كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

الإمام جعفر الصادق

بشّار عباس

شخصية استثنائية في التاريخ الإسلامي لا يمكن الإحاطة بها في مقالة صغيرة ولكننا سنحاول التكثيف والإيجاز قدر المستطاع:
• مكانته: هو سادس أئمة المذهب الشيعي ولكن تأثيره كان قوياً لدرجة أن جميع فرق ومذاهب الشيعة يعتبرون اليوم انهم ينتسبون إلى المذهب الجعفري نسبة له.
• نسبه: كان الإمام جعفر الصادق مَعْقِدَ اللقاء بين نسبين مهمين في التاريخ الإسلامي فهو حفيد الخليفة الرابع علي بن أبي طالب من جهة أبيه وحفيد الخليفة الأول أبي بكر الصديق من جهة أمه. وبذلك يكون انتمى إلى أول رجلين آمنا بجدّه النبيّ محمد صلى الله عليه وسلّم: أبو بكر الصديق، وعليّ بن أبي طالب.
• مدرسته: كانت مدرسته تلتف حول فكرة مقاصدية كبرى هي "وحدة المسلمين"، وهي فكرة حَسَنية ظهرت على يد سبط الرسول الحسن بن علي (ت 49هـ)، وهو ما حصل فيما سُمي "عام الجماعة" سنة 41هـ. فقد كان الإمام جعفر الصادق ينظر للمسألة السياسية بحذر وريبة خشيةَ إراقة المزيد من الدماء، ولعله رأى كذلك في الدرس العلميّ -تحصيلا وتوصيلا- سبيلا إصلاحيا متدرجاً بديلا عن السياسة.
• لم يكن جعفر الصادق من أنصار الثورة المجازفة، فقد رفض المشاركة في الثورة المجهضة التي قادها عمه زيد بن علي زين العابدين، ضد هشام بن عبد الملك، وكذلك رفض المشاركة في ثورة ابن عمه محمد بن عبد الله -الملقب بـ‘النفس الزكيّة‘- ضد حكم المنصور العباسي. وفي الوقت نفسه لم يكن من مؤيدي السلطة، بل أقبل على التدريس باعتباره سبيلا للتغيير السياسيّ الطويل الأمد. وبقدر ما كان جعفر مناهضا للثورة المسلحة؛ كان كارها لمجرد الدخول على السلاطين حتى ولو لنصيحتهم.
• أدرك الإمام جعفر أيضا أن الأهم هو القضاء على تفريق الأمة الواحدة، فانتقد غلاة الشيعة بسبب مهاجمتهم بعض الصحابة بزعم حبّهم لآل البيت، وهو ما استنفر طاقته في الردّ عليهم؛ فقد وردت روايات كثيرة تـُـظهر إجلال جعفر للصحابة كما كان يفعل والده محمد الباقر.
• شكل جعفر الصادق مرجعية علمية في عصره، وكان يقول مخاطبا تلامذته ومرتادي مجالس علمه: "لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافقَ الكتاب والسنّة"؛ كما يروي عنه العلامة الشيعي أبو القاسم الخوئي (ت 1992م) في ‘معجم رجال الحديث‘.
• استطاع أن يؤسس في عصره مدرسة فقهية وتتلمذ على يده العديد من العلماء. ويعتبر من أوائل الرواد في علم الكيمياء حيث تتلمذ عليه جابر بن حيان.