كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

القيامة إلّا دقيقتين..

باسل علي الخطيب- فينكس

قلت في عدة مقالات سابقة وقبل عدة أشهر أن العقلية الصهيونية أسيرة عقلية (قلعة الماسادا)...
تتساءلون ماهي قصة قلعة الماسادا؟...
قلعة الماسادا أو مسعدة باللغة العربية، قلعة احتمى بها بضعة قطاع طرق يهود مع عائلاتهم، حيث حاصرهم هناك الجنود الرومان عام 70 ميلادية، تجدر الإشارة أنه كان بين القوة المحاصرة (بكسر الصاد) كتيبة يهودية...
عندما وصل اليأس بالمحاصرين (بفتح الصاد) حدوده القصوى، أجبر المتطرفون منهم الكل على الانتحار، كانوا 302 من الذكور والإناث والأطفال...
على فكرة هناك صاروخ سوري اسمه M302، ولكم أن تحذروا السبب... المقاومة اللبنانية أطلقت عليه اسم خيبر 1، ولكم أيضا أن تخمنوا السبب....
نعم، الصهاينة يذهبون إلى خيار (الماسادا الانتحاري)...
في احد مقالاتي أسميته خيار (يوم القيامة)...
التسمية ليست عبثاً....
في صباح السابع من تشرين عام 1973، وبعد عودة موشي دايان من الجولة الاستطلاعية التي أرسلته فيها غولدا مائير إلى الجبهة السورية، عاد مترنحاً خائفاً يهذي، وقد شاهد الدبابات السورية تلامس شواطيء بحيرة طبريا، وسمع صراخ الجنود والضباط الصهاينة عبر أجهزة الارسال، عاد ودخل مقر اجتماع الحكومة وهو بهذي، فهم من كلامه أنه أمر بإغراق سهل الحولة بالمياه عبر تحويل مياه نهر الأردن إليه لمنع عبور الدبابات، ولكن الأخطر أنه أمر بتذخير الطائرات الصهيونية بالقنابل النووية...
في ذلك الوقت كانت أربع طائرات صهيونية من نوع فانتوم F4 تحمل القنابل النووية ومستعدة للاقلاع...
عدة دقائق تلت ذلك وأتى الانذار من موسكو....
غواصة نووية سوفيتية أعطيت الأوامر لها لضرب تل أبيب....
هنا أريد أن أشير إلى بعد أهم وأعمق لتفعيل خيار (الماسادا) الانتحاري، لايوجد عقلية تتحكم بها (الميثولوجيا) كالعقلية اليهودية، التلموديون يستعجلون ظهور (الميشاح)، وهذا لن يأتي إلا على أنقاض الهيكل، لن يأتي إلا بعد الخراب، بعد خراب الكيان....
هكذا تقول خرافاتهم...
هؤلاء يشترون الحرب...
هؤلاء يشترون الخراب...
ولكن...
إن كان هناك من يجيد اللعب على حافة الهاوية، فنحن أسيادها...
وإن سقطنا نسقط على جثث أعدائنا...
ذات مقال كتبته قبل أعوام عشرة كان عنوانه (الرجل الرئيس والرئيس الرجل)..... ذاك عقل جميل يحكم دمشق.....
دمشق فقط؟!..
حسنا سلوا محمد بن سلمان وأردوغان والسيسي وتميم عن ذلك..... ذاك عقل جميل مفرداته دماغ بارد وقلي حامي.....
كان ذلك قراراً استراتيجياً اتخذه القائد الراحل حافظ الأسد عام 1980، و قد خرجت مصر من الصراع عبر رسن كامب ديفيد، وتورط العراق في حرب العبث مع ايران، وصارت سورية وحيدة.
ذاك القرار كان أنه لايمكن هزيمة الكيان بالضربة القاضية.....
ولكن من قال إننا نواجه الكيان وحده في هذا الصراع؟...
نحن نواجه الكيان ومعه (وليس من خلفه) الولايات المتحدة والناتو.....
ذات نكسة عام 1967 وفي صباح الخامس من حزيران دمرت الطائرات الصهيونية المغيرة سلاح الجو المصري و الطائرات مازالت رابضة في مطاراتها... الصهاينة استعملوا في دفعات الهجوم المتتالية قرابة 600 طائرة...
الكيان لم يكن يمتلك نصف هذا العدد...
من أين اتت البقية؟
تلك كانت طائرات امريكية وبريطانيا...
للتغطية على ذلك قامت الطائرات الحربية الصهيونية بقصف سفينة التجسس الأمريكية (ليبرتي) في البحر المتوسط، وقتل عشرات الجنود والضباط الأمريكان.....
