كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عندما تكون السفالة خياراً وطريقة حياة

باسل الخطيب- فينكس:

تتناقل الألسن و تتداول الأيادي فيديوهات لأحد الصبيان الذين ينشطون عبر اليوتيوب و اسمه يمان نجار، هذا الولد لديه إمكانيات تقنية كبيرة على مايبدو، حتى يبدو وكأنه يعمل من استديو كامل التجهيزات، و لا أستبعد أن تكون خلفه جهة ممولة ما لا تضمر الخير لهذا البلد......
هذا الكائن يقوم في كل مرة بالاتصال بجهات رسمية أو حكومية سورية، أو الاتصال بأشخاص معروفين أو فنانين.... في كل المرات التي اتصل فيها هذا الأمعة مع جهات حكومية سورية سواء كانت الخارجية أو فوج الإطفاء أو غيرها، مقدماً نفسه لهم على أنه لديه مشكلة أو واقع في ورطة ما، كانت تلك الجهات تتجاوب معه بكل التعاون الممكن، تتجاوب معه بكل احترافية و مهنية و أدب.....
أما محادثاته مع بعض الفنانين، و خذوا على سبيل المكالمة التي جرت مع الفنان أيمن رضا، و التي ظهر فيها المذكور على درجة عالية من السذاجة و قلة الحيلة، فقد كان يكفي أن يقلد المدعو يمان أحد اللهجات، مدعياً أنه عنصر أمن، حتى باح أيمن رضا بكل مكنونات صدره، ولو طالت المسرحية أكثر لكان فضح أيمن رضا كل شيء على ما أعتقد....
لقد سبق و تحدثت في مقال سابق عن الصورة النمطية التي قدمتها درامانا عن رجل الأمن، سواء من حيث اللهجة و الهيئة و طريقة الكلام، و ها هو أيمن رضا قد تذوق من ذات السم الذي طبخه سابقاً هو و زملائه.....
على كل الاحوال، حديثي ليس عن أيمن رضا، مقالي عن ذاك اليمان و أمثاله من اللاجئين السوريين، يمان و أمثاله يشكلون على الأقل أكثر من نصف هؤلاء اللاجئين....
اسمع يا هذا، ما فعلته لن تستطيع فعله في البلد الذي أنت فيه، و إن فعلته مرة لن تفعله مرة ثانية لأنك ستكون في السجن، بعد أن تكون قد دفعت غرامة أفلستك....
أنت و الكثير من أمثالكم، بعضكم غادر سوريا في الأيام الأولى لتلك العورة السورية، و ماكان هناك ضربة كف واحدة، غادرتم قراكم التي كنتم معززين مكرمين فيها، لديكم بيوتكم و أراضيكم و أشغالكم، لكن فجوركم و نكرانكم، و أنهم قالوا لكم أنهم سيدفعون لكم رواتباً بالدولار، و أن (النظام) إياه سيسقط خلال أشهر، جعلكم تتخلون عن كل ماسبق طواعيةً.....
و لكن (النظام) لم يسقط، و أسقط في يدكم، أنهم ما عادوا يدفعون لكم، و صرتم كالكلاب الشاردة لا أحد يريدكم، و تحولتم مع الأيام إلى لاجئين على أرصفة شوارع من أوروبا، أنكم ثوار الديمقراطية و الحرية و ضحايا الاضطهاد و الظلم في بلدكم....
و بعضكم، و هذا البعض كان أغلبكم، فتح بيوته، فتح قراه و مدنه لجموع الإرهابيين، أحلتم قراكم و بلداتكم إلى حالة من الفوضى الكبيرة بسبب كل تلك المظاهرات و حفلات الاعتصام الفاجرة التي كنتم تقيمونها، أنكم متظاهرون ضد (النظام) الظالم.....
أخبروني أيها الفجرة، ماذا كان ينقصكم؟ مالي و مال من يحكم مادام مستقبلي و مستقبل أبنائي مؤمناً؟ ألم تكن بلدنا من أفضل بلاد العالم؟ هل أعيد و أكرر لكم كم كان هذا البلد جميلاً؟ كان هناك ظلم؟ كان هناك فساد؟ و أي بلد في هذا العالم ليس فيه ظلم وفساد ؟.....
لقد فعل ذاك (النظام) كل شيء لكم ليجعل منكم بشراً، ما ذنبه أنكم لا تفكرون إلا عبر معدتكم أو عبر ما بين افخاذكم؟ ما ذنبه و أنتم كأنكم تتناسلوا بالانشطار؟...كل تسعة أشهر ولد....
على سيرة (الولادة)، أخبروني أيها الفجرة، بالله عليكم لماذا كنتم تفجرون المستشفيات؟ ألم ( تبظكم) أمهاتكم فيها و على نفقة ( النظام) إياه؟... أولاد القبحة لا أستثني منكم أحداً....
