كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عن ابن الأصل..

سمير جبارة

حين نقول ابن الأصل، لا نقصد بقولنا هذا المتحدّر من عائلات ضاربة في العراقة، أو من ذوي الحسب والنسب.
بل ابن الأصل هو ذاك الذي تصنع أفعالُه وأخلاقُه أصلَه وفصلَه..
ابن الأصل هو الذي تجده كريم النفس صاحب المعدن الأصيل، والذي توقن أنّه إنسانٌ جديرٌ بالثقة. هو صاحب الوجه الواحد والموقف الواضح والكلمة الحق. هو الذي يكون اسمُه علامةً فارقةً لحسن الخلق، وطيب المعشر، وصدق القول والفعل.
هو الأمين الذي لا يخون، والصادق الذي لا يكذب، والشجاع الذي لا يجبن..
هو السموح الذي يهرع لإغاثة الملهوف، الكريم الذي يفيض عطاؤه على من حوله، الكاظم الغيظ عند الغضب، العافي عن الناس عند المقدرة، والمحسن في أقواله وأفعاله وردّات فعله..
هو صاحب النوايا الحسنة النظيفة، الذي لا يطعن في سمعة ولا يمسّ بكرامة ولا يخوض في عرض ولا يشوّه في سيرة أحد.. هو الذي يعلم أنّ بعض الظن إثم فيتبيّن قبل تصديق أي خبر. هو الذي إذا سمع شرّاً عن مخلوق كتمه كي لا يسهم في نشره، وإذا عرف طيباً عن أحد أقرّ به وتحدّث عنه ونشره.
هو الذي يعرف قيمة الناس ويقدّرهم ويعترف بمحاسنهم ولا ينسى معروفهم ويردّ لهم الفضل بأفضل منه..
هو الذي يترفّع عن الصغائر فلا يلوّث نفسه بحقد ولا قلبه بضغينة ولا لسانه بسيّء القول عن أحد أو لأحد.
هو الذي ينأى بنفسه عن المعارك الصغرى، مدّخراً طاقته النفسية والفكرية لما هو أكثر فائدة من الانتصارات الوهمية السخيفة.
هو الذي يستطيع ان يردّ لك الصاع صاعين عند العداوة، ويمتنع عن ذلك رأفةً وأنفة، وهو الذي عند اللجوء إليه يتناسى الأذى ويسارع للغوث نبلاً ونخوة مهما بلغ بينكما الجفاء والبعد.
هو الشهم الذي إن احتجته وجدته، وإن لم يجدك عند حاجته عذرك. هو عزيز النفس الذي يفي بوعوده فلا يخلف وعداً ولا ينكث عهداً ولا يرمي سهمه غدراً..
هو الكريم الذي يستر عيبك ولا يفشي سرّك ويسند انحناءك ولا يطعنك في ظهرك ويعطيك من قلبه..
وهو الذي إن آذيته لا ينتقم ولا يضرّك، بل يعيدك غريباً عن أفياء كرمه ويقصيك عن واحة عطائه، لكنك تأمن ظلّه ولا تخشى أن ينقضّ عليك في أيّ حال، لأنّه يصون العِشرة ويحفظها وحتى في عداوته هو نبيلٌ أصيل كريم النفس لا يُخشى غدرُه.
قيل إنّ أولاد الأصل رزقٌ وهذه حقيقة وواقع.. بل هم من أجمل الأرزاق إن استحققنا وجودهم في حياتنا وحافظنا عليهم.. والأهم الأهم، إن عرفنا كيف نكون معهم نحن كذلك: أولاد أصل..