كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عن صلاح جديد.. قول على قول

نصر شمالي

قول على قول.. عن اللواء صلاح جديد أقول لكم ما أعرفه من موقعي غير الحزبي والمستقل تماماً منذ أواخر العام 1970، وهو أن صلاح جديد لم يتسلم منصبآ سلطوياً رسمياً أبداً، ما عدا رئاسة هيئة الأركان العامة للجيش، لبضعة أشهر، في العام 1964 وقدم استقالته بملء إرادته مختاراً التفرغ للعمل الحزبي السياسي المدني، ولم يكن أبداً لا رئيس دولة ولا رئيس وزراء ولا وزير ولا محافظ ولا مدير، ولا أمين قطري للحزب ولا أمين عام للحزب، وذلك على مدى السنوات السبع الأولى من العهد المسمى "عهد صلاح جديد"! أي حتى خروجه من الحياة العامة ودخوله السجن..
وهو من موقعه في الحزب فقط، وكأمين مساعد فقط (فقط لا غير) كان منصرفاً بكليته للنهوض بالقضية القومية عموماً والفلسطينية بالمقام الأول.. وكان السوفييت أيضا ضد مشروعيه القومي العربي الوحدوي والفلسطيني التحريري المسلح بشكل قاطع، وقد خيره السوفييت بين التخلي عنهما أو السجن فاختار السجن!
لقد كان صلاح رجل قضية عربية لا رجل سلطة قطرية، وكان يتطلع بإصرار وتركيز إلى ثورة شاملة تحرر الأمة عموماً، وهذا ماجعل حقد السعوديين ومن لف لفهم ينصب عليه، وما جعل الإعلام السعودي ومن لف لفه يركز عليه ويسمي العهد باسمه (يسميه "عهد صلاح جديد"!) زورأ وبهتانآ لتحميله وزر انحرافات وجرائم الغير ولتحويل الأنظار عن قضيته العامة إلى قضايا داخلية تافهة وحقيرة يطمسون بها قضيته، وينسبونها إلى "عهده" المزعوم!
وفي المحصلة يكفي النظر إلى مصيره الفظيع لندرك أنه دفع ثمن قضية كبرى تتعلق بأوضاع مجمل المنطقة والأمة، وليس ثمن تفاهات صغيرة شحن بها الإعلام النفطي رؤوس البعض! ولو أنه كان من أصحاب القضايا التافهة الحقيرة لما عومل هو ورفاقه بكل تلك القسوة، ولكان مكانه في قمة السلطة دائماً وبرضى السعوديين ومن وراءهم ومن حولهم، الذين سيكونون عند ذلك أول من يحتضنه ويرعاه!
ومع ذلك أقول اليوم أنه إذا كانت هناك واقعة محددة موثقة وثابتة تدينه وتجرمه، فليقدمها من يملكونها، فلا أحد، لا صلاح جديد ولا غيره، فوق مصلحة الأوطان والأمة. 
*****

إضافة.. أقول عن معرفة مباشرة باللواء صلاح جديد:

كان صلا ح، أبو أسامة، خجولا حكيما رصينا.. فرآه الخصوم اللئام "كتوما مناورا كهينا"!
وكان صلاح جديد زاهدا عفيفا معرضا.. فرآه الخصوم اللئام "غامضا طامعا مغرضا"!
******

سمعت من الرئيس الدكتور نور الدين الأتاسي في حرب العام 1967، إثر عودته من زيارة لوارسو، أن غومولكا سكرتير الحزب الشيوعي البولندي قال له: "هل تصدق أن في مكتبنا السياسي أعضاء متحمسون لانتصار إسرائيل أكثر من حماس الإسرائيليين؟!".. 

وقد قاد غومولكا حملة هائلة علنية ضد الصهاينة في حزبه، حيث كان ولاؤهم لإسرائيل في المقام الأول، وليس لبولونيا بلدهم في المقام الأول.. وبالطبع فهم ولا بد كانوا على صلة بالمخابرات الأميركية قبل الإسرائيلية.. وهكذا كان الحال في غير بولونيا..