كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

رياض نجيب الريس

صبري عيسى- فينكس:

لو عرف سياسيونا متى يتقاعدون، وحكامنا متى يرحلون (إعادة)
( قرات كتاب (آخر الخوارج) للصحفي السوري رياض نجيب الريّس، ومع ان الكتاب كان ضمن مكتبتي منذ سنوات وهو هدية من الصديقة والزميلة سعاد جروس، إلا ان حاجتي للرجوع إليه هو للتذكير بتجربة متميزة لصحفي سوري هو فعلاً أول الخوارج وليس آخرهم كما يشير عنوان الكتاب الذي حرص المؤلف على تعريف (الخوارج) بأنهم الذين خارج السائد والمألوف بعيداً عن المعنى التاريخي الموروث عن (الخوارج)، و أنا قصدت بأن المؤلف أول الخوارج لأنه لم يدخل عباءة الصحافة السورية منذ مصادرتها عام 1958 و ايقاف صحيفة (القبس) التي كانت منبراً حراً لم تتح الظروف لوارثها الأستاذ رياض من الاستمرار باصدارها، وعاش تجربة صحفية غنية متنقلاً بين معظم الصحف اللبنانية والاوروبية، و في الوقت نفسه حافظ على استقلاليته كصحفي محترف بعيداً عن كل الحسابات السائدة في الأوساط الصحفية اللبنانية، انسجاماً مع قناعاته لذا يقول في موقع من الكتاب:
(في النظرة الضيقة التي تخدم سلطة وزير إعلام ما تجاه حاكمه. معنى هذه السيطرة أن هذه الدولة أو تلك ليست على وعي بالمتغيرات السياسية التي تحصل في العالم اليوم ولا بما يستجد في عالم الاعلام الآخرمن تطورات على صعيد التقنيات والانتشار. وخطورة ذلك عربيا أن الصحافي أصبح محاصراً تماماً، فإما أن يفقد منبره ورزقه أو يصبح مطواعاً داخل المؤسسة).
اسعدتني الظروف بلقاء الاستاذ رياض بحضور الصديق والزميل فؤاد بلاط والصديقة سعاد في آخر دورة لمعرض الكتاب اقيمت في مباني معرض دمشق الدولى المجاور لبردى منذ سنوات، وفوجئ عندما قلت له أنني احتفظ بأعداد صحيفة (المنار) التي اصدرها عام 1977 وصدر منها 36 عدداً وتوقفت عام 1978 وكانت تجربة (المنار) متميزة ولم يخل أي عدد منها من سبق صحفي جلب المتاعب لصاحبها وكتابها، ومنعها من الدخول لمعظم الدول العربية.
قبل سنوات كنت أشاهد الاستاذ رياض ضيفا على احدى الفضائيات في بث مباشر، وخلال الحوار قام المرحوم الاستاذ غسان تويني القامة الاعلامية المشهورة في لبنان باجراء مداخلة مباشرة على الهواء، فما كان من الأستاذ رياض إلا الترحيب به بكلمة (معلمي) وكان حوارا ممتعاً قال فيه رياض أن من يدخل (النهار) عليه أن يبحث عن دور له حسب قدراته، و أكد مثل هذا الكلام في كتابه.
عن تجربته في صحيفة (الحياة) حيث أورد كلاماً قاله ذات مرة رئيس تحريرها كامل مرّوة : (عندك زاوية اكتب رأيك فيها، ولكن حذار اقحام رأيك في الخبر) وكان مرّوة يصّرعلى فصل الخبر عن التعليق وضرورة احترام مصادر الخبر.
درس في قواعد المهنة لم يأخذ به أحداً من العاملين في الصحافة الرسمية السورية!
هامش:
في كتابه (آخر الخوارج) الصادر عام 2004 يقول الأستاذ رياض:
(نحن في العالم العربي لانعرف كيف ومتى ننهي أدوارنا، ولو عرف سياسيونا متى يتقاعدون، وحكامنا متى يرحلون، وكتابنا متى يتوقفون، لوفروا على أمة العرب أعظم بلاء).