غزة تستعد لرفع شارة النصر
د. خيام الزعبي- فينكس
تناقل نشطاء موقع التواصل الإجتماعي من خلال تغريداتهم مع وسم حمل اسم "غزة تنتصر وتستعد لرفع راية النصر"، وتم إنشاء هذا الوسم ليشارك الشعب العربي بتغريدات تعكس مدى إيمانه بقدرة المقاومة على تحقيق النصر النهائي على عصابات إسرائيل وإلحاق الهزيمة بها، وأجمع الشعب على أن بشائر النصر ستكون قريبة أكثر من أي وقت مضى.
إذا أردنا أن نفهم ماذا يحدث في غزة اليوم، يجب أن نضع في حسباننا حقيقة أساسية واحدة وهي، أن إسرائيل تخسر حربها للسيطرة على غزة، فهذه الحرب فضحتها وكشفت الأوراق وأسقطت كل الأقنعة وأظهرت إفلاس سياسة إسرائيل العدوانية في المنطقة، وجعلتها تتخبط لأن رجال المقاومة يواصلون سحق القوات الاسرائيلية، ما جعل من المعادلة تنقلب على الأرض وتعيد الحسابات من جديد، خصوصاً بعض الدول التي راهنت على إسقاط غزة وتغيير وجه المنطقة.
كما توقعنا، هزيمة قاسية لإسرائيل في غزة، فالخطط والاستراتيجيات التي وضعت وعُمل عليها منذ بداية الحرب تعرضت للتعثر والفشل، الحرب التي أريد لها أن تسقط غزة وتقضي على دول محور المقاومة، تراجعت حدّتها لمصلحة المحور نفسه، فالكيان الصهيونييشعر انه على وشك خسارة الحرب في غزة، ولهذا فهو في حالة بحث عن أوراق ووسائل جديدة لحفظ نفوذه من خلال افتعال وخلق ذرائع جديدة لاستمرار الحرب على غزة، وهي جزء من المخطط الذي وضعته إسرائيل لتدمير غزة.
بعد نحو شهر ونصف الشهر من الحرب على غزة، عجزت إسرائيل وحلفاؤها العلنيون والسريون عن حسم هذه الحرب، ولم تنجز في قطاع غزة أي انتصار ملموس سوى تدمير البنى التحتية وقتل المدنيين، ومن الجدير بالذكر هنا القول أن الانتصارات التي يحققها رجال المقاومة الفلسطينية من شأنها أن ترجح الكفّة لصالح المقاومة في أي مفاوضات سياسية قادمة لوقف هذا العدوان.
وعلى خط مواز، وجهت المقاومة لطمة قوية لمغامرات إسرائيل الجنونية، فلم تفق بعد من صدمة العملية التي تعرضت لها في السابع من أكتوبر الماضي، كما أنها تتعرض لإطلاق الصواريخ المستمر وخسائر جيشها في ارتفاع، فالثمن الذي دفعه ويدفعه الاحتلال الصهيوني كبير جداً بكل المقاييس، إذ فقدَ الاحتلال توازنه وعقله، وتكبد خسائر فادحة، بشرياً، واقتصادياً، وسياسياً، وعسكرياً، فقد قتل المئات وجرح الآلاف وأسر العشرات من جنود الاحتلال، وأجبر الاحتلال على إجلاء عشرات الآلاف من سكان المغتصبات.
على الصعيد الاقتصادي هناك خسائر بمليارات الدولارات، نتيجة تدهور قيمة الشيكل، وتوقف حركة الطيران، والشلل التام في القطاع السياحي، والخسائر الجسيمة في البورصة، وخسائر في قطاع الطاقة، بالإضافة إلى التكاليف المباشرة للحرب. وبالتالي ستصبح إسرائيل في المرحلة المقبلة عبئاً اقتصادياً وسياسياً على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى الغرب المنهك اقتصادياً من خلال دعمه لأوكرانيا والمليارات التي أنفقها على تسلحيها.
أما على الصعيد السياسي، فقد تعرضت الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو لضربة موجعة ستؤثر حتماً على مستقبله السياسي، فقد أظهر استطلاع للرأي أن 80% من الإسرائيليين يحملون نتنياهو المسؤولية عن التقصير في توفير الحماية لمغتصبات غلاف غزة،وعسكرياً تعرض جيش الاحتلال لهزيمة عسكرية مذلة على أيدي المقاومة الفلسطينية.
مجملاً، وعلى الرغم من أن إسرائيل وبعض حلفائها يضعون الإستراتيجيات والمخططات للوصول الى أهدافهم، ولكن ما أكثر هذه المخططات التي اصطدمت بإرادة الشعب الفلسطيني وتكسرت على صخرة مقاومته، وأثبت رجال المقاومة أن غزة تعبر المستحيل، ومهما اشتدت المصائب عليها لا تتأثر بل تخرج منها أقوى وأكثر إصراراً وعزيمة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
وباختصار شديد إن إسرائيل تلعب بالنار، ولكنها نار مختلفة هذه المرة وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، وأمريكا حليفة إسرائيل كعادتها دائماً تهرب من المنطقة إذا وجدت إن الخسارة كبيرة، هكذا فعلت في الصومال والعراق، وهكذا ستفعل في غزة، والمأمول آن تدرك إسرائيل حجم مغامرتها اليائسة في غزة، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع الفلسطيني.
بكلمة أخرى، يمكننا القول، إن الحرب على فلسطين دخلت مرحلة جديدة ستكون غزة هي بوابة النصر، وما هي إلا محطة جديدة من محطات النصر الفلسطيني المستمر والذي يبعث برسائل ساخنة لإسرائيل وكل من يقف وراءها بأن الإنتصار النهائي قاب قوسين أو ادنى سيحققه رجال المقاومة، ولسان حالهم يقول: سننتصر رُغماً عن النصر ذاته.
ونختم بالقول، إنها غزة، وستظل دائماً رغم أنف كل حاقد أو حاسد وستظل دائماً فوق الجميع وللجميع، بالتالي من مصلحة الجميع أن تنهض غزة وتتعافى كي تمارس دورها لإحباط كل المخططات التي تمهد الطريق لإعادة الهيمنة على منطقتنا العربية.