كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

سفير الفقراء هيثم يحيى محمد في الجزء الثاني من حواره مع فينكس و أبرز المحطات و العقبات في مسيرته

الجزء الثاني من حوار" فينيكس" مع الصحفي المخضرم "هيثم يحيى محمد".. أبرز المحطات المهنية والعقبات.. ومقترحاته لتطوير الإعلام السوري

رنا الحمدان- فينكس

يتابع الصحفي و الحقوقي "هيثم يحيى محمد" حواره مع فينيكس وينتقل بنا للحديث عن مرحلة التنقل بين الكتابة والإعداد والتقديم التلفزيوني، وأزمات تلك المرحلة، وصولاً لمهمات الإيفاد، واستلامه للجنة الصحفيين في المحافظة، ونجاحه بتحويل طرطوس لمنبر للحوارات المفتوحة مع الحكومة، والتي أثيرت خلالها العيد من القضايا والمداخلات النوعية حينذاك، لنصل إلى رأيه ومقترحاته بغية تطوير الإعلام السوري..

العمل في الإعداد والتقديم:هيثم يحيى محمد و العم علي سعد و سمير خضر و حسين مرتضى

يشرح محمد كيف دخل في العام 2006 في مجال العمل التلفزيوني، بقرار من الدكتور فايز الصائغ مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ليصبح معداً ومحاوراً لبرنامج "نقاط وحروف"، والذي استضاف فيه عشرات المسؤولين الحكوميين (وزراء- محافظون- مديرون عامون- رؤساء جامعات- معاوني وزراء- مدراء مركزيون- مدراء فرعيون- أعضاء مكاتب تنفيذية-... الخ)، و عن هذه المرحلة يقول محمد: كان برنامج ناجحاً جداً بشهادة كل المعنيين في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ولكن ذلك لم يمنع من إيقافه بقرار من د. عدنان محمود بعد أن اصبح وزيراً للإعلام، ولأسباب شخصية بحتة، لأتابع بعدها كمعد في برنامج "حديث الناس" وبرامج أخرى في المركز الإذاعي والتلفزيوني بطرطوس إلى ان تقاعدت.

 و في هذا السياق يذكر محمد أن وزير الاعلام د. محسن بلال الأسبق كان قد أصر على تسليمه رئاسة المركز الإذاعي والتلفزيوني في طرطوس عام 2008، مع ترك مكتب الثورة، لكن محمد اعتذر عن ترك عمله الصحفي في "الثورة".

 و في هذا الصدد يقول الزميل محمد: بعد فترة اتصلت بي الأستاذة ديانا جبور مديرة التلفزيون وقالت لي الوزير مصّر على تسليمك المركز لإنقاذه وتطويره ولا يجوز ان تستمر في الاعتذار، فقلت لها أنا جاهز إذا كلفني بذلك إضافة لعملي في الثورة، وهنا تم البحث عن صيغة قانونية للتكليف فأصدر الوزير قراراً بتكليفي بإدارة المركز الإذاعي والتلفزيوني في طرطوس، بالإضافة لعملي كرئيس لمكتب جريدة الثورة، وكان هذا القرار هو القرار الوحيد، حيث أن تسمية رؤساء المراكز من صلاحية مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وقد عملت عملاً جباراً في المركز وأصبح الأول على مراكز القطر من حيث البث المحلي، وجرأة المواد والتواصل مع الناس، والدورات التأهيلية للكادر واستثماره، والمواد النوعية المرسلة لبرامج الأقنية في الهيئة ومستلزمات العمل.. الخ.شكر و تقدير لهيثم يحيى محمد من الهيئة العامة للتلفزيون

و يذكر المتابعون لنشاط الزميل هيثم، أنه بعد نحو السنتين والنصف من العمل النوعي والجهد الكبير حصل خلاف بينه و بين محافظ طرطوس سنتذاك، وكان من نتائجه كما يقول محمد: ذهب المحافظ لعند الوزير وطلب منه بإصرار إعفائي من رئاسة المركز بذريعة أنني تجاوزته، ورغم أن مركزنا كان قد نال المركز الأول في مسابقة الهيئة التي أجرتها، وكان مقرراً إقامة حفل في طرطوس بعد ايّام برعاية الوزير وحضور الهيئة ورؤساء مراكز المحافظات لتكريمي أنا والمركزين اللذين حصلا على الترتيبين الثاني والثالث، إلّا ان الوزير استجاب للمحافظ وأنهى مهمتي وسط ذهول إدارة الهيئة ومديرة التلفزيون ومديري الأقنية! وعندما استقبلني قبل يوم من صدور القرار قال لي: (ستبقى أخاً وصديقاً وزميلاً).