صرتم تطلبون الحرية، أو تعرفونها حقاً؟.. و ملتحي ما ليس له من الشهادات أكثر من الابتدائية يسوقكم، يحدد لك و له كم مرة يحق لك ان تدخل على زوجتك، و بأي قدم تدخل الحمام، أحلتم بلداتكم إلى حالة من الفوضى وفتحتم بيوتكم لكل شذاذ الأفاق من كل أنحاء العالم، تحالف ( زعرانكم) الذين صاروا قادتكم، مع كل زعران العالم، و صاروا تحت أمرتهم خدماً و قوادين، نعم، قوادين، احتل أولئك الشذاذ بيوتكم، و احتلوا غرف نومكم، و نكحوا نساءكم و بناتكم و بنات بناتكم، وما ملكت أيمانهم وشماله منكم، مكنتموهم من رقاب أهلكم وناسكم، وكان أن أنجبوا لنا أطفالاً ليس لهم من الطفولة إلا العمر، أولاد حرام لا يفرقون عنكم سوى أن أبائهم أوزبك أو شيشان أو انغوش أو غيرهم، أولاد القبحة لا أستثني منكم أحداً......
حكمكم أولئك الشذاذ و أولئك الزعران لتكتشفوا في أي فخ وقعتم، لتكتشفوا أي خدعة كبرى كان كل ذلك، اكتشفتم و قد استحالت حياتكم جحيماً انكم كنتم تعيشون سابقاً في بعض الجنة، و عندما جاءت الدولة بجيشها لتحرر البلدات و تطرد الإرهابيين منها، هل كنتم تتوقعون أن تعزف لهم على البيانو ليخرجوا؟... و أن تغني لهم أغنية (سهار بعد سهار...)؟... طبعاً ستكون هناك معارك طاحنة، و الارهابيون قد تحصنوا في الجوامع و المدارس و المستوصفات و البيوت، و سيحصل دمار، لتحزموا بعد ذلك (بقجكم) و تطلبون اللجوء على أرصفة شوارع مدن أوروبا على أساس أنكم ضحايا تلك البراميل المتفجرة، أولاد القبحة لا أستثني منكم أحداً.....
قولوا لي، أليس معظم الاجئين من هذين الصنفين؟... نعم، هناك صنف ثالث لا أقصده بمقالي، أولئك لم يخونوا بلدهم و هم في سوريا و لم يخونوها في بلدان الاغتراب، و الظروف القاهرة هي من أجبرتهم عل اللجوء، و لكنهم ظلوا أوفياء لبلدهم....
الصنفان الأولان من اللاجئين صاروا حيث هم يلتزمون بالقانون، صاروا يلتزمون بالقانون و ( بالصرماية)، لأنهم حيث هم لا توجد ثقافة تبويس اللحى و الشوارب أو ثقافة الخطي أو ثقافة الدروشة و المسكنة، ما عادوا هناك يتبولون عند الحيطان أو حيث أرادوا، ما عادوا يلقون الأوساخ في الشارع، صاروا يقفون في الدور و لا ( يطحشون) كالبقر، يقطعون الشوارع من الأماكن المخصصة لذلك، لا يخربون الممتلكات العامة، لا يتعدون على أراضي و طرقات الدولة عندما يبيتون بيوتهم، يدفعون فوائد الكهرباء و الماء و غيرها برحابة صدر، يذهبون إلى أعمالهم و يلتزمون بالعمل و ساعات الدوام، و غيرها و غيرها....، تلك الأشياء التي لم يكونوا يلتزمون بها في بلدهم.... أيعقل أنه حدثت معجزة ما بحيث تحولوا خلال شهور أو بضع سنوات من مجموعة من الهمج الرعاع إلى مواطنين صالحين ؟ قطعاً لا، هؤلاء صاروا ما صاروا عليه لأنهم حيث هم هناك عقوبات و غرامات على كل مخالفة....وهذا يثبت أنكم ماكان يمكن أن تبقوا بشراً إلا و العصا في يد الدولة، وأنه لا وسيلة للتعامل معكم إلا بها.....
المؤلم في موضوع تلك الأفلام، أن الكثيرين ممن يتداولها، يتداولها بكثير من الغباء و اللا مسؤولية و البلاهة بل و الضحك الشماتة بأجهزة الدولة، و كأنهم مسرورون لعظيم ما فعله ذاك الأمعة....
اسمعوا و عوا ، قد أكون معارضاً للكثير مما يحصل في بلدي، و انتقد محاولاً التصويب بعض الممارسات، و أنا لست موالياً لأحد و لست تحت عباءة أحد، أنا منتمي و منتمي حتى العظم لهذه الدولة و هذه الأرض، وعندما يريد أحد ما غريب او أحد ما من خارج البلد أن ينتقد هذه الدولة فأنا اتحول إلى شبيح بكل مافي الكلمة من معنى، أكون في هذه الحالة مع الدولة والسلطة ظالمة أو مظلومة، لا أقبل من اي كان خارج البلد نصحاً أو توجيهاً أو أمراً...... نحن نعرف كيف نحل مشاكلنا فيما بيننا، نعرف كيف نحل مشاكل دولتنا ومشاكل العلاقة مع السلطة، نحن واياها جبهة واحدة عندما يكون هناك طرف خارجي ما، نجرؤ أن نقول لها في وجهها أنها تخطيء عندنا تخطيء، ولكن لانسمح ولانرضى من اي طرف خارجي أياً كانت جنسيته أن ينتقص منها أو يسخر منها، لأننا نعتبر عندئذ أن كرامتنا عندئذ هي جزء من كرامتها....