كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"عرين الاسود"....

باسل علي الخطيب- فينكس
ذات مقابلة قال السيد الرئيس بشار الاسد: "في كل مرة كانت سورية ترد وبطريقتها، و(الإسرائيليون) وحدهم يفهمون ما أقول الآن وكيف رددنا"....

ترى هل كان رفع العلم السوري في نابلس يوم تشييع شهداء اقتحام الإسرائيليين بنابلس يوم 2022-10-26، هل كان رفعه صدفة؟! أم رسالة؟!!...
بالمناسبة، تلك العملية التي حصلت في ليلة 25-10، تمت إدارتها من قبل رئيس أركان الاحتلال ورئيس الشاباك من مقر غرفة قيادة الشاباك، عادةً هكذا عملية كانت تُدار عل مستوى قائد فرقة، أما أن يصل الكيان إلى إدارة هكذا عملية في حي صغير في نابلس على مستوى من ذكرناهم أعلاه فذلك له دلالاته الكبرى...
على مدى الأشهر الماضية و مدن الضفة الغربية تستفيق على وقع عمليات و اشتباكات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي و مستوطنيه..
هل تعرفون من هو تامر سفيان الكيلاني؟ تامر هو الشهيد الأول الذي تغتاله إسرائيل بتفجير عن بعد منذ نحو عقدين، الكيلاني تم اغتياله بتفجير دراجة نارية مفخخة عن بعد عند مروره بالقرب منها..
علماً أن آخر اغتيال قامت به إسرائيل على هذه الشاكلة، كان عندما اغتالت قائد كتائب شهداء الاقصى رائد الكرمي عام 2002...
قبل شهور وخلال تشيييع أحد الشهداء في نابلس، تفاجأ المشيعون بمجموعة من الشبان الملثمين، يرتدون بدلات سوداء متشابهة، ادوا عرضاً عسكرياً بسيطاً، وألقى قائدهم بياناً مقتضباً، ختمه بجملة" حان الوقت للاسود لتخرج من عرينها......"....كانت تلك الكلمات اعلان ولادة التنظيم المقاوم (عرين الأسود).... قالوا في بيانهم أن رصاصهم لن يخرج إلا ضد جنود الاحتلال و مستوطنيه، وأنه لن يخرج في الهواء أبداً..
تامر سفيان الكيلاني هو أحد أبرز قادة تنظيم عرين الأسود، الذي يتخذ من مدينة نابلس مقراٌ له، هذا التنظيم الذي صار يؤرق كيان الاحتلال كثيراً في الفترة الأخيرة، علماً أن القضية ليست في عديد و عتاد هذا التنظيم، إنما في العقيدة الجديدة الحية التي يحملها..
تنظيم عرين الأسود، تنظيم عابر للمنظمات للفلسطينية، فيه عناصر من فتح و الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية و حماس و الجهاد الإسلامي، و فيه من هم أبناء أعضاء في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، العرين تنظيم عابر للمجتمع الفلسطيني، العرين فكرة أكثر مما هو تنظيم له كيان صلب، والأخطر بالنسبة للصهاينة أن هذه الفكرة صار لها اجنحة، وبدأت تجتاح المجتمع الفلسطيني...
تقدر الاستخبارات الإسرائيلية عدد التنظيم ب 30 مقاوماً فقط، مع قدرات لوجستية و عملياتية ضعيفة و تسليح بسيط. إذاً ما الذي يؤرق إسرائيل؟..
شهد شهر أيلول الماضي أكثر من 34 حادثة إطلاق نار و اشتباك مع قوات الاحتلال أو المستوطنين في الضفة، و هو أعلى رقم منذ عقد، هذه العمليات شملت مستوطنات و مركبات على الطرق و مواقع للجيش الإسرائيلي، إضافة إلى اشتباكات بالذخيرة الحية مع قوات إسرائيلية بالمدن و القرى الفلسطينية. أكثر من 20 عملية من هذه العمليات تبنتها مجموعة عرين الأسود..
ما يؤرق إسرائيل أن أولئك الشبان، أعضاء التنظيم لا يعملون بدافع اليأس، بل بدافع الأمل، و هم لا يسلمون بواقع حياتهم و يسيرون نحو موتهم كسابقيهم، بل يتحدون هذا الواقع، و يؤمنون بقدرتهم على إحداث التغيير، و معظم هؤلاء الشبان لم يشارك في الانتفاضة الثانية ( 2000 - 2005)، و لكن على مدى الأعوام الماضية و هم يشاهدون الأحداث التي تعزز ثقتهم بأنفسهم: انتصار المقاومة في حرب 2006، انتصار سورية في حربها ضد الحرب العالمية التي شنت عليها، بعض الأحداث المفصلية الصغيرة و لكن ذات الدلالة: مسيرات العودة، الطائرات الورقية الحارقة في قطاع غزة، انتفاضة السكاكين، هروب السجناء الستة من سجن جلبوع...
نعم، أصبحت مجموعة عرين الأسود تشغل قادة الأمن الإسرائيليين، فهي رغم أنها لم تظهر إلّا في الأشهر القليلة الماضية، و مع ذلك تحولت إلى ظاهرة تستحوذ على اهتمام غالبية الشبان الفلسطينيين، كل ذلك شكّل إشارة قوية لإسرائيل أنها لن تستطيع أن تطوي القضية الفلسطينية تحت البساط، و أنها لن تكون قادرة على احتواء الأراضي الفلسطينية للأبد...
لطالما أجدنا في سوريا إدارة الصراع مع الصهاينة، سواء على المستوى العسكري أو الديلوماسي، لطالما أجدنا سياسة عض الأصابع، ولم نكن يوماً من يصرخ أولاً، ولأننا نعرف أن الصهاينة يتفوقون علينا كثيراً من حيث العتاد العسكري، ومن حيث الدعم الهائل الذي يتلقونه، لذلك قامت سياسة المواجهة معهم على مبدأ أن لانعطي لإسرائيل القدرة أو الامكانية على استعمال فائض القوة الذي تمتلكه ضدنا، واستنزافها في معركة طويلة يومية، بل بالساعات، عبر معارك صغيرة وضربات صغيرة، لكنها منهكة على المدى الطويل..
هل سبق وشاهدتم مباراة ملاكمة لمحمد علي كلاي؟ في المباريات الكبرى التي خاضها كلاي، قلما ربحها في الجولات الاولى، وبعضها قد طال إلى الجولة الثانية عشرة أو حتى الخامسة عشر، كان كلاي في جولاته الأولى يتلقى الضربات، و يبدو وكأنه يتجه لخسارة المبارة، لم يكن ينفك عن الحركة والتراقص في الحلبة، والحقيقة أنه كان ينهك خصمه طوال تلك الجولات الأولى، ليبدأ الانقضاض عليه ابتداءً من الجولة الثامنة، ويهزمه....
لدى الصهاينة عقدة العقد الثامن من عمر كيانهم، حسب ماهو موجود في موروثهم، أن كيانهم لن يعيش أكثر من 80 عاماً، إسرائيل تحاول أن تشتري حرب بقائها، لن نعطيها هذه الهدية، فالعرين فيه الكثير من الأسود..... 
ختاماً، هل تعرفون اسم الحي الذي نشأ فيه تنظيم العرين في نابلس؟ اسمه حي الياسمين، هل تعتقدون أن هذا صدفة أيضاً...