نتنياهو يصر على حشر إسرائيل في المستنقع اليمني
د. خيام الزعبي- فينكس
رغم الخسائر الكبيرة التي تتكبدها القوات الإسرائيلية في غزة يصر رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" على التوغل اكثر في المستنقع اليمني، فالعدوان الإسرائيلي على أهداف تابعة لجماعة "أنصار الله" اليمنية في مدينة الحديدة، الذي كان بغطاء أميركي، رداً على غارة الحوثيين بطائرة درون على تل أبيب، يثبت ان إسرائيل لا يمكنها الخروج من المستنقع بتلك السهولة بعد ان تورطت بقتل المدنيين واستهداف منشآت مدنية بينها خزانات النفط ومحطة الكهرباء في الحديدة، بذلك يكون نتنياهو، قد أخطأ في قراره، وذهب إلى الحرب، وإنطلاقاً من ذلك يبدو أن نتنياهو سيعض أصابع الندم بسبب قراره المتعجل بضرب مدينة الحديدة الذي يُعد المُغامرة الأكبر في حياته السياسيّة.
يراقب العالم اليوم ككلّ مسار الحرب بين اليمن وإسرائيل التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب على غزة، فاليوم لا خيار أمام المقاومة اليمنية إلا الاستمرار في إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة واستهداف السفن المرتبطة بأمريكا وحليفتها اسرائيل. وبذلك استطاعت أن تكون اليد الطولي في الحرب الظالمة التي يشنها الكيان الصهيوني على قطاع غزة، كما باتت رقماً صعباً في حسابات وخطط أمريكا والعدو الإسرائيلي في المنطقة.
المتتبع لأحداث الشرق الأوسط لا بد أن يلاحظ تصاعد حدّة الرعب في الأوساط الإسرائيلية من انخراط اليمن بشكل مباشر في المعركة دعماً وإسناداً لغزّة والمقاومة الفلسطينية، باستهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن كمحاولة للضغط على إسرائيل وحلفائها لوقف هجومها بالقطاع، وهذا ما أكده قائد حركة أنصار الله اليمنية "عبد الملك الحوثي" مراراً بمنع عبور السفن المرتبطة بإسرائيل من المحيط الهندي إلى رأس الرجاء الصالح.
على خط مواز، فإن الخطأ الأكبر الذي وقع فيه نتنياهو هو سوء تقديره لقوة خصومه، وقدرة المقاومة اليمنية على الصمود، برغم الدعم الأمريكي-الغربي له، فضرب السفن الأمريكية والإسرائيلية أعطى رجال المقاومة مؤشر ودفعة قوية في هذه الحرب، لذلك وجد الجميع أن حركة "أنصار الله" كانت واضحة ودقيقة عندما قالت "إن موازين القوى أصبحت للمقاومة ونتنياهو أصبح عاجزاً عن تحقيق أهدافه".
ولا نبالغ إذ نقول أن إسرائيل التي نفذت العدوان الإجرامي على اليمن خدمة لمصالحها المتضررة، من هجمات أنصار الله على السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، أدخلت نفسها في ورطة عسكرية واقتصادية وجيوسياسية، لا سيما وأن القيادة اليمنية في هذه المواجهة لا تأبه لأية خسائر في سبيل تحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية، وفي سبيل نصرة غزة وفلسطين.
لذلك فإن الخيار العسكري ضد أنصار الله يزيد الوضع الإسرائيلي الداخلي تدهوراً، وينذر بمواجهة عسكرية مع محور المقاومة معاً، ما يعني معركة طويلة الأمد لها عواقب وخيمة في الداخل الاسرائيلي، في هذا الإطار رأى محللون سياسيون أن الحرب الإسرائيلية على اليمن فشلت في تحقيق أهدافها لان الانتصار الذى حققته المقاومة اليمنية هو ذلك الانتصار المتعلق بمساحة الجريمة التي اقترفتها ضد المدنيين والبنية التحتية بينما لم تنجح في تحقيق الهدف الاستراتيجي الكبير وهو كسر شوكة المقاومة اليمنية.
إن إسرائيل واستراتيجيتها ستلقى ذات المصير وذات الفشل الذي لقته أدواتها في سورية، والمأمول آن تدرك لحكومة الإسرائيلية حجم هذه المغامرة، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع اليمني، فالوقائع الميدانية تشير إلى إنهيار كبير بين صفوف الجيش الإسرائيلي، يقابله صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على تحرير دولته من الإرهاب، لذلك ستظل المقاومة دوماً رأس حربة في وجه اسرائيل والحصن المنيع بوجه الكيان العبري وبوجه إجرامه.