كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

عندما كنا عرباً

إيميلو غونزاليس فيرين
ترجمة بشّار عباس
كتاب "عندما كنا عرباً" لمؤلفه إيميلو غونزاليس فيرين، أحدث انعطافة في دراسة التاريخ الإسباني، لأنّه يساهم في نشر مصلحة اجتماعيّة وتاريخيّة في إسبانيا: أولاً استعادة محور كامل من التاريخ الإسباني، وثانياً التعامل مع الإسلام على محمل الجد وفهمه في إطاره الصحيح، وبالتالي تحريره من المناقشات التي يشارك فيه كل من هبّ ودب دون أن يكون له علم بالموضوع.
سواء في كتابه "قصة الأندلس" (2006 Almuzara) أو في كتابه الأخير الصادر عن دار النشر نفسها "عندما كنّاً عرباً" (2018)، يقول فيرين إن حوض البحر المتوسط كان في لبَّ عملية من الاستشراق بدأت بجذورٍ يهودية مسيحية، أولاً، واستمرت، فيما بعد، بطابعٍ إسلاميٍّ واضح. ضمن هذا السياق، يبدو نوعاً من السخف، إذاً، تحديد العام 711 كتاريخ رئيسي للحديث عن غزو عسكري ذي أبعادٍ دينية، لقد كانت عملية تعريب بطيئة انتشرت في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط بسبب سلسلة من حركات الهجرة المستمرة.
وعمل فيرين على إبراز حقيقة تاريخيّة مفادها أنَّ المسلمين لم يغزوا الأندلس بهدف بناء خلافة إسلاميّة "فمن يريد أن يفهم تاريخ منطقة البحر المتوسط يجب عليه أن يعرف أنَّ الفتوحات الإسلامية آنذاك لم تكن شيئاً غريباً أو "خارجياً" عن تلك المنطقة، كما أنها لم تفرض نفسها بعنف وقوة، بل كانت ضمن بنية التركيبة الداخلية للمنطقة، وبالتالي إنَّ الأندلس ليست ثمرة غزوٍ دينيٍّ أو حرب مقدسة، بل هي نتيجة عملية بطيئة من التّغيُّرات والتطوارت العامة الشائعة آنذاك في محيط البحر المتوسط بأكمله، تعززت في شبه الجزيرة الإيبيرية بسبب انهيار المملكة القوطية" يؤكد فيرين بحيادية باحث قضى نصف عمره في دراسة الإسلام.

ويقول الكاتب: من هنا كان لا بدَّ من الدفاع عن الأندلس كرمز حضاري وكنواة تاريخية تجسّد حركيَّة الخروج من الذات نحو لقاء شخص آخر أو شيء آخر. وفي هذا الخروج لا تضيع الذات في هذا الغريب بل تتغيّر وتتجدد. بهذا المعنى يجب أن تبقى الأندلس، تماماً كالكلمة التي ابتكرتها: الموشّح. أي مزيجاً من عناصر مختلفة مؤتلفة، عديدة واحدة، إنسانياً، ثقافياً، حضارياً وتاريخياً.