كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

بمناسبة ميلاد المسيح.. المجوس وسوريو البادية (العرب)

الدكتور إليان مسعد- فينكس

يقول أشعيا النبي وقبل ستة قرون عن تاريخ ولادة المسيح (ف60 ع6): "كثرة الإبل تغشاك وبكران مديان وعيفة و كلهم من شبأ يأتون حاملين ذهباً ولباناً يبشّرون بتسابيح الرب"، كما وسبق داؤد فقال بالمزامير (مز 71): "ملوك سبأ يقربون له العطايا"و يؤدون إله من ذهب شبأ". فإن مديان وعيفة وشبأ كلها تدل على قبائل و نواحي العرب.

و كذلك تدل أيضاً الهدايا والألطاف التي قدّمها هؤلاء المجوس للمسيح، أي الذهب واللبان والمر وكلّها من المنتجات المعروفة في بلاد العرب.
فذهب العرب بنواحيها كان مشهوراً، وتنبأ داؤد بتقدمته للمسيح (مزمور - 71) فقال: "يؤدون إله من ذهب شبأ". أما اللبان والمرّ فلا يكادان يستخرجان من غير جزيرة العرب فيتّجر بها أهلها كلها، وشهد على ذلك قدماء الكتبة بسفر التكوين (37:25). ثم يؤيد هذا الرأي قول المجوس في الإنجيل لهيرودس بأنهم رأوا نجم المسيح في الشرق فأتوا ليسجدوا له. فقولهم "في الشرق" يدلّ على البادية السورية بين الشام والعراق (بلاد العرب) بحسب الحوليات الآشورية وهم المعنيون أكثر من سواهم لوقوعها شرقي فلسطين، فضلاً عن أن سكان البادية السورية (العرب) يعرفون بالأسفار المقدّسة ببني الشرق و بالآرامية وبالعبرانية أيضاً بالمعنى نفسه، بل شاع هذا الاسم عند الرومان واليونان.
ووزد على ذلك أنّ النجم الذي رآه المجوس هو الكوكب الذي سبق وأنبأهم به العراف بلعام الارامي الساكن في مشارف مؤاب (شرق الاردن) (سفر العدد 24:17) لما قال: "أنه سيطلع كوكب من يعقوب ويقوم صولجان من اسرائيل". وهناك نص محفور على حجر بالمنطقة النبطية وبالحرف الارامي القديم عن نبؤة بلعام، فتحققت النبوءة التي تنبأ بها بلعام فقد تناقل العرب نبوءته أباً عن جد و ابناً عن أب، وراقبوا كوكبه حتى رأوه.
ولا بأس من كون هؤلاء القادمين إلى مهد المسيح يدعون مجوساً أيضاً. فإن هذا الاسم كان يطلق عند الآراميين و العبرانيين على حكماء الشرق عموماً وفلكيي وعرافي وحكماء بابل ومنطقتها، وكذلك اطلق الفرس التسمية نفسها على ذات الطبقة، وكثيراً ما أثنى كتاب العهد القديم على حكمه سكان البادية السورية (العرب) في سفر أيوب وسفر الملوك الثالث (30:4) وسفر باروك (23:3).
وقد شهد كتبة اليونان بأنّ فيثاغورث الفيلسوف رحل إلى بلاد العرب ليأخذ الحكمة عن أهلها. بل صرّح بلينيوس بأن بادية الشام وسوريا الجنوبية (بلاد العرب) كانت بلاد المجوس، وأما بولس الرسول و بعد اهتدائه بدمشق فقد صرح وأكد بنفسه اختفاءه للتامل بسوريا الصخرية أو سوريا العربية (سيريا روكا أو سيريا ارابيكا)، وذلك قبل انطلاقته الشهيرة للتبشير بروما فقصته معروفة وسبق أن تناولتها في مقال سابق.