كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

هل الغراب طائر شؤم؟!

محسن سلامة:

1 __ نعم الغراب طائر شؤم في أكثر المجتمعات البشريّة، إذ يشير نعيقه ولونه الأسود إلى الأنفس المُنهَكة المصابة بالحصر النفسيّ، والعزلة الإراديّة، فهو نذير اضطرابات داخليّة،
لونه لون الظلمة والعتمة، لون النوم، لون الخوف الداخليّ، اللون الأسود يمتصّ الألوان بدلاً من أن يعكسها،
يطلق أجنحته و كأنّها تتزامن مع اصطفاق النفس في مواجهة المجهول، وكأنّ العالم برمّته يلاحق هذه النفس،
2 __ ولكن في الحقيقة هناك من يرى الغراب حيواناً اجتماعيّاً، نافذ البصر، طائر الساحرات، يؤدّي وظائف تنبّؤيّة، رسول فأل رائع، رسول إلهيّ كما يرى اليابانيّون،
3 __ ألم يكن غراباً ذلك الذي تحقّق في سفر التكوين، ممّا كانت الأرض تبدو مجدّداً بعد الطوفان،
4 __ دافع عنه الكثير من الأدباء والأديبات العربيّات، فلونه الأسود يذكّر بالظلّ، الظلّ الإنسانيّ الأمل الذي يمكن له أن يتحقّق في يوم من الأيام،
فالسواد لون الانتظار الرمزيّ في اللاشعور، السواد الغريزة البدئيّة التي يمكن توجيهها نحو أعمال سامية،
5 __ في النهاية هو طائر رافق الإنسان في وحشته يمتصّ الألوان بلونه الأسود بدلاً من أن يعكسها، رمز القصاص والحداد وديمومة الحزن،
والعرب تقول لمن تتشاءم منه: ارحل عنّا يا غراب الشؤم، يا غراب البين (الفراق).
6 __ يُقال أنّ الغراب أوّل من علّم البشريّة طريقة دفن الميت، علّم قابيل كيف يدفن أخاه هابيل بعد قتله،
شاهد قابيل غراباً يصرع غراباً وشاهد كيف دفنه تحت التّراب، فقام قابيل بدفن أخيه هابيل تحت التراب بالطريقة نفسها،
أبعد الله عنكم الشؤم أخوتي وأصدقائي الأعزّاء