كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

"التوحيدي" معاصراً عن "البطانة" في الليلة ما بعد الأخيرة

أحمد حسن- فينكس:
. وبعد أن أغلق أبا حيان التوحيدي "سفره" النفيس المسمى بـ"الامتاع والمؤانسة" بنهاية الليلة الأربعين، عاد وفتحه بناء على أمر مستعجل من الوزير "أبي عبد الله العارض"، دامت أيامه ولياليه، والذي أحب أن يستوثق من "أبي حيان" عن خبرين منكرين نميا إليه عما حصل في بلاد الروم الجديدة وفي بلاد أخرى قريبة منه.
وكالعادة افتتح الوزير الجلسة سائلاً هل سمعت بما حدث في بلاد كانت يوماً تسمى "إهراءات روما"، في عام 2022 بتأريخ الفرنجة، من قلة زاد وغلاء فاحش وفحش تجار وانقطاع ما يسمونه عندهم بـ"المحروقات" مما أدى إلى انقطاع السبل بالناس؟
قلت: لم أسمع فقط يا مولاي بل رأيت بأم عيني ما حصل فقد كنت هناك حينها لبعض شؤوني الخاصة. قال، فأنت "شاهد عيان" إذاً؟، حسناً هات ما عندك وصف لي ما جرى وكأنني كنت معك، فإني قد سمعت أمراً عجبا. قلت يا مولاي إن هؤلاء القوم كانوا قد عانوا، ولا زالوا، من حرب غريبة وعجيبة تكالبت عليهم الأمم وبذلوا دمائهم رخيصة في سبيل بلدهم وحين ظنوا أن أمرهم قد استقر وبان ضُرب عليهم حصار خانق ومُنع عنهم الغذاء والدواء، وكالعادة في كل زمان ومكان، فقد استغلت حفنة منهم هذا الأمر وبدأت باستغلال حاجة الناس فاحتكرت المواد وعمّ الفقر وكثر الفقراء وتزايد عدد المتسولين وزاد الفحش وقانا الله وإياكم من ذلك.
فقال، نور الله وجهه، كان الله في عونهم، ولكن ماذا فعلوا لمواجهة ذلك؟
قلت، يا مولاي اعذرني عن البيان فإن صورة "مسرور" السياف لا تفارق ذهني، ولكني -وهذا مجرد توارد أفكار وخواطر- تذكرت "البطانة"، وإذا سمحت لي يامولاي، فذلك يقودني إلى إبداء ملاحظة لك لا أقصد منها سوى دوام عزك ومنعتك، ولا أقولها ما لم تمنحني الأمان.
قال، لك ذلك فهات ما عندك.
قلت، فإن العامة يتساءلون: "ما هذه البطانة" التي يضمّها مجلسك؟!!، لماذا تقرّب من هو شيخ غشّ وتلبيس، وآخر غدّار مكّار، وثالث منهمك بين اللذائذ وفيها، ورابع مرائيّ يدّعي أنه صاحب الفضل عليك؟؟!!". وهم بمجملهم "سباع ضارية وكلاب عاوية وعقارب لسّاعة وأفاع نهّاشة. ضرّهم أكثر وشرّهم أغلب"، فلو أبعدتهم عنك "لكان مجلسك أشرف، ودولتك أعز، وأيامك أدوم، ووليّك أحمد، وعدوك أكمد".
وأضفت: و"إن كنت عارفاً بأمرهم فلما تسلّطهم وتبسطهم وتفتح أشداقهم حتى صاروا يجهلون أقدارهم وينسون ما كانوا فيه من الذلة والقلّة!!".
فقال الوزير: سألقي إليك بجواب هذه المسألة لاحقاً، ولكنك أكثرت اليوم، وقد تعبت منك ومن أقوالك، فهات "ملحة" الوداع ولتكن من أخبار روما الجديدة فهي على ما سمعت غريبة عجيبة. قلت، حين أعلن أصحاب بلاد الروم الجديدة، عن انتخاباتهم في عام 2019 بتأريخ الفرنجة، أعلنت إحدى جميلاتهم وتدعى "باريس هيلتون" ترشحها للرئاسة.
فقاطعني الوزير مندهشاً: سمعت عنها، لحاها الله، وماذا تريد هذه؟