 ويتابع محمد: للعلم كان وزير الإعلام -د. محسن بلال- قال لي قبل ذلك بفترة: (لولا... لكنت غداً مديراً عاماً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون)، كما قال لي بعدها: ستكون قريباً رئيساً لتحرير جريدة الثورة، لكن ذلك لم يحصل لأسباب لامجال للخوض فيها. وهنا أشير إلى أن صحيفة الوطن السورية نشرت على صفحتها الأولى بتاريخ 29-8-2010 خبراً موسعاً عن إنهاء مهمتي، هاجمت فيه المحافظ والوزير، وقالت في العنوان: متى كان الإعلام تحت رحمة المحافظين؟ وقد أخذ الخبر وقتها ضجة كبيرة. وبنتيجة ذلك أخذ الوزير مني موقفاً سلبياً، إضافة للموقف السلبي الذي أخذه عندما رفعنا إليه وإلى اتحاد الصحفيين مذكرة قاسية من لجنة الصحفيين حول ما جرى، وحول إساءات المحافظ لنا، وسكوت الوزير عليها.محسن بلال وزير اعلام أسبق

 بعد ذلك يتابع الزميل هيثم عمله مديراً لمكتب الثورة في طرطوس، حيث كان يخبره بعض الزملاء بأن هناك محاولات لإعفائه من مهمته بإصرار من المحافظ الذي شعر بالخيبة بعد تعاطف الناس معه،  وبعد أن رفع محمد وتيرة النقد البناء ضد تصرفات المحافظ من خلال زاويته الأسبوعية في جريدة "الاقتصادية" المستقلة وفِي "الوطن" اليومية إضافة لـ"الثورة"، لكن جميع هذه المحاولات فشلت بعد أن وصل الأمر لجهة عليا في الدولة. و تجدر الإشارة هنا إلى أن رئيس مجلس الوزراء يومها كان المهندس محمد ناجي عطري والذي كان إلى جانب المحافظ لذا طلب من الزميل هيثم عدم الكتابة ضد المحافظ، و في هذا الجانب يخبرنا الزميل محمد أنّه أجاب رئيس الوزراء بالقول: من حقك أن تطلب مني عدم الكتابة عن عمله وتصرفاته إلّا بدقة وموضوعية، أما ان تطلب مني عدم الكتابة عن أي خلل يقوم به فهذا لا يجوز! سيما وأنني لم أسكت سابقاً عن تناول أي موضوع فيه خلل حتى ولو كان هو المسؤول المباشر عنه.

محطات مهنية مهمة:

اضافة لما سبق ذكره ثمة محطات مهمة في العمل الصحفي لمحمد منها إيفاده بمهمات خارجية للعديد من الدول العربية والأجنبية، لعل أهمها كان إيفاده من صحيفة الاقتصادية إلى الولايات المتحدة الأميركية بدعوة من وزارة الخارجية الأميركية عام 2004، ضمن برنامج مدته 15 يوماً، شارك فيه 8 صحفيين عرب من ثمانية دول تحت عنوان وضعته أميركا بعد أحداث 11 أيلول (لماذا يكرهوننا؟). كما تم إيفاده من مؤسسة الوحدة -صحيفة الثورة بعد موافقة وزير الإعلام الأستاذ أحمد الحسن عام 2004 لتغطية الانتخابات الأميركية حيث بقي لمدة شهر ونصف كتب خلالها أكثر من أربعين مقالاً، إضافة للرسائل للتلفزيون العربي السوري ضمن نشرات الأخبار، وكانت بالنسبة له تجربة غنية جداً وفق ما قال لنا.شهادة تكريم من المحافظ صفوان أبو سعدى لهيثم يحيى محمد

