كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

هل فكرتم؟

فينكس- مصطفى برو:

هل فكرتم بالشباب والخريجين يا أولي المسؤولية والمقامات؟ هل فكرتم قبل فوات الأوان بمستقبل سورية ومن سينهض بمستقبلها؟
دعوا التفكير في العيش والمجتمع، وما أفرزته الحرب من يتامى وعجزة ومشوهي حرب وأرامل ومطلقات وأرث شهداء وانهيار الثقافة ومنظومة القيم والأخلاق وانهيار الاقتصاد ومستوى العيش، دعوا التفكير بكل هذا، رغم أهميته جانباً، لكن هل فكرتم كيف سيعمل الخريجون والشباب؟ وكيف سيبنون مستقبلاً بسيطاً ليخدموا وطنهم ويعلوا من شأنه؟
إذا كان الخريج الشاب شعلة من الذكاء و النشاط المتقد و حب العمل و الانطلاق نحو المستقبل لبناء و إعلاء شأن بلده وشأنه الشخصي أيضاً، لا يستطيع أن يؤسس ذاته وينطلق من بلده، فمن أي بلد ينطلق ويبني ذاته؟ إذاً يجب أن يسير الانسان في عملية البناء والانتاج بخطين متوازيين
ومتساويين، الأول يتعلق بوطنه والثاني يتعلق بشخصه، و لا يجوز أبداً أن يتغلّب أحدهما على الآخر، بل إن مصلحة الوطن تقتضي الأولوية والأسبقية في حال تعرضه لمحنه كبيرة، وهنا يأتي دور المسؤولين في الدولة أكثر من العامة.
لا نريد أن نتحدث عن آلاف الخبرات والعقول والأذكياء والمهرة والخبراء في شتى مناحي الحياة الذين تركوا البلد وهاجروا لتأمين عيشهم ومستقبلهم، فهم رأوا أن وطنهم، بمسؤوليه وكباره وقاماته التي يجب أن تكون مرجعاً يحتذى وقدوة للناظرين، لم يستطع استيعابهم وتوفير الآمان لهم، و لا أن يكون مركزاً للانطلاق منه بغية البناء والتعمير والتطوير بالرغم من موارده التي ضاعت وثرواته التي نهبت.
بالرغم مما سبق دعونا نتحدث عمن بقوا ضمن البلد من مهندسين وخريجين وفنيين شباب عاطلين عن العمل ينتظرون رحمة السماء وعطف الأرض، هؤلاء كيف سيبنون مستقبلهم وكيف سيشقون طريقهم، وهم يرون أمام أعينهم الأفق مسدوداً والمستقبل مجهولاً؟
هل فكرتم إذا عاد المهجّرون وهم بالملايين كيف سيتم تأمين خبزهم ومازوتهم وغازهم ومياههم وطعامهم اليومي؟ فالمعروف أنهم سيضغطون على السوق المحلية بزيادة الطلب مما سيلهب الأسعار!
نسبة البطالة في سورية بلغت وفق بيانات منظمة العمل الدولية ٧٥% عام ٢٠٢٠، ووفق بيانات المكتب المركزي للاحصاء تجاوزت عام ٢٠١٩ رقم ٣١%، بعد أن كانت وصلت إلى ٤٨% عام ٢٠١٥ (و تبلغ النسبة ضمن فئة الشباب والخريجين بحدود ٧٢%)، وقد انخفضت هذه النسبة فيما بعد إلى ٢١% دون أن يطرأ أي تحسن في زيادة الناتج المحلي الاجمالي، لأن انخفاض نسبة البطالة ناتج عن هجرة اليد العاملة خارج القطر وليس بسبب ازدياد فرص العمل، كما وصل معدل الفقر بين الناس (وفق بعض الاحصائيات التي لا ندري مدى دقتها و صحتها) إلى نسبة٩٠% عام ٢٠٢١، و ارتفع معدل التضخم إلى ٨٧٨%.
الاستثمار في مشاريع نوعية جديدة للقطاعات الثلاث العام والخاص والمشترك من شأنه الاستيعاب نسبياً في أوساط الخريجين الشباب، لكن أين المال الاستثماري إذا أصبح القطاع الخاص يحجم عن الاقتراض من المصارف لتمويل مشاريعه الجديدة بسبب ارتفاع الفائدة وعدم ثبات سعر الصرف؟ تعشمنا أملاً باستقطاب أموال خارجية من شركات الدول الصديقة للاستثمار في سورية وتشغيل اليد العاملة فيها، ولكن لم يحدث هذا الأمر منذ انطلاق فكرة إعادة الاعمار سنة ٢٠١٥.
تساؤلاتنا هذه نضعها على طاولة المؤتمنين على الوطن.