كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

صور وكلمات

محمد صباح الحواصلي
كتبتُ هذه الخاطرة في مثل هذا اليوم منذ اثنتي عشرة سنة (٢٠١٢)، وإنني أعيد نشرها الآن وأنا أسأل نفسي بكثير من التوق إلى الماضي وناسه وأماكنه وهمومه ماذا بقي من لوحة الماضي البانورامية؟ وهل لا تزال القراءة والكتابة تحتفظ بإحساس البداية نفسه بالحماس له؟
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏دراسة‏‏————————-
في غرفتي

صورة أخرى للفترة نفسها (١٩٦٩ - ١٩٧٠) جالس على كرسي مكتبي المتواضع وليس أمامي الا الكتب والراديو القديم استمع إلى صوت العرب من القاهرة، ومونتي كارلو، وكم كنت أسْعَد عندما يصلني عبر مذياعي صوت استاذي وصديقي ياسين كلاس المذيع باللغة الإنجليزية في البي بي سي.. في هذه الغرفة عشقت طه حسين، وقرأت العقاد والمازني وسلامه موسى ونجيب محفوظ ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وعبد الرحمن بدوي وزكريا ابراهيم ومحمود أمين العالم ورجاء النقاش ويوسف أدريس ويوسف الشاروني وزكريا تامر وجورج سالم وسارتر وكامو وأرنست همنجواي وجويس وبكيت وفرجينيا وولف ومجلة الآداب البيروتية ومجلة "الفكر المعاصر" و "جيش الشعب". وعندما يُقرع باب بيتنا وتأتيني أمي على الأغلب وتذكر اسم صاحبي بلكنتها المحببة، أدخل صديقي إلى غرفتي ولعله عبد الرزاق حداد أو وليد رمضان أو سميح ياسمينة أو فؤاد بخاري أو محمد بني مرجة أو وليد قصاب أو مروان صواف أو يوسف عبد الكي أو مفيد بريدي أو حسان سفور أو بسام الزعيم ونقضي شطرا من النهار والليل كله وأحياناً حتى مطلع الفجر ونحن نتحاور في اليسار واليمين، والوجودية والماركسية، والايمان والالحاد، الإلتزام والفن للفن، والحرب والسلم، والاسلوب والمضمون.. والرائع أننا لم نتفق أبداً الا في حب الوطن والرغبة العنيفة بهجره والسفر!