كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

نكات ليست للضحك

زيد شحاثة- فينكس

 من سوء حظنا أو من حسنه، لا يمكن أن ندري حقا، لكننا دوما عندما نمر بنكته نقرؤها أو نسمعها، إلا ونقوم بربطها بحادثة أو موقف أو فكرة، تسبب لنا ألما في المعدة وتهيجا في القولون، ويستثنى من ذلك طبعا، صنف من البشر ممن يعيشون ليأكلوا..

ربما هذا مبرر ومفهوم لنا، فمثلا لو قال لك أحد نكتة مفادها، أن ولدا قال لأبيه: "هل تصدق أنى رأيت ساحرا حوّل عشرين دولارا لحمامة!"، قال الأب مستهزئا: "وما هو العجيب في ذلك، ألم تشاهد أمك وهي تحوّل راتبي كله لفستان؟!".. الآن من منا لم يفكر في زعيم سياسي ومسؤول كبير في الدولة، قام بتحويل ميزانية محافظة بكاملها، لقصر أبيض على نهر دجلة!

يقول ظريف أخر مخاطبا زوجته: "هل تصدقين أني كنت أعتقد أن زواجي منك سيجلب النحس لي؟"، فقالت له: "طيب وبعد ما تزوجتني؟"، فقال لها "لقد تأكدت من ذلك!".. هل هناك من أحد فينا، لم يأت زعيم أو قائد أو مدعيهما على خاطره، كان يظنه هو سبب النحس في حياتنا كلها، ثم تأتي المواقف والأفعال والمصائب التي جرها علينا، لتؤكد ذلك!

يقول أخر: "كلما تذكرت يوم زواجي، حين وقعت على العقد وأنا بكامل قواي العقلية، دون قيد أو إكراه أو ضغط، إلا ومر أمام ناظري قوله تعالى "وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون!".. كيف يمكنك ألا تفكر بأنك، رغم قراءتك لتلك الأية ألاف المرات "باعتبارك متدينا" وتعود وتنتخب الزعماء نفسهم "النحس" أعلاه ومرشحيهم مرة أخرى، في تصرف أقل ما يقال عنه أنه أحمق..

يصف ولد حاله في أسرته فيقول: "أخي الأكبر هو مدلل أبي، وأختي الصغرى هي مدللة أمي، وأنا الأوسط أحس نفسي بينهم، كأني من يهود بني قريظة".. هل من المعقول أن حكامنا العرب أجمعهم، يظنوننا نحن شعوبهم العربية، من يهود بني قريظة!

يقول موظف شاب والحيرة والإنزعاج تغطيان وجهه، أنه كان يتمنى أن يملك الجرأة ليسأل مدير دائرته، الذي كلما تحدث عن إنجازات دائرته يبدأ بقوله: "برعاية السادة المسؤولين..." أن يسأله هؤلاء مسؤولون عن ماذا؟ وما الذي يقصده بالرعاية؟! هل هي تشبه الرعاية الاجتماعية مثلا أم ماذا؟ لكنه يخاف العقوبة وقطع الراتب..

يروي رجل عن موقف لا يحسد عليه، هو من وضع نفسه فيه فيقول: "قلت لزوجتي وأنا أمثّل عليها "التحضر والتمدن والتعلمن"، هل تعلمين أن من حق المرأة، أن ترفض الإنجاب، لتحافظ على جمالها؟"، فأجابت بهدوء وبصوت واضح وهي تنظف أرض المنزل "يا ليت والدتك حافظت على جمالها!".. هنا يحق لنا أن نقسم أن من خطر ببالنا، عشرات المسؤولين والساسة، وأتباعهم من الجهلاء والحمقى، كنا نتمنى لو أن أمهاتهم حافظن على جمالهن!

ما علينا من كل ذلك، دعونا نضحك قليلا ونبحث عن نكات جديدة، تلهينا عن واقعنا السمج المتردي، وخصوصا أننا لا نسعى لتغير هذا الواقع ولو على مستوانا الشخصي، ربما لأننا نريد نكاتا تلهينا وتخدرنا للنام، أو لسنا أمة عربية نائمة!