كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

لماذا يتخوف الصحفيون من مشروع تعديل قانون الإعلام؟

يونس خلف- فينكس

لم تمض بعد أيام على الحوار الإعلامي المفتوح الذي نظمه اتحاد الصحفيين بعنوان (مناقشة صريحة لمستقبل الإعلام الرسمي  ــــ دور الدولة في الإعلام مستقبلاً) بمشاركة نخبة مختارة من الصحفيين ذوي الخبرة المهنية، وذوي الخبرة العالية من المتقاعدين، ومن الفئة العمرية الشابة العاملين في المجالات الخدمية والتنموية والسياسية والثقافية ومن رؤساء التحرير السابقين والقائمين على رأس عملهم في القطاعين العام والخاص والإعلام الإلكتروني، إضافة إلى مجموعة من الخبراء والاكاديميين الأساتذة في كلية الإعلام والنقابيين. وعبر جلسات ثلاث تمت مناقشة الإعلام الرسمي بين الواقع وضرورة مخاطبة المستقبل ومواكبة الطروحات الجديدة لدور الدولة، إعلام دولة أم إعلام حكومة والبحث في المعوقات والدور المستقبلي للدولة، والرؤية المجتمعية لإعلام يمارس أدواره الأساسية في إطار دور الدولة.
                                              اليوم تكون المفاجأة بالمعلومات المتداولة التي تسربت عن مناقشات مشروع تعديل قانون الإعلام حيث ينطبق علينا القول (لو عرفت ما في الغيب لرضيت بالواقع). ففي الوقت الذي كانت أبرز مخرجات اللقاء والحوار الإعلامي ضرورة تحديد الغايات والأهداف الكبرى ووضع استراتيجيات إعلامية وأهداف مرحلية ووضع الآليات الاكثر مناسبة للوصول إليها وإجراء تعديلات جوهرية وبنيوية على الخطاب الإعلامي شكلاً ومضموناً بالاستناد إلى استراتيجية وطنية واضحة وصولا إلى إعلام وطني جامع  وضمان حرية التعبير لدى الإعلاميين وتحصينهم مادياً وتمكينهم تدريبياً ورفع سويتهم المهنية، وحق حصول الصحفي على المعلومة ليكون قادراً على توظيفها، وضرورة حمايتهم وحماية مصادر معلوماتهم. وكذلك الدقة والعدالة في اختيار كوادر العاملين في مؤسسات الإعلام الرسمية على مستوى الكفاءة والمحاكمة الموضوعية والملتزمة من خلال المسابقات الرسمية للتوظيف ضمن ضوابط خاصة لانتقاء الإعلاميين بعيداً عن مركزية مسابقات وزارة التنمية الإدارية.... إلا أن التعديل المرتقب لقانون الإعلام سيخطف منا أيضاً ما كان متاحاً في قانون الاعلام 108 لعام 2011.
كان المأمول إعادة النظر في قانون الإعلام لوجود ثغرات وخلل كبير، واليوم ترتفع الاصوات لإعادة النظر في اقتراح مشروع تعديل قانون الإعلام 108 لعام 2011 لأن فيه تراجعاً كبيراً ومخيفاً عن قانون الإعلام الحالي.
وكانت المناشدات للبحث في مرجعية الإعلام، فطالما أنه يتبع لوزارة ضمن الحكومة فهذا يعني سيطرة الحكومة على الإعلام وكان الأمل بالبحث عن مرجعية جديدة للإعلام تسهم في تقويته وضمان حريته والقيام بدوره بالشكل الأمثل. ولعل أبرز ما تجدر الإشارة إليه عندما نتحدث عن التحديات التي تواجه الإعلام الوطني السوري هو التركيز على مسألة في غاية الأهمية وهي وضوح الاستراتيجية الإعلامية الوطنية ومدى ارتباطها بالمجتمع وأولوياته وحاجاته إضافة إلى القضايا الوطنية التي تعمل وسائل الإعلام لإبرازها والدفاع عنها وتشكيل حالة وعي ورأي عام حولها.
إن مشكلة الإعلام السوري الاساسية وخاصة العام منه هو أن الصحفي تحول إلى موظف، والهاجس والمعضلة الرئيسية في المناخ الإعلامي أنه أصبح ملوثاً بالدخلاء الذين يكتبون وينشرون دون أن تتوافر لديهم الممارسة والتجربة والاطلاع على الأمور من داخلها وعلى حقيقتها، كما إن تدني مستوى المهنة مرتبط أيضا بتدني العائد المادي الذي يجنيه الصحفي من عمله في الصحافة.
ومشكلة أخرى معقدة ومركبة هي بعد أن أصبح كل صاحب بوست على الفيسبوك صحفياً.
أزمة الإعلام تتعلق أيضاً بعدم قدرة البيئة الإعلامية السورية على إنتاج نجوم أو إعلاميين على مستوى الصف الأول"، الصحفي السوري عندما يخرج للعمل خارج سورية يسطع نجمه.. وهذه مسألة قديمة وليست جديدة.
كيف للصحفي أن يقوم بمهامه إذا لم يلزم القانون الجهات والمؤسسات المعنية بالشأن العام تسهيل مهمته والحصول على المعلومات؟
لقد ساهم اتحاد الصحفيين في اللجان التي أعدت مشروع تعديل القانون 108 لعام 2011، وبالرغم من الاستجابة لبعض مقترحات الاتحاد إلا أن المفاجأة كانت بعد الاطلاع على مشروع تعديل القانون بحذف بعض المواد الخاصة بالبيئة التشريعية لممارسة العمل الإعلامي نص عليها القانون المعمول به لا سيما أن  المواد المحذوفة تتعلق بحماية وحصانة الصحفي وحماية مصادر معلوماته، وبضرورة إلزام الجهات المعنية بالتنفيذ. فهل تنفع اليوم صرخة الصحفيين في المجيء بقانون إعلام نهائي يرتقي بالإعلام الوطني وينصف الإعلاميين؟