و بخصوص بعض المحطّات الهامة في مسيرته يحدثنا عن محطة عملي النقابي، فيقول: بقيت نحو ثماني سنوات رئيساً للجنة الصحفيين في طرطوس عملت خلالها في خدمة الزملاء، وفِي تكريس ان يكون الاعلام جسراً حقيقياً بين المواطن والمسؤولين من خلال منبر الصحفيين الشهري الذي استضفنا فيه العديد من أعضاء القيادة والوزراء ورئيس مجلس الوزراء بحضور من يرغب من مواطني المحافظة والزملاء. وبعد ذلك جرى انتخابي عضواً في المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين السوريين وقمت بأعمال مهمة داخل سورية وخارجها طوال وجودي في المكتب التنفيذي إلى أن تقدمت باستقالتي في نهاية 2013، بعد أن تمت تسميتي عضو قيادة فرع حزب البعث في طرطوس رئيساً لمكتب الاعداد والثقافة والإعلام. وطوال بقائي في هذه المهمة لمدة سنة ونصف أقمنا عشرات النشاطات والفعاليات المميزة، ونلت المركز الأول بين كل رؤساء مكاتب الإعداد بناء على أسس ومعايير، وجه الرفيق الأمين العام للحزب رئيس الجمهورية بتقييم قيادات الفروع بموجبها، لكن رغم ذلك وبسبب ضغط بعض المتنفذين تم إنهاء مهمتي الحزبية في 28-3-2015، وعدت إلى عملي الصحفي.

 فِي 2016 تم إحداث فرع لاتحاد الصحفيين في محافظة طرطوس وتمت تسمية الزميل هيثم رئيساً له، وخلال فترة رئاسته للفرع نفذ العديد من النشاطات والمبادرات والتكريمات، كما أقام العديد من الرحلات للزملاء، وأحيى منبر الصحفيين الشهري الذي كان منبراً مفتوحاً للمواطنين في مواجهة المسؤولين، و هنا يؤكد لنا الزميل هيثم أنه: ولأسباب غير موضوعية، لا داعي للخوض فيها، عمل البعض في قيادة فرع طرطوس للحزب، وفِي القيادة على إنهاء مهمتي من رئاسة الفرع في بداية الدورة الانتخابية الجديدة أول 2017، وذلك رغم نجاحي ورغم توزيع المهام فيما بيننا، ورغم تسميتي بناء على ذلك رئيساً للفرع بقرار من المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين، وبقيت عضواً في مكتب الفرع حتى انتهاء الدورة، وفِي الدورة الجديدة رفضت الترشح للانتخابات.

"صوت الفقراء".. أحد ألقابهلا يتوفر وصف.

 بالرغم مما سبق، ما يزال الزميل محمد حتى الآن يتابع عملي الصحفي بقوة و نشاط لافتين من خلال موقعه الالكتروني (أخبار سورية الوطن- سيرياهوم نيوز) الذي يملكه ويرأس تحريره، ومن خلال صحيفة الوطن المستقلة إذ هو مدير مكتبها في طرطوس منذ عام 2006 تاريخ انطلاقتها، ومن خلال زاويته (على الملأ) كل أربعاء في صحيفة الثورة. و حتى اللحظة هو الصحفي الوحيد في طرطوس (و ربما في سوريا) الذي يتلقى يومياً من المواطنين عشرات الشكاوى عبر الواتس والمسنجر أو بشكل مباشر في مكتب جريدة الوطن، فيقوم بمتابعتها لهم مع الجهات الرسمية المعنية في طرطوس، أو العاصمة، معالجاً ما يمكن معالجته منها، كما ينشر بعضها، فكان -جرّاء نشاطه ذاك الذي وظّف فيه الصحافة لخدمة المواطن و الانسان- أن الكثير من المواطنين باتوا يطلقون عليه ألقاباً عدة من قبيل: (صوت الحق- صوت الفقراء- وزير الانسانية- أيقونة طرطوس-وطن.. الخ).

