كــــــلــــمة و رؤيــــــــا

مجلس عزاء (للزميلة لينا ديوب)

سلوى عباس

حين يورق ليلنا سهداً وأحلاماً عصية، يتوقف العمر على حافة لحظة نبدو في انشغالنا اليومي كما نواة متخشبة أرعشتها بلّة من ماء الروح، فانبعث في خاصرتها برعم مخضوضر بالحياة دون أن نتوقف بُرهة لننظر أين نحن، خاصة وأننا كصحفيين تتطلب مهنتنا الشاقة والممتعة المتابعة المستمرة لما يجري من أحداث وقضايا تهمّ الناس، على اعتبار أننا نمثل صوتهم في طرح مشاكلهم فنقضي النهار في البحث والاستقصاء، وفي الليل نركن إلى أوراقنا حيث تشرد أقلامنا في صفاء الورق تعكر نقاءه البارد، وتعطي للون الحبر قيمته، لكن ماذا عن الغياب وقد فقدنا خلال مسيرتنا الصحفية الطويلة الكثير من الزملاء الذين تقاسمنا معهم رغيف الحياة بحلوها ومرها، وكل غياب كان يأخذنا من هدأة بالنا ويزرع فينا قلقه.
هكذا يغادرنا زملاء وأصدقاء وأحبة دونما التفاتة وداع تاركين وراءهم ذكريات الأمس والكثير من الحياة التي كانت تنتظر أن يزينوها بربيع أمانيهم، فبالأمس كانت الزميلة الصحفية "لينا ديوب" الممتلئة بالحياة والأحلام تنثر ضحكاتها في كل مكان تتواجد فيه، تتحدى مرضها ووجعها لتثبت أنها الأقوى وأنها تستحق الحياة، لكن القدر يبقينا أسرى أحكامه، ويترك الظلال تنداح في حلكة وسديم من رماد.
رحلت "لينا" وتركت مشاعر الجميع من أهل وأصدقاء وزملاء منثورة بين حنينهم إليها وخطوة أخرى في غير اتجاهها لا أرض تحمل حزنهم ولا سماء، لكن ما أود التوقف عنده هو تلك اللفتة الجميلة من زملائها بإقامة مجلس عزاء للزميلة "لينا" في مقر صحيفة الثورة غداً الأربعاء ليتسنى لهم الوقت بتقديم العزاء بها ومواساة أنفسهم بفقدها، وهذا حقها على مؤسستها التي أعطتها من روحها وفكرها الكثير، فكم هو جميل هذا الحب الذي يبادلونها إياه وفاء لزمالتهم لها ولسنوات قضتها تعمل بقناعة ومهنية يشهد لها الكثيرون بها، فشكراً للزملاء في مؤسسة الوحدة وصحيفة الثورة على هذه المبادرة التي نتمنى أن تصبح تقليداً في كل المؤسسات الإعلامية وغيرها، لأنه ليس أجمل من أن يكرّم المجتهد على اجتهاده ووفائه لنفسه وعمله ولو بـ"مجلس عزاء"، وهذا أضعف الإيمان، فلروح الزميلة "لينا" السكينة والسلام والعزاء والصبر لقلوب أهلها وأحبابها.