كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

من آخر ماكتبه د. الصايغ: في التباين غنىً...

أدناه مقال للدكتور فايز الصايغ، الذي غادرنا اليوم 8 أيار 2023 إلى ديار الحق، وهو من آخر ما نشره الراحل الكبير في صفحته الشخصية بتاريخ 6 نيسان 2023.

التباين غنىً والتمايز سمات، فما من أحد يشبه الآخر أو هو نسخه عنه حتى أبناء الرحم الواحد يختلفون...
.... في الأسرة الواحده نتباين.. في البيئه نختلف في الجماعات والكروبات المؤتلفه نختلف باختلاف الثقافات وأنماط التربيه والسلوك والطباع.. في الأحزاب نختلف كأحزاب ونختلف في الحزب الواحد...
.... ولا نأتي بجديد اذا ما قلنا ان القيادات الفكريه والسياسيه الواحده اختلفت وانقسمت حد الصراع حتى في حزبنا الوحدوي الذي يدعو الى وحدة الامه العربيه، انقسم وفي بعض الحالات لم يحسم الخلاف إلا بالفرقه والاختلاف والتشتت، قبل أن يعيد الرئيس حافظ الاسد لملمة التشتت في الرؤيه والرؤى عندما قولبت الحركه التصحيحيه المشتركات المختلف عليها ووحّد التباين في الرؤى ووضع الحزب على مساره ورسم له منهجاً وحدوياً بعد سنوات من الانقسام والتشتت والاختلاف الحاد...... الشيوعيون انقسموا والقوميون الاجتماعيون انقسموا.. فالاختلاف غنىً ولو الى حين يمكن خلاله ان تتكرّس المشتركات ويتسع افق الرؤى وتتأطّر اساليب العمل وتتطور بما يوحد الجهود ويلملم القوى للعمل على تطوير الحياة...
..... لكل شيءٍ اذا ما تمّ نقصان.. فلا يغرّ بطيب العيش انسان.. هي الأمور كما شاهدتها.. من سرّه زمن ساءته أزمان...
...الأزمه التي مرت بها سوريا وشعبها ولا تزال تجرّ ذيولها أزمه متعددة الأهداف والأدوات ومتعددة الأغراض والأساليب بشكل يمكنني القول فيه انه غير مسبوق.. فالطبيعي ان نتباين من مواقعنا ورؤانا وتباين فهمنا لما جرى ولايزال يجري ..من طبيعة المهن التي نعمل عليها ونعبّر بها.. والطبيعي ان نتباين بحدّة الاوضاع وان نتشرذم بشرمذتها وان نتباعد بتباعدها وأن نجتهد ونختلف في الاجتهاد وما يقوله بعض الفنانين او الصحفيين دليل والسنوات العشر الماضيه تكفّلت بتعميق الشروخ ونكئ الجراح وتباين المواقف ونزق الأفكار...
...يكفي كصحفيين ان نرصد الظواهر والمظاهر ونحاول اجتراح الحلول او اقتراحها.. ومن هنا وفي ذروة الغصّه والعصّه أدعو المرجعيات الاسريه والاهليه والمجتمعيه والتنظيمات الشعبيه وقوى المجتمع المدني الوطني العمل على المشتركات وعلى جمع الكلمه لا على تعميق الشروخ فقد آن الآوان لوقفه مع الذات السوريه ومن ثم الذات القوميه ووقفه اهم لمراجعة القوالب السياسيه الصمّاء التي تجاوزها الزمن والمحن.. فالصدمه السوريه بتفاصيلها ومواجعها ينبغي ان نحوّلها الى عبرة ودرس لنا ولمن يعتبر منّا ..فهل نعتبر ونحوّل التباين الى غنىً؟