كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

بين أبي جورج وأبي أحمد.. لماذ سميت منطقة الجميزة بهذا الإسم؟

سميت منطقة الجميزة المعروفة في بيروت بهذا الإسم نسبة لشجرة جميز ضخمة كانت موجودة في أرض السيد أبي جورج يمين من "زغرتا"، وهو أحد الملاكين فيها. وكان هذا الشارع أيام أبي جورج يسمّى "درب النهر"، ويعتبر أطول شارع في بيروت في ذلك الوقت.
في سنة 1874، أعطت السلطات العثمانية تصريحاً لإحدى الشركات الفرنسية بتخطيط الطرقات وتوسيعها خارج سور بيروت، ومنها مدخل بيروت من الجهة الشرقية وهو ما كان يعرف باسم "طريق طرابلس" مكان وجود جميزتنا هذه.
في تلك الأيام تماماً، عزم أبو جورج على الحج إلى القدس، فعهد إلى أبي أحمد، وهو أحد أصدقائه من المسلمين، المحافظة على الأرض ورعايتها لحين عودته. وفي غيابه، باشرت الشركة الفرنسية في توسيع طريق طرابلس وتعبيدها إلى أن وصلت إلى أرض "يمين" وكان لا بد من إقتلاع شجرة الجميز. إلا أن أبا أحمد رفض ذلك لحين عودة أبي جورج. ولكن المتعهد تشبث بموقفه وأرسل عمالاً مجهزين بالفؤوس لقطعها. فما كان من أبي أحمد إلا أن طوق الشجرة بذراعيه وهو يقول: إن هذه الجميزة أمانة في عنقي إلى حين عودة صاحبها. فإن أردتم قطعها، فإقطعوني أولاً. فما كان من السلطات البلدية في ذلك الوقت إلا أن إستجابت لطلب الرجل، وتجاوزت الشجرة إلى بقية الطريق إلى أن عاد صاحب الأرض من سفره.
هذه قصة حقيقية وثقها المؤرخون، وربما لن يستوعبها تفكير أكثرية الجيل الجديد الذي رضع حليب التعصب حتى التخمة.
هذه هي قصة الرجل الأمين على وديعته والتي صارت حديث الناس في تلك المنطقة التي أطلق عليها إسم "الجميزة" لكي تبقى راسخة في أذهانهم، ولكي لا ينسوا أن الفروع ربما يصيبها المرض وتهوي بها رياح التخلف السوداء. لكن الجذور الطيبة تبقى متأصلة لا تطالها يد العابثين مهما طال الزمن.

إعداد: د. سهيل منيمنة، جمعية تراث بيروت