كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

د. جبور و الفاتيكان وحروب الفرنجة

7 أيلول 1992

رسالة من السفير البابوي في دمشق 30 عاما من: "أخذ العلم".
أ. د. جورج جبور- فينكس
رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة
رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي
"تود الآن سكرتارية الدولة التأكيد لكم أنها تلقت رسالتكم وأنها أخذت علماً بمضمونها"..
رسالتي إلى قداسة البابا: 29 تموز 1992. مضمونها: دعوة قداسة البابا إلى تقديم "شرح يقترب من الاعتذار إلى أحفاد ضحايا حروب الفرنجة".
تحمس سعادة سفير الفاتيكان صيف عام 1989 للمضي بفكرة وافق عليها أستاذه من أمريكا اللاتينية واسمه فيليب ماك غريغور.
الفكرة بسيطة. على الفاتيكان القيام بخطوة "مراجعة للذات" إزاء ما ارتكبه الفرنجة في بلاد الشام.
أعلنت هذه الفكرة في مؤتمر عقد في ياموسوكرو، ساحل العاج، دعاني إليه مدير عام اليونسكو. كان ذلك بين 26 حزيران و 1 تموز 1989. أما عنوان المؤتمر فرائع: "بناء السلم في عقول البشر". عنوان يشير إلى رسالة اليونسكو كما في دستورها.
على مدى زمني طويل تباحثت مع السفير البابوي في دمشق بشأن الفكرة.
استقر الرأي على توجيه رسالة مني إلى قداسة البابا.
والحديث يطول، وهو، في تطوراته حتى عام 1995، متضمن في كتيب ظهر في بيروت وأعادت نشره وزارة الثقافة السورية عام 2008.
ما الذي دعا إلى إثارة الموضوع الآن؟
آثاره جهد إعادة صياغة العالم كما نشهد انطلاقاً من أوكرانيا.
تتيح التطورات العسكرية نمط تفكير جديد في مسائل فكرية وتاريخية.
آثاره اقتراب ذكرى ربع قرن على أول وآخر وقفة جادة اطلع بها الفاتيكان إزاء حروب الفرنجة عام 2000. هي وقفة أعلن رئيس جامعة دمشق أن الفضل الأكبر فيها يعود الي. هل لدى جامعة دمشق تسجيل لكلمته في افتتاح ندوة عقدها قسم التاريخ؟
وأخيراً آثاره ظرف شخصي. إذ أتابع تصنيف ملفاتي وقعت على ما لدي عن حروب الفرنجة. بعضه بالغ الأهمية، ومن الجميل الاهتمام به.
في عام 1995 حاولت عقد ندوة عالمية في صافيتا بمناسبة 900 سنة على إعلان الفاتيكان شن الحرب. لم تسعد صافيتا بالندوة. سعد بها مركز أبو رمانه الثقافي وشارك بها سوريون أجلاء.
ثم تابعت. وكانت دعوة مني إلى البابا، أطلقتها من جامعة في ولاية نيويورك، لكي يقدم اعتذاره عن حروب الفرنجة أمام ضريح صلاح الدين، خلال زيارته إلى المنطقة.
في التسعينات حاولت الاستعانة بالأزهر وبجامعة البلمند. تحمس غبطة البطريرك ولم يشاركه حماسته في الهدف من الفعالية رئيس الجامعة آنذاك.
في آذار 2000 كان آسف بابوي بشأن وحشية الصليبيين. لم يوجه قداسته خطاباً إلى الضحايا.
العالم يتغير. لقداسة البابا الحالي توجهات إنسانية أجلى بكثير من سلف له اركب مؤمني آسيا المسيحيين في الدرجة الثانية من قطار المسيحية وهو القطار الآسيوي أصلاً الدمشقي انتشاراً. على نحو ما خاطبت بذلك لجنة متفرعة عن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة عام 2008، وعبر وثيقة رسمية ذات رقم وتاريخ، استعداداً لدربان الثاني.
قبل 30 سنة أخذ الفاتيكان علماً بمضمون دعوتي. لم يترتب الكثير على أخذ العلم. ربما أننا لم نبذل الجهد الكافي. ربما أننا لم نتقن فن الأخذ والعطاء. خلال مهرجان الجنادرية عام 1997 حدثني أستاذنا د. معروف الدواليبي عن العملية الطويلة التي قام بها و اختتمت بتوجه وفد إلى الفاتيكان.
وقل اعملوا و إن لم ير بعض الصالحين ما تعملون.
دمشق 7 أيلول 2022
30 عاما بالضبط على أخذ العلم.