سارع بعدها الكيان الى دفع تعويضات بملايين الدولارات لعوائلهم، وتم طمس القضية بشكل كامل اعلامياً وشعبياً.....
كان القرار الذي اتخذه القائد الراحل انه لايمكن هزيمة هذا الكيان الا (بالتقاط )، لذا تم اعتماد مبدا (النفس الطويل) في إدارة الصراع.....
تحولت دمشق الى عاصمة المقاومة...
قامت سورية باحتضان كل مقاوم يواجه الكيان مهما كان اتجاهه الايديولوجي أو الفكري، وقد كان في بعض ذلك مفارقات كبرى جدا، سورية الدولة العلمانية تحتضن (الاسلام الراديكالي) بشقيه...
احتضنت سورية حزب الله، واحتضنت حماس والجهاد، إضافة الى بقية المنظمات الفلسطينية اليسارية المقاومة...
ولكن هكذا كان دائماً وابداً، كانت نظرة القيادة السورية: المصلحة الوطنية والقومية تتقدم على الأيديولوجيا...
النتيجة؟...
25أيار 2000 الصهاينة ينسحبون صاغرين من جنوب لبنان...
الصهاينة ينسحبون صاغرين من غزة...
2005، الصهاينة ينسحبون صاغرين من غزة....
آب 2006، 36 دبابة ميركافا تتم تدميرها في وادي الحجير في لبنان..
11 آب ايقاف اطلاق النار، 33 يوماً من العدوان الصهيوني على لبنان، و مازال حزب الله على الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، وصواريخه قد أرست توازن رعب مرعب مع الكيان....
من أين أتت الصواريخ والقذائف؟..
من مستودعات الجيش العربي السوري، بعد أن وضع معهد البحوث السورية لمساته عليها....
هل تذكرون كم مرة أغار الصهاينة على ذاك المكان؟..
2010 مؤتمر هرتسيليا للأمن القومي الصهيوني،، الشاباك يقدم تقريره الخطير، لن ينعم الكيان بالأمان مادام نظام الحكم و رأس الحكم باق في دمشق...
15 آذار 2011 بدأت الحرب على سورية...
ثلاثة عشر عاماً لم يشتبه الأمر ولا مرة على دمشق. كانت دائماً تعرف أين رأس الأفعى، استمرت الأسلحة تذهب الى المقاومة في غزة.....
النتيجة؟....
طوفان الأقصى....
لطالما تعاطت سورية مع الصراع مع الكيان الصهيوني أنه صراع بين مشروع تمثله الجمهورية العربية السورية (الدولة و الدور والشعب والحغرافية)، ومشروع صهيوني امتداد لثقافة غربية عنصرية...
هذا المشروع لم يبدأ مع 15 ايار 1948، تاريخ انشاء الكيان، وليس عندما وقف الجنرال غورو أمام مدفن صلاح الدين وقال تلك العبارة الشهيرة: لقد عدنا يا صلاح الدين...
المشروع بدأ من تلك اللحظة عندما وقف البابا أوريان الثاني عام 1095 وألقى تلك الخطبة محرضاً على الزحف باتجاه الديار المقدسة...
هل عرفتم لماذا وضع الراحل الكبير حافظ الأسد لوحة تمثل معركة حطين في القاعة التي كان يستقبل فيها كبار قادة العالم؟!.....
هذا المشروعان لايمكن أن يتعايشا، إما هذا أو ذاك، أحدهما سيقضي على الآخر....
هل فهمتم ذاك السعي السوري الدائم لتجميع عناصر القوة حتى ولو احتاج الأمر احيانا أن تدوس على بعض قلبك حتى لا يذهب كل الجسد؟!...
ولايوجد هنا (ولكن)....
نعم، قد قلت في عدة مقالات سابقة ولعدة سنوات أن جوهر الصراع هو صراع بين منظمومتين أخلاقيتين لايوجد بينهما حلول وسطى...
بالمناسبة قد فهمت هذا الأمر أخيراً روسيا...
والدليل الحرب في أوكرانيا...
ولكن هذا لم يأت من فراغ، هناك مثل يقول: إن الروس يسرجون خيولهم ببطء، ولكن عندما يركبون ينطلقون بسرعة....
إحدى تجليات الصراع بين هاتين المنظومتين أننا والروس والصينيون والهنود لدينا ثقافة (الانتظار)، نحن وإياهم ننتظر النبي التالي، ونجيد الانتظار.....
الغرب والصهاينة عندهم ثقافة الاستعجال، يستعجلون المشاح....
يستعجلون الأعور الدجال....
قد يتبع....