كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

السفر الميمون = أيام في الذاكرة: 5 / 11 / 1985م

د. محمد سليمان

لا توجد سعادة دائمة في الحياة بل توجد ومضات لها فقط فثمنها ولتحيا بها (تولستوي).
في مثل هذا اليوم، وبعد أيام من الوداع الجميل في بيتنا الذي كان أشبه بخلية النحل، حان موعد السفر، ومع تباشير صباح يوم الثلاثاء الخامس من شهر تشرين الثاني عام 1985م، كنا في مطار دمشق (الدولي) وبعد إجراءات الدخول وتسليم الحقائب وختم جوازات السفر، صعدنا إلى الطائرة نوع ت. يو 154 وعلى متنها دفعة كاملة من المعيدين والموفدين إلى الاتحاد السوفييتي، وانطلقت الطائرة في الساعة التاسعة صباحا، وحطت في مطار إسطنبول بتركيا الساعة 10.45 صباحا وبقينا ننتظر في المطار حتى الساعة 5.15 عصرا بسبب عطل وصيانة في الطائرة كما قيل لنا، طبعاً كان انتظاراً ثقيلاً ومزعجاً أمضيناه في قاعات الانتظار، ثم أقلعت بنا الطائرة لتحط رحالها في مطار شيرميتفا في موسكو الساعة 8.15 مساءً، وحمدنا الله على السلامة، وبعد إجراءات الدخول وتسجيل الجوازات واستلام الحقائب تم استقبالنا ونقلنا إلى فندق الجامعة حيث وصلنا الفندق الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، وكم كانت بهجة الوصول ومتعة الترقبقد تكون صورة ‏‏‏٣‏ أشخاص‏ و‏نص‏‏ جميلة ورائعة بعد هذا اليوم الطويل.
تم استلام الغرف والسهر والحكي بين زملاء الدراسة سابقاً ولاحقا، بانتظار انطلاق كل إلى البلد والمدينة والجامعة الموفد إليها في أرجاء الاتحاد السوفييتي الواسعة، هذا الانطلاق والوداع والفرز استمر عدة أيام حيث صادفت عطلة أعياد ثورة أكتوبر الروسية، ولكن الوداع تم والتواصل بين الزملاء استمر خلال سنوات الدراسة والتعلم والنهل من مصادر العلوم وتجارب الحياة التي لا تنسى، أنا انطلقت في رحلة طويلة إلى جامعة دونتسك في أوكرانيا ثم بعد ذلك انتقلت إلى جامعة سان بطرس بورغ (لينينغراد سابقاً) وناقشت أطروحة الدكتوراه بتاريخ 15 / 11 / 1990 بعد خمس سنوات من الحياة الجميلة والعمل الدؤوب وبالتأكيد ليس بدون صعوبات وقلق وتعب وسهر وخوف وترقب ليس فقط خلال السنوات الخمس ولكن قبل ذلك وبعده وكما قال الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
(طبعا لا داعي للتذكير أنه في تلك الأيام لم تكن الموبايلات ووسائل الاتصال والتواصل متوفرة وكانت الرسائل والأخبار المتبادلة تحتاج إلى أشهر منقد تكون صورة ‏‏شخصين‏ و‏نصب تذكاري‏‏ الانتظار هذا إذا وصلت طبعا؟).
أعتذر عن الإطالة وتحية طيبة لكل من شاركني تلك المرحلة وهم كثر جداً، وشكراً لكل من قرأ ولكل من يحب السفر ويؤمن بالعلم والعمل ويحلم بالحياة والنجاح، لكم جميعا تمنياتي بتحقيق أمانيكم ودمتم بألف خير وسعادة. مرفق بعض الصور: أمام جامعة موسكو وبعد الوصول وبدء الشتاء، و في مدينة سان بطرس بورغ وكذلك أثناء مناقشتي أطروحة الدكتوراه.