 و عندما نسأله عن شعوره عندما يراجعه المواطنون في قضايا تهمهم كي يساعدهم في حلّها لدى الجهات المعنية، يقول: أشعر من خلال مراجعات الناس لي في البيت أو في مكتب جريدة الوطن أو مكتب الثورة (سابقاً) أو من خلال الاتصالات الهاتفية الكثيرة او وسائل التواصل بالسعادة الكبيرة وأنا أعمل وأسعى لتلبية طلبات هؤلاء الناس وحل مشكلاتهم مع الجهات المعنية، وتزداد سعادتي عندما يبلغني هذا المواطن أو ذاك أن المشكلة حُلـَّت، أو أن قضيته عولجت بعد تدخلي الشخصي مع المدير المعني أو بعد نشر شكواه عبر مقال أو زاوية أو على صفحتي، وفي هذا المجال أؤكد أن نسبة المشكلات والشكاوى والقضايا التي تعالج من خلال متابعتي تزداد يوماً بعد يوم، وهذا ما زاد من عدد الذين يثقون بي ما شكّل علاقة متميزة بيني وبين الناس، وبيني وبين الجهات المعنية المستجيبة.

حول الإعلام السوري:                                                       

كان ختام حديثنا مع المخضرم هيثم يحيى محمد بالوقوف عند رأيه في الإعلام السوري، و بعض ما يعانيه إضافة إلى هموم العاملين فيه، و في هذا الصدد يقول الصحفي محمد: إن إعلامنا حتى الآن لم يلق الدعم المطلوب، بل على العكس تم تقليص بعض وسائله الإعلامية، بالإضافة إلى ضعف المبالغ المخصصة لمؤسساته الرسمية، وعدم إعطائه الاستقلالية الكافية، ناهيك عن تعدد مرجعياته وتدخل بعض الجهات في عمله.

 ويرى هيثم ضرورة ان يمثّل الإعلام الرسمي المجتمع تمثيلاً حقيقياً، وأن يكون على مسافة واحدة من كافة فعاليات المجتمع، بحيث يحقق تكافؤ الفرص لأصحاب الأفكار البناءة وللمؤمنين بالحوار والوحدة الوطنية والنابذين للعنف والقتال، فالإعلام السوري -كما يؤكّد لنا محمد- هو إعلام وطني حقيقي، من خلال تمسكه بالثوابت الوطنية التي يجمع عليها معظم السوريين وعدم استخدامه لأي مصطلحات طائفية، ودعوته المستمرة التي تؤكد على النسيج المجتمعي، ونشر ثقافة المحبة والوئام ونبذ العنف.

 وفي هذا الجانب يقول محمد: من المفترض أن يسمح له أن يلعب دوراً أكبر لإنضاج الحوار الوطني وتعزيز ثقافة التلاقي، وظهور جميع المختلفين بالرأي على وسائله طالما أنهم مؤمنين بالحوار ونبذ العنف.لا يتوفر وصف.

أما عن مقترحات محمد للنهوض بواقع ودور الإعلام فيختصرها بما يلي: ضرورة الابتعاد عن سياسية إقصاء البعض لمجرد الاختلاف في الرأي، والنجاح والاستثمار في الإعلام بالتشاركية بين الدولة والمجتمع، كما يجب أن يلعب الإعلام الدور الوسيط بين الشعب والسلطة، ويراقب ويدقق الحراك الوطني، مع إعطاء المزيد من الحرية لوسائل الإعلام، والتمسك بإعلام الإنارة وليس إعلام الإثارة، وتشكيل فريق أزمة من محللين سياسيين ومفكرين ووضع مشروع لمواجهة حرب المصطلحات وتصويبها بشكل مستمر.

وأخيراً، يختم هيثم: من الضروري تطبيق قانون الإعلام وتعديل نقاط الضعف الموجودة فيه، وإصدار قانون جديد لاتحاد الصحفيين ليصبح أكثر قوة وقدرة على حماية ودعم الصحفيين.