كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

أنا والرياضيات أيضاً وأيضاً

صفوان زين- فينكس

بشق النفس اجتزتُ عقبةَ الرياضيات في امتحان الشهادة الابتدائية في العام ١٩٤٨.
وبشق النفس اجتزتُ عقبةَ الرياضيات في امتحان شهادة البروفيه في العام ١٩٥٢.
علماً بأن الأسئلة الواردة من وزارة المعارف (التربية) بالظرف المختوم بالشمع الأحمر كانت تُمضي ليلةَ ما قبل الامتحان مقفلاً عليها في خزانة ملابس والدي في غرفة نومه على بعد خطوات من غرفة نومنا.
وأما في البكالوريا (الأدبي طبعاً) فلم اعد بحاجة لأن أشقَّ نفسي أو أشقَّ ورقة الامتحان، إذ شاء حظي الذي يشقّ الصخر أن تُلغى الرياضيات من منهاج البكالوريا الأدبي وأن يحلَّ محلها علم الفلك الذي أنقذني من ورطتي، إذ لولاه لكنتُ لا زلتُ الى اليوم في فلك البكالوريا أدور!
وأود أن أسجل بهذه المناسبة انني في الابتدائية والبروفيه كنتُ لم أزل نجلاً مدلّلاً لمدير معارف محافظة اللاذقية عندما كانت تلك المحافظة تغطّي ضعفَي مساحتها الحالية وعندما كان هذا المنصب يمنح شاغله من الصلاحيات والسلطات ما يمكنّه من فرض رأيه حتى على الوزير في بعض القضايا المحلية الحساسة، وبتقديري ان هذه السلطة الواسعة التي تمتع بها مدير معارف محافظة اللاذقية تلك الأيام كانت استمراراً لما كان عليه الوضع التعليمي المتميز في منطقتي اللواء والساحل السوري أيام الانتداب الفرنسي، علماً بأن كون مدير المعارف والدي لم يمنحني على الصعيد الشخصي أية ميزات ربما باستثناء ان مدير المدرسة في جميع مراحلي الدراسية (طبعاً عدا الجامعية) كان يمنحني ميزة الجلوس في المقعد الأول في الرَحلة الاولى تحت اللوح مباشرة، هي نعمة بنظره ونظر العديدين في حين كانت نقمة بل ونقمة كبيرة بنظري ونظر جميع من كان على شاكلتي من فطاحل الرياضيات، إذ كان من شأنها أن تضعني في الخندق الأمامي في مواجهة فاضحة مع أستاذ الرياضيات أنا الخاسر فيها دوماً.
أود أن أختم وبما يرفع من معنوياتي التي هبطت بها الرياضيات الى الحضيض ان الدراسات المعاصرة تُجمع على ان مدرّس الرياضيات الفاشل هو السبب الكامن وراء طالب الرياضيات الفاشل، كم أنا سعيد بهذه الخلاصة الرائعة التي تنسب فشلي في الرياضيات الى أساتذة جميعهم فاشلون! رحمهم الله جميعاً وغفر لهم فشلهم المريع.