كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

وجهت وجهي..

باسل علي الخطيب- فينكس

(عندما تتناول الجرعة الأولى من كأس العلوم الطبيعية تصير ملحداً، ولكن عندما تستمر بالشرب و تكاد تصل إلى قاع الكأس ستجد اللّه في انتظارك).....
قرأت الكثير من الكتب في حياتي، ما وقع تحت يدي كتاب إلا و قرأته، قرأت كتباً في شتى العلوم، في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والتاريخ والجغرافيا والسياسة والفلسفة والادب بكل صنوفه والعسكريتاريا والدين وعلم الاحياء والجيولوجيا والفن والرياضة، قد اكون صرفت عشر حياتي في القراءة، ولم يقتصر الأمر على المطالعة فقط، بل إنني تبخرت قدر الإمكان في كل تلك العلوم أعلاه، وقد حباني اللّه - ولله الحمد - ذاكرة و حافظة قويتين....
كنت كلما قرات أكثر، أكتشف أنه ينقصني الكثير، كنت كلما عرفت معلومة إضافية، أعرف أنني لا أعرف شيئاً، كنت كلما ألميت بشيء ما جديد، تراني أحني راسي خشوعاً، ولسان حالي يقول ( وفوق كل ذي علم عليم)......
تربيت في بيت يطرح كل أفراده الكثير من الأسئلة، علماً انهم يجيدون طرح الأسئلة المناسبة، تربيت في بيت، يبحث كل أفراده عن الأجوبة، ولم يتوقفوا يوماً عن البحث عن الأجوبة، كانت الأسئلة كثيرة والسنوات قليلة، كنا نلتهم ايامنا ونحن نبحث عن بعض الحقيقة....
كانت دائماً اجمل ساعات أيامي، عندما اجتمع انا و أبي رحمه الله، نتناقش و نتحاور في كثير من أمور العلم و الحياة و الكون و الدين، لا تعنينا في حديثنا كل ترهات و قشور و حطام هذه الدنيا، و قد نمضي الساعات في النقاش دون أن نشعر، نتجاذب أطراف الحديث، نسأل و نتساءل، نجيب أحياناً، و أغلب الأحيان نبحث عن الإجابة، نصل أحياناً إلى بعضها و بعضها الآخر قد يفك شيفرته الحديث القادم، مرشدنا في النقاش و دليلنا هو العقل، و لا شيء سوى العقل، وتلك العقيدة.....
قد نكون وجدنا إجابات على أسئلة استعصت على الكثيرين، حتى يكاد يكون اخبار تلك الإجابات كأنك تلقي قولاً ثقيلاً، هذا لأننا ننطلق في كل مقالنا و قولنا و تحليلنا، من أن كل ما في هذا الكون من قوانين و ثوابت و حقائق علمية، ليست إلا ذاك الفاصل الصغير جداً ما بين حرفي الكاف و النون في جملة ( كن فيكون)، ليست إلا تلك العصا السحرية التي يدير بها ذاك المايسترو العظيم هذا الكون الواسع......
ليس هناك ما هو أروع من أن ترى كل تلك القوانين تنزل من عليائها، لتنتظم مع كل تلك العقائد، ليشكلوا كلهم ذاك اللحن الجميل، ذاك اللحن السحري الذي تسمعه مع كل ارتقاء لعينيك إلى السماء، تسمعه مع كل صلاة، تسمعه حتى و انت تشرب فنجان قهوة صباحاً، ولم يستيقظ أحد بعد سواك واسئلتك...
ولسان حالك: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض....
يكفي نظرة واحدة تناظر بها محيطك.... يا الهي كم يمكن لهذه العين الصغيرة أن تسع كل هذا؟؟.. فكيف بذاك العقل؟؟...
ومع كل سؤال تسأله، وبضعة إجابة تجدها، تكتشف أن هذا الكون ليس إلا انت، وانك تكاد أنت تختصره كله، وليس عليك إلا أن تطرح الأسئلة المتاسبة...
تبتسم وتخر خاشعاً، "اللهم انزلني منزلاً مباركاً وانت خير المنزلين"..
ألم يبدأ ذاك القرآن العظيم بكلمة اقرأ؟....
و أنه لقول عظيم أنه مابين الهمزة والهمزة اقرار.....