بعد عودة السفير الأمريكي اليه في الشهر الثامن من عام 2022
6- السعي لعدم الاستقرار في البحر الأحمر وباب المندب لصالح الأمن القومي الامريكي والصهيوني
7- هناك دور إثيوبي يتكامل مع الدور الأمريكي والصهيوني فلإثيوبيا مصالح لا تخفى في فصل مصر عن السودان في قضية سد النهضة وفي مجالات التنسيق العسكري، ومن المعروف بأن إثيوبيا تملك علاقات دافئة مع الكيان الصهيوني، وتنسق معها في الكثير من القضايا المتعلقة بأمن المنطقة، وبهذا يتشكل أمامنا هذا التحالف الثلاثي المستفيد مما يحصل في السودان.
سيناريوهات المواجهة
في ضوء ما شرحناه فإني أري السيناريوهات التالية في المواجهة:
1- سيناريو أساسي وفاعل ودائم حسب الظروف المواتية وهو السعي لعدم استقرار السودان تمهيداً لتفكيكه وتقسيمه لاحقاً، وهذا هدف صهيو أمريكي لن يتخلوا عنه كلما رأوا ذلك مناسباً، خاصة أن عوامل تفعيله متواجدة في كل الولايات من خلال الجيوش التي تملكها حركات التمرد فيها. ويبقى احتمال استمرار الصراع المسلح هو المرجّح في أولويات الاستراتيجية الأميركية، وإن تباينت وتيرته بين آونة وأخرى
2- ًسيناريو تهدئة مؤقته لدراسة الظروف الملائمة لأمريكا والكيان الصهيوني لتحريك الوضع لاحقاً باعتبارهما المحركين الأساسيين للسلطات وأجهزة الحكم في السودان وفقاً لما يتحقق لهما من الأسباب والخلفيات التي ذكرناها آنفا
3- سيناريو عودة حميدتي الى مسقط رأسه في دارفور ليتحكم بإقليم دارفور الذي تصل مساحته الى حوالي نصف مليون كم2 أي بقدر مساحة البر الاسباني ويطل على تشاد وليبيا وافريقيا الوسطى وجنوب السودان ليستغل ثرواته العظيمة باشراف أمريكا واسرائيل، وخاصة الذهب والحديد والزنك والغرافيت ومعها 16معدن آخر
وأهمها أكبر مناجم النحاس، وأفضل خامات اليورانيوم في العالم.
بالاضافة الى النفط الذي تستثمر بعض حقوله شركات صينية.
وكأني أرى دوره مثل دور أربيل في العراق وأعتقد بأن هذا السيناريو سيحصل آجلاً أم عاجلاً بوجود حميدتي أبو بدونه اذا لم يوجد رادع يردعهم لأن الهدف التالي هو فصل هذا الجزء الهام عن السودان. والهدف اللاحق هو فصل شرق السودان إن أتيحت لهم الفرصة.
الخاتمة
إن من دمر بلداننا وفتتها وسرق ثرواتنا واحتل أراضينا هي أمريكا واسرائيل وهما مستمرتان في ذلك، والآن جاء التركيز على السودان لإشغال منطقة القرن الافريقي وشبه جزيرة العرب كلها وتطويق مصر، وضرب مصالح الصين وروسيا في المنطقة الافريقية والتشويش على الاتفاق السعودي الايراني.
آمل أن تتنبه القوى الوطنية السودانية التي تعاني الضعف حالياً الى هذه المخططات وتسعى مع القوى العالمية المحبة للسلام للعمل على عرقلتها وتجميدها والانتصار عليها مستقبلاً ليعود السودان حراً عربياً أصيلاً يستغل ثرواته بأيدي أبناءه وأصدقائه المخلصين .
استاذ جامعي وباحث أكاديمي*