كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

حماس و البقية ستأتي

باسل علي الخطيب- فينكس

كم من وجار ضبع تنقلت بينهم حماس خلال العشرية الأخيرة الماضية، تلملم بقايا من كرامة فقدتها لحظة غادرت تلك الدمشق..... تلملم ولاتجد.....
كم وجار ضبع لاذت به حماس لم تنل منها إلا رائحة الزناخة..... نعم، اتسخت حماس و اتسخت، لم تكن حماس تتوقع أنها بمجرد مغادرتها دمشق، ستتحول من حركة مقاومة إلى مجرد حركة اخوانية، ولم تشفع لها مئات الصواريخ التي كانت تطلقها على اسرائيل، أن يتم اعتبارها في الوجدان العربي أو الاسلامي حرمة مقاومة....
تاهت حماس منذ اللحظة التي غادرت فيها دمشق في شباط عام 2012، تاهت و كادت تتيه معها القضية، تاهت وقادتها يتنقلون بين الفنادق بين قطر وتركيا.... ويوماً بعد يوم، بدأ العقلاء في حماس يدركون أين هي الحركة ذاهبة بعد أن ركبت موجة مايسمى الربيع العربي، فقرروا أنه ليس أمامهم إلا العودة إلى هذا العرين....
كانت البداية عندما أعلنت حماس فك ارتباطها مع الفرع السوري للإخوان المسلمين، الذين يشكلون قوة كبيرة ضمن مايسمى المعارض السورية عام 2017....
خمس سنوات وحماس تستجدي العودة، خمس سنوات وحماس تطرق الابواب، حتى قرر اسد هذا العرين أن يفتح الباب، وبعد أن غسلت السنوات الخمس السابقة بعض الأوساخ التي لحقت بحماس.....
نعم، عندما نقول إن حماس قد اتسخت، فنحن لانشتم إنما نوصف حالاً....
قرأت مرة، أن حماس هي من اغتالت اللواء الدكتور نبيل زغيب العقل الأساسي في برنامج الصواريخ في الجيش العربي السوري، و زوجته فيوليت و ولديه جورج و جيمي في باب توما عام 2012، و قد نفذ العملية المسؤول الأمني لحماس كمال غناجة الذي كان يقيم في قدسيا....
قرأت مرة أن تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الصهيونية آنذاك قد أسرت لوزير الخارجية المصري آنذاك أبو الغيط أنها لم تكن تتوقع أن تقدم لهم حماس مثل هذه الخدمة.....
قرأت أيضاً أن تنظيماً إرهابياً يدعى أكناف بيت المقدس تشكل في بداية العورة السورية، و قاتل الجيش العربي السوري في مخيم اليرموك و تسبب بتهجير الفلسطينيين المقيمين في المخيم، و لكم أن تحزروا من أين هم عناصر تلك الاكناف، أحسنتم، نعم أنهم من حماس....
أسس التنظيم صلاح أبو صلاح القيادي في حركة حماس، و كان يقودها مأمون بشر يوسف الجالودي أبو جودت(اسمه الحركي أبو جعفر أكناف)، و هو مرافق لخالد مشعل و مدرب في حركة حماس، و بعد اعتقاله قاد الاكتاف محمد زغموت، و اسمه الحركي (أحمد المشير) و هو أيضاً مرافق لخالد مشعل.....
قرأت أيضاً أن خالد مشعل إياه كان مستعداً لبيع السعودية أسراراً يعرفها عن الجيش العربي السوري، مقابل أن تفرج إسرائيل عن بعض معتقلي حماس لديها، حتى ينال حظوة عند أنصار حماس و يتم انتخابه مرة ثانية.....
دعونا نعود بالتاريخ قليلاً، مع مطلع ثمانينات القرن الماضي، كانت دمشق أمام مفترق طريق صعب، وجدت نفسها وحيدة أمام الكيان الصهيوني، آنذاك كانت سورية تتجه بثبات للتحول إلى عاصمة المصير العربي بأكمله، و فيما كانت الأنظمة الأخرى تتهاوى راحت دمشق تفتش عن مخارج جديدة، فمع انسحاب القاهرة من المواجهة و غرق بغداد في حروب عبثية و مدمرة، كانت دمشق تقبض بقوة على ما بقي من أوراق محدودة لديها. و اعتباراً من الثمانينيات ابتدعت خيارها الجديد: تشكيل محور المقاومة في المنطقة. حيث تحالفت مع التيارات و الأحزاب الثورية القائمة في محيطها، و بالذات منها الفلسطينية و اللبنانية، التي تعمل بجدية على مواجهة المشروع الصهيوني. و على الخط الموازي فإن القائد الخالد حافظ الأسد، الذي أدرك بسرعة هول الانسحاب المصري من المواجهة و تركه وحيداً في الميدان، سرعان ما جاءه الترياق من طهران بعد إنجازها لثورة حقيقية (1979) و انتقالها إلى الجبهة المعادية للغرب و إسرائيل....
