جائزة فلسطين العالمية للآداب.. ثورة فكرية افتقدناها لعقود
2024.10.31
فاطمة حاكمي- الجزائر- فينكس
كان و مازال الأدب التحرري الجسر الذي يعبُر دون جواز سفر إلى المشاعر الإنسانية الحيّة، فيجعلها تتوهجُ و تتعاطف أو تندد و تقاوم، ويوقظ تلك المشاعر النائمة فيجعلها تنبضُ من جديد، بل و يفضحُ ممارسات المُحتل فتدونها الأشعار والروايات، فتصبح حقيقة تاريخية لا يمكن تزييفها..
إنّ تنظيم الفعاليات الأدبية حول القضية الفلسطينية، والجرح العربي ينزف وجعًا ويصرخ ألمًا مع ما يجري في فلسطين، سيشكل لا محالة وعيّا قوميا حول القضية، ومؤشرا إيجابيا لنهضة أدبية وثورة فكرية افتقدناها لعقود من شأنها أن تُحرك الضمير العالمي والعربي الإسلامي الذي استولى على حكامه الخضوع والتطبيع وعلى اغلب شعوبه التشتت والإكتفاء بدور المتفرِج.... رغم مشاعر الألم و التعاطف.
ليس من قبيل المزايدة أن نُصنِّف الفعاليات الأدبية بمختلف تشعباتها ومحاورها.. بأنها تضاهي في تأثيرها وعنفوانها وبلاغتها قوة السلاح... ألم تقم الثورة الفلسطينية على أكتاف الأدباء!؟
إن الأدب التحرري الذّي حمل على عاتقه نُصرة القضية الفلسطينية منذ أن استباح العدو المكان و الانسان ، لم يبق مجرد أدب لتعبئة الشعوب وشحذ الهمم والعزائم، بل تعدى ذلك الى كونه أصبح وسيلة ذات مصداقية لتوثيق جرائم الاحتلال صوتا و صورة، شعرا و نثرا، رواية و مسرحية حتى تكون شاهد عيان للأجيال القادمة دون تدليس او تقزيم لما وصلت إليه الهمجية الصهيونية من إبادة وقمع... بل أن الأدب اليوم استطاع ان ينقل هموم الانسان الفلسطيني من قلب الوجع و من ساحة المعارك رغم محاولة التعتيم التي هزمتها الوسائل التكنولوجية التي طالما شكل غيابها العقود الماضية تدليس الحقائق وتزييفها.
ولعل الأدب الذي حمل لواءه أدباء فلسطين؛ لهو الأصدق تصويرا والأقوى تأثيرا لأنه تفجّر من قرائح هزتها أبشع جرائم التنكيل والترويع... والتهجير والإبادة... كتاب "شهادات على جدران حبيبتي غزة " للروائي "يسري غول" من مواليد غزة 1980.. و الذي صدر حديثا بعد عام من طوفان الأقصى، يعتبر واحدا من الأعمال الأدبية التي وثّقت بأسلوب رائع أثار الإحتلال و أفعاله.. ضد الحياة الإنسانية في غزة الجريحة.
أيام تفصلنا على تظاهرة جائزة فلسطين العالمية للآداب في دورتها الثانية، هذه الفعالية تكتسي أهمية بالغة سيما في هذا الظرف العصيب الذي تمرّ به فلسطين.. فقرائح الشعراء والكتاب ستكون في الموعد لتُعري وتفضح جرائم العدو وترفع المعنويات وتبرز اللحمة الإنسانية وليست العربية فقط اتجاه القضية الفلسطينية... قد لا تهم الجوائز في جانبها المادي بقدر ما تهم المشاركات التي ستكون ضربة موجعة للعدو، فثورة القلم على مرّ التاريخ شكلت أعتى مقاومة و اشرس سلاح من شأنه من يرهب الأعداء.. فثورة القلم كانت يوما ما صوت المقهورين على لسان درويش الذي صرخ بأعلى صوته:
حاصر حصارك لا مفر.. سقطت ذراعك فالتقطها.... أو كما زعزع نزار كيان الكيان في قصيدته: لن تجعلوا من شعبنا شعب هنود حمر... فنحن باقون هنا.... أو كما صدحت مناضلة القلم الثائرة الفلسطينية "فدوى طوقان في قصيدتها:
اختاه هذا العيد قد رف سناهُ في روح الوجود.... وهي تواسي تلك الطفلة يوم العيد..
هذه الفعاليات الأدبية هي صرخة ألم في زمن خرست فيه ألسنة الساسة العرب، فكان لابد للقلم أن يقول كلمته و ما شهداء الكلمة والمنفيون و المهجرون من الأوطان؛ إلا دليلا على الضربة الموجعة التي تخطها الأقلام الثائرة فيهتزُّ جبروت العدو إذانا بيوم الرحيل الأبدي..