قلت، لقد قالت يا سيدي: "إن المكتب البيضاوي، وهو مقر إمارتهم، بحاجة إلى "إعادة تصميم ولمسة أنثوية"، وأضافت بما يشهد لها ببعد نظر عميق، "قد يحتاج الأمر إلى إعادة تصميمه على شكل قلب"!!، وكانت، يا مولاي، قد قررت أن تكون نائبتها جميلة أخرى تدعى "ريانا"، وأن تكون "بطانتها" كلها من هذا الصنف الجميل.
فضحك، أضحك الله سنه، وقال هذا جميل فحكم الجمال، في عرفنا، مقبول ويُنفذ بنفس راضية حتى لو كان ظالماً، خاصة إننا من قوم نهلّل صباح مساء منشدين: "إن كنت تقتلني فأنت محكّم، من ذا يطالب سيّداً في عبده"، ونرفع صوتنا مرددين: "قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبد"، فكيف إذا كانت "المليحة" بلا خمار ولا غيره، وكنا، جميعاً، لا نسّاكاً ولا متعبّدين؟!
قلت، والأهم يا سيدي أن "بطانتها" ستكون ممن احترفن تصميم القلوب لا المؤامرات، وحتى إذا وُجدت هذه الأخيرة -لدواعي الحكم طبعاً- فهي مؤامرات "بطانة" عاشقة لا ترقى إلى مؤامرات "بطانة السوء" التي، بحسب حكيم قديم، "تريد من الحاكم دراهمه وتقرّب لحمه من النار"، لكنها في الآن ذاته تنهب مال الرعية وترميها في نار "العيش" اللاهبة وقانا الله حرّها.
فقال، وقد عبس واحمرت عيناه، أراك تلف وتدور وتعود إلى حديث "البطانة" إن لم يكن تصريحاً فتلميحاً، وهذا، كما تعرف، ينال مني شخصياً، وتحدثت أيضاً عن "بدع" غريبة مثل "الانتخابات" وأنت تعرف أن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار لكنك ذكرت ذلك في مجلسي، فأقصر يا هذا، وأغلق كتابك، فـ"والله" ما يمنعني من قطع لسانك سوى سابق وعد وطول خدمة، فاخرج من مجلسي ولا ترني وجهك بعد اليوم.
فخرجت وأنا ارتعد وأحمد ربي على السلامة، وأقول سبحان من يؤتي الحكم من يشاء فيعزّه، ويمنعه عمن يشاء فيذلّه، وإذا كان بعضهم يقول "من البطانة يُؤتى الملك"، وهذا صحيح، فإن الخوض في شأنها مع الملك يأتي بالهلاك لا ريب فيه، وقانا الله، وإياكم، من عواقب ذلك..
والسلام.
 
 

 
 
 
متى يخرج التونسيون من ظلام النفق؟
الاتحاد العام لنقابات العمال يسعى لفتح اكتتابات السكن العمالي والشبابي المغلقة
فعلها المنتخب.. فهل تفعلها الحكومة؟
اغتيال "قادة الحرس الثوري الايراني" يأخذ المنطقة لمواجهة كبرى
د. جبور رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي يخاطب قضاة محكمة العدل الدولية
هل أصبح الفساد ضرورة؟
اليمن قولاً وفعلاً.. كشف الحقائق
أسباب عديدة أدت الى توقّف العمل في معظم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
لماذا نحتاج إلى مبادرة حول قانون الإعلام المرتقب..؟
السورية للتأمين ومشتركوها.. بين الربح الموعود والمردود المهدود..!
ماذا يتمنى السوريون في 2024؟
البطل في انتخابات مجالس المحافظات
الرهان الذي ولد خاسراً!
حزب البعث.. والمرحلة المفصلية..!
قراءة موضوعية في قرار حكومي جديد حول تشييد الأبنية: مجحف اجتماعياً واقتصادياً ولابد من تعديله