كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

تونس.. الموارد المائية بين الأمس واليوم

المهندس محمد الصالح قلايد- تونس- فينكس
عُرفت البلاد التونسية منذ القدم بضعف مواردها المائية التقليدية سواء منها السطحية أو الباطنية، حيث تمّ جلب مياه الشّرب للحاضرة من مدينة زغوان في عهد عليسة وقرطاج وتمّ اقتسام مياه الريّ بصفة دقيقة وشبه عادلة في واحات الجنوب التونسي من طرف العلّامة ابن شباط.

ولئن اختلف الزمان فلا تزال البلاد تعاني من شحّ المياه حتّى بعدما تمّ إنجاز عديد المنشآت المائية بمختلف أنواعها مثل السدود ومنشآت التحويل وكذلك الآبار العميقة ذات الدفق المرتفع.
تمثّل التساقطات المطرية في بلادنا حوالي 36 مليار م3 من المياه موزّعة كالآتي:
4.8مليار م3 ما يمثل 13% هي مياه زرقاء من الممكن تعبئتها واستعمالها في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
11.5 مليار م3 ما يمثل 32% مياه تستقبلها الأرض وتتمثّل في الفلاحة المطرية والغابات والمراعي.
19.7 مليار م3 ما يمثل 55% مياه تتبخّر أو تلك التي تذهب للمناطق الرطبة أوالسّباخ والبحار.
ولئن استطعنا تعبئة الموارد المائية بنسبة هامة تفوق 92% حسب آخر الإحصائيات فقد أصبح الوضع صعبا جرّاء عدّة عوامل أهمّها، كثرة الطلب على المياه بسبب النموّ الديمغرافي وتحسّن مستوى العيش في المدينة والقرية كما المناطق الريفية على حدّ السواء.
تقادم المنشآت المائية وتجهيزاتها مع كثرة الاستعمال بمرور السنين.
تغيّر المناخ وما يتولد عنه من سنين صعبة يعمّقها الجفاف وقلة الأمطار والاستعمال المفرط وغير الرشيد للمخزونات المائية السطحية والجوفية ،وربّما وقد يكون هذا مؤكد، عدم وعينا أو إلمامنا بقيمة الماء في التنمية وتواصل إهداره وعدم المحافظة عليه وتثمينه التثمين الأمثل؛ حيث تعتبر المياه محرّك التنمية في جميع أصقاع العالم بل في جميع الحضارات المتعاقبة عبر التاريخ.
وقد شهد قطاع المياه تطوّرا ملحوظا نتيجة لمخططات التنمية التي وضعت لذلك إبّان الاستقلال حيث قبل سنة 1956 لم ينجز في هذا المجال إلا سدّين هامّين فقط وهما بني مطير بمنطقة عين دراهم وسدّ ملّاق بشرى نبّر من ولاية الكاف، وبذلك ارتفع عدد السدود ليصبح الآن في حدود الأربعين (40) سدّا كبيرا بطاقة خزن هامّة تقدّر بحوالي 2300 مليار م3 من المياه الصالحة للاستعمال.
وانتعش بذلك القطاع الفلاحي خاصّة المروي منه وتنوّعت الزراعات السقوية التي ساهمت بصفة فعّالة في تأمين احتياجات البلاد من المواد الفلاحية وبالخصوص الخضروات و الغلال بمختلف أنواعها. حيث ارتفعت المساحات المروية إلى حوالي 440 ألف هكتار بعد أن كانت لا تتجاوز 50 ألف هكتار في بداية ستّينات القرن الماضي..
إلا أنه ومنذ سنوات وفي مستهلّ سنوات الألفين ( 2006-2007) بدأت ملامح نقص المياه تظهر نظرا لكثرة الطلب خاصّة على مياه الشرب وكذلك لتأثير سنوات الجفاف والاستعمال المكثف للمخزونات بصفة عامة ؛ وهنا بدأ التفكير لإيجاد الحلول على المدى البعيد والمتوسط حيث انطلقت الدراسات لإيجاد البدائل ومنها:
تعزيز منظومات تحويل المياه وربط أكثر ما يمكن من السدود ببعضها البعض تثمين المياه المعالجة التي تنتجها محطات التطهير لاستعمالها في الريّ الفلاحي أو ريّ المساحات الخضراء.
تحلية المياه المالحة المتأتية من الموائد السطحية أو العميقة وكذلك تحلية مياه البحر.
وضع مزيد من الخطط للتحسيس والتوعية عن طريق وسائل الإعلام بمختلف أنواعها للتعريف بقيمة الماء وندرته وطرق المحافظة عليه وضع برنامج للتغذية الإصطناعية لعديد الموائد الباطنية التي تشهد استغلالا مشطّا وذلك عن طريق منشآت للشحن الإصطناعي والاستفادة من مياه الأمطار في سنوات الوفرة.
كما نشير في الختام أن تونس تصنّف حاليّا ضمن 33 دولة في العالم التي تعاني أو ستعاني من ندرة المياه أو الشحّ المائي وقدرها التأقلم مع هذه المتغيّرات العالمية والسعي للحفاظ على مواردنا المائية المتاحة من الهدر وتوظيفها وتثمينها على أحسن وجه.
"قطرة ماء تساوي مشروع تنموي رائد" هكذا قال أحد الخبراء متحدثا عن هذا المورد الطبيعي الثمين.
 
أعناب سوريا بين الحرب والتغيُّر المناخي!
لماذا حيفا؟.. معادلات الصراع بين الأمن والإقتصاد
مصير غامض لعمال الضفة الغربية وسط أزمة اقتصادية طاحنة
القطاع الزراعي.. ضحية أخرى للحرب في سوريا
تونس.. الموارد المائية بين الأمس واليوم
التغيير ضرورة للتقدم والتطور
ما الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة في سورية.. والحلول الممكنة؟
الحرب الاقتصادية في الضفة.. خسائر مدمرة وكارثية
الحياة الريفية.. ميزاتها وسلبياتها
ألمانيا نادمة لاتباعها السياسة الأمريكية وتطرد لاجئين أوكران وتتبعهم بعرب
إسرائيل.. والحرب الاقتصادية على الضفة الغربية
الليبرالية الجديدة: أساطير وأوهام وتداعيات كارثية على الدول التي تبنتها
قضايا اقتصادية راهنة
قريتي النائية وبيتي الترابي.. طفولتي الهنيئة وذكرياتي الجميلة
المتة.. ماهيتها وأماكن انتشارها.. فوائدها وأضرارها