و هكذا استعادت سوريا التوازن المفقود،. لتغدو دمشق بالتدريج عاصمة المقاومة العربية، بحيث أن كل من يحمل عقيدة المقاومة عليه أن ينال الاعتراف و الشرعية، أو يفتتح مشواره و يقدم أوراق اعتماده عبر الحج إلى كعبتها الوحيدة: دمشق، و بالمقابل فإن كل من يتعب و يقرر أن كفى، و كل من ينسحب من الخندق يائساً، و كل من يتم إغراءه بمال أو جاه، يكون ( لزاماً عليه) أن يبدأ مشواره الجديد من ممارسة فعل الخيانة تجاه دمشق، و رفع الصوت عالياً اتجاهها، و هو ما لاحظناه كثيراً على امتداد عقود طويلة: من أنور السادات في السبعينيات، إلى صام حسين في الثمانينيات، و من ياسر عرفات و محمود عباس و ياسر عبد ربه في التسعينيات، إلى وليد جنبلاط الى خالد مشعل وعباس هنية.....
و اعتادت سورية هذا الأنر، اعتادت على التنكر لها، و على نكران الجميل الثابت الوحيد في الحياة السياسية العربية، مثلما اعتادت على عدم الوفاء ممن قمت لهم الكثير. و قد بات ذلك عنواناً آخر يضاف إلى العناوين السورية الكثيرة التي تشكل بمجملها هوية هذا البلد. فهي التي تعطي دون حساب و دون انتظار للأخذ أو للمقابل، و من يسير معها عليه أن يسير بقناعته و إرادته أولاً و أساساً، و من ينسحب فإنها تقابله بهزة كتف لا مبالية، لتبدأ في اليوم التالي البحث عن بديل آخر، و ما أكثر البدلاء في منطقة تشكو على الدوام من (ازدحام) المخططات الخارجية للهيمنة عليها، و من بروز قوى جديدة على الدوام تعي خطورة هذه المخططات و تسعى للتصدي لها......
و اعتاد الجميع على ذلك، اعتادوا التحالف مع سورية ليكسبوا الكثير،و الابتعاد عنها ضمانة أنها لن تجعلهم يدفعون الثمن، و في المحيط العربي بات يُشار إلى سورية باعتبارها ( بلد الدراويش) التي يلجأ إليها كل متمرد أو مقاوم أو منبوذ أو باحث عن حظوظ أفضل في الحياة، فهي البلد الوحيد الذي لا يطلب تأشيرة دخول من أي عربي، و يمكن لأي عربي أن يركب الطائرة و يهبط في دمشق ليعيش كيفما يشاء و يمارس ما يشاء.
كذلك اتسع الأفق القومي إلى درجة تسمح بمد اليد للإسلام المقاوم، و هكذا باتت دمشق عرين القومية العربية المنفتحة و العلمانية، تمد يدها للتحالف مع قوى دينية، و كما كان عليه الحال في الستينيات و السبعينيات حين تم التحالف مع القوى اليسارية و الماركسية و الراديكالية، على قاعدة العداء للغرب الأمبريالي و المشروع الصهيوني، ها هي القوى الإسلامية( من حزب اللّه و حركة أمل في لبنان إلى حماس و حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين) تهبط دمشق آمنة! وفق القاعدة إياها....
قلت أعلاه أن حماس تاهت وتاهت، وعرفت يقيناً أن لن تجد تلك الكرامة المفقودة إلا في هذا العرين، أنها لن تنل المصداقية وهي بعيدة عن هذا العرين، و أن هذا العرين هو وحده ووحده فقط من يعطي صكوك البراءة والوطنية والمقاومة، وان كل صواريخها التي أطلقتها على الكيان الصهيوني خلال العشرية الماضية، ليست شيئاً أمام خطوة واحدة تخطوها في بهو قصر المهاجرين، وأسد ذاك العرين يستقبلهم، كل صواريخها مقابل خطوة واحدة حتى تستحق تسمية حركة مقاومة....
الاحمق من لايسامح ولاينسى، الساذج من يسامح وينسى، الحكيم من يسامح ولاينسى....نحن في سوريا نسامح لأننا نمتلك القدرة على المسامحة، ولايمتلك القدرة إلا قوي وقادر، نحن نسامح لأننا كبار، لا نقيس الأمور بمقاييس الصغار، تقيسها بمقاييس السادة، نسامح ككبار وكسادة وأصحاب حق، نسامح وعيوننا ترنو إلى ماهو أبعد من ردود الأفعال أو الضغائن أو الانتقام....
نسامح، نعم، ولكن لاتنسى. 
متى يخرج التونسيون من ظلام النفق؟
الاتحاد العام لنقابات العمال يسعى لفتح اكتتابات السكن العمالي والشبابي المغلقة
فعلها المنتخب.. فهل تفعلها الحكومة؟
اغتيال "قادة الحرس الثوري الايراني" يأخذ المنطقة لمواجهة كبرى
د. جبور رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي يخاطب قضاة محكمة العدل الدولية
هل أصبح الفساد ضرورة؟
اليمن قولاً وفعلاً.. كشف الحقائق
أسباب عديدة أدت الى توقّف العمل في معظم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
لماذا نحتاج إلى مبادرة حول قانون الإعلام المرتقب..؟
السورية للتأمين ومشتركوها.. بين الربح الموعود والمردود المهدود..!
ماذا يتمنى السوريون في 2024؟
البطل في انتخابات مجالس المحافظات
الرهان الذي ولد خاسراً!
حزب البعث.. والمرحلة المفصلية..!
قراءة موضوعية في قرار حكومي جديد حول تشييد الأبنية: مجحف اجتماعياً واقتصادياً ولابد